مواجهة تهديدات الحوثيين تضع الغرب أمام 3 خيارات صعبة

التكلفة الباهظة لمواجهة تهديدات الحوثيين تضع الغرب أمام 3 خيارات

آية سيد
مواجهة تهديدات الحوثيين تضع الغرب أمام 3 خيارات صعبة

بحفنة من الصواريخ والمسيّرات، نجح الحوثيون في تعريض واحد من أهم شرايين الاقتصاد العالمي للخطر. فهل ينجح الغرب في مواجهتهم؟


أعلنت الولايات المتحدة عن إطلاق عملية “حارس الازدهار“، وهي ائتلاف بحري لحماية سفن الشحن التجاري من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

لكن الزميل بمؤسسة “بروكنجز”، بروس جونز، نوّه إلى أن مواجهة تهديدات الحوثيين ستضع الغرب أمام 3 خيارات، يحمل كل واحد منها سلبيات خطيرة.

إطلاق حارس الازدهار

في تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، أمس الأربعاء 20 ديسمبر 2023، أشار جونز إلى أن هجمات الحوثيين تحولت من هجمات شبه موجهة إلى السفن المرتبطة اسميًا بإسرائيل إلى هجمات أكثر عشوائية.

وهذا دفع أهم شركات شحن في العالم إلى وقف مرور سفنها عبر مضيق باب المندب خشية خسارة الأرواح أو تكبد أضرار، وعليه أطلقت الولايات المتحدة عملية “حارس الازدهار“، التي انضمت إليها رسميًا 9 دول حتى الآن.

إنفوجراف| ما هي قوة حارس الازدهار التي شكلتها أمريكا في البحر الأحمر؟

إنفوجراف| ما هي قوة حارس الازدهار التي شكلتها أمريكا في البحر الأحمر؟

وحسب المحلل، شاركت بعض الدول بإسهامات متواضعة، مثل كندا، التي أرسلت 3 ضباط أركان، ولم ترسل سفنًا حتى الآن. كما أوردت تقارير أن بعض الدول وافقت سرًا على المشاركة. وعلى سبيل المثال، تسهم الهند، التي ليست جزءًا من الائتلاف، بسفينتين.

معركة غير متكافئة

تمتلك الولايات المتحدة وفرنسا قواعد في جيبوتي، لاستعراض القوة في البحر الأحمر، وانضمت إليهما مؤخرًا اليابان والصين. وكذلك يعمل الاتحاد الأوروبي من القاعدة الفرنسية لدعم “عملية أتلانتا”، التي تكافح القرصنة وتحمي التجارة في خليج عدن.

إلا أن المعركة الحالية غير متكافئة، وفق جونز، لأن الحوثيين نجحوا في تعريض واحد من أهم شرايين الاقتصاد العالمي للخطر، بحفنة من الصواريخ والمسيّرات. وعدم التكافئ هذا جعل قدرًا كبيرًا من النقاش يركز على تكلفة المسيّرات مقابل تكلفة الصواريخ المستخدمة لحماية السفن.

ولفت المحلل إلى هذا المعيار خطأ، لأنه ينبغي حساب تكلفة الصاروخ مقابل تكلفة الهدف. فإذا نجح هجوم المسيّرات، قد يدمر سفينة تساوي ما يصل إلى 50 مليون دولار وتحمل بضائع تجارية بقيمة تُقدّر بـ500 مليون دولار.

المشكلة الحقيقية

حسب جونز، السفن الرئيسة المستخدمة في هذه العمليات، وهي مدمرات أمريكية من فئة أرلي بيرك ومدمرات بريطانية من فئة دارينج، تُبحر بترسانة تحمل 60 صاروخًا تقريبًا، وهي مفيدة في إسقاط الصواريخ أو المسيّرات.

مواجهة تهديدات الحوثيين تضع الغرب أمام 3 خيارات صعبة

مراكب للحوثيين ترافق سفينة جالاكسي ليدر

لكن بالوتيرة التي يهاجم بها الحوثيون، ستستهلك السفينة الواحدة كل أسلحتها ذات الصلة في غضون بضعة أسابيع، وستحتاج إلى استبدالها، لأنه لا يمكن إعادة تزويدها في البحر.

وإذا استمرت هجمات الحوثيين بنفس الوتيرة، وحصلوا على إمداد ثابت من المسيّرات والصواريخ، حذر جونز أن تكلفة الحفاظ على عملية مرافقة السفن، بما في ذلك تكلفة تشغيل السفن على مسافة بعيدة، سترتفع سريعًا إلى عشرات المليارات.

3 خيارات

هذا يضع الغرب أمام 3 خيارات، كل واحد منهم له سلبيات خطيرة، وفق المحلل. الخيار الأول هو تغيير مسار سفن الشحن، وفي الوقت الحالي، حتى تجميع قوة المهام، تغير شركات الشحن مسار السفن من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح.

لكن هذا سيزيد وقت العبور من الموانئ الآسيوية إلى الموانئ الأوروبية 60% تقريبًا، وسيزيد تكلفة الوقود، وسيعرقل الإنتاج في الوقت المحدد. وبينما يُعد هذا خيارًا مقبولًا لأسبوع أو اثنين، فإن أي تعطيل لوقت أطول في سلاسل الإمداد البحرية العالمية سيكون خطيرًا.

الهجوم المباشر

الخيار الثاني الذي طرحه جونز هو مهاجمة الصواريخ والمسيّرات من المنبع، إما للقضاء على الأسلحة أو لردع الهجمات، لكن من الصعب تحقيق ذلك، لأنه من السهل على الحوثيين الاختباء وإخفاء مخزون من المسيّرات والصواريخ عن الاستهداف الأمريكي.

وهكذا، فإن أي هجوم من المجموعات الضاربة لحاملتي الطائرات الأمريكية في المياه القريبة يجب أن يكون واسع النطاق ومن المرجح أن تفوّت بعض مخابئ الأسلحة.

مواجهة تهديدات الحوثيين تضع الغرب أمام 3 خيارات صعبة

مدمرة أمريكية

لكن المحلل استبعد أن يردع ذلك إيران، الداعم الرئيس للحوثيين، ما يجعل الخطوة المنطقية التالية هي مهاجمة إيران نفسها، لكن هذا يحمل مخاطرة كبرى بالتصعيد في الوقت الذي تصارع إسرائيل مع تهديد الصواريخ من حزب الله على حدودها الشمالية مع لبنان.

توسيع الائتلاف

رأى المحلل أن الخيار الثالث هو توسيع الائتلاف. وحتى الآن ، لم تنضم ألمانيا، بسبب المطالب المتزايدة على وجود بحريتها المتواضعة في مياه شمال أوروبا، حيث يستعرض الروس عضلاتهم تحت سطح البحر، وأستراليا رفضت الانضمام بحُجة أن قدرتها البحرية المتواضعة تعمل بنحو أفضل في غرب الباسيفيك.

وأشار جونز إلى أن اليابان قد تساهم، بسبب امتلاكها قاعدة في جيبوتي، وتُعد الصين أحد المساهمين المحتملين، لأنها تمتلك قاعدة قريبة ولديها سجل طويل من المساهمة في عمليات مكافحة القرصنة في الخليج الهندي.

ورطة محتملة

لكن انضمام الصين يضع الغرب في ورطة، لأنه سيتعين عليه الاختيار بين دفع ثمن حماية التجارة البحرية العالمية، التي تُعد الصين أكبر مصدر لها وربما أكبر مُستفيد، أو المساعدة في تسهيل قدرة الصين المُتنامية على استعراض القوة البحرية في أعالي البحار.

ولفت جونز إلى وجود تناقض عميق بين حقيقة العولمة، التي تعتمد بشدة على التجارة البحرية والصين، وحقيقة المنافسة الجيوسياسية، التي تظهر فيها القوة البحرية كبُعد أساسي.

ربما يعجبك أيضا