اللواء محمد عبدالواحد لـ«رؤية»: انقلاب النيجر يعكس ضعف النفوذ الفرنسي (2-2)

آية سيد
خبير عسكري لـ«رؤية»: انقلاب النيجر إنذار خطر للنفوذ الغربي والفرنسي (2-2)

في تصريحات خاصة لشبكة رؤية الإخبارية، رأى اللواء محمد عبدالواحد أن انقلاب النيجر جزء من صراع النفوذ في المنطقة، ويمثل خسارة جديدة لفرنسا والغرب.


في الجزء الثاني من التصريحات الخاصة لمتخصص الشؤون الإفريقية، اللواء محمد عبدالواحد، لـ “شبكة رؤية الإخبارية” واصل استقراء ما يحدث في النيجر.

وأشار اللواء المصري المتقاعد إلى أن النفوذ الفرنسي في منطقة غرب ووسط إفريقيا تراجع بشدة في الفترة السابقة لصالح النفوذ الروسي، مشيرًا إلى أن باريس أصبحت ضعيفة في القارة.

الجزء الأول من المداخلة : خبير عسكري لـ«رؤية»: انقلاب النيجر إنذار خطر للنفوذ الغربي والفرنسي (1-2)

نفوذ فرنسا في غرب إفريقيا

استعمرت فرنسا المنطقة لأكثر من قرن، ووضعت نموذج للدولة الوطنية، وفرضت التعددية السياسية، وتحدثت عن الديمقراطية، وشكلت مؤسسات هذه الدولة، ونصبت نفسها حامية للديمقراطية في غرب إفريقيا، وفق ما أوضح اللواء عبدالواحد.

وقال، في تصريحاته لـ”رؤية”، إنه “بعد التحرر الوطني، ظلت فرنسا تتحكم في شؤون أغلب الدول الإفريقية لعقود طويلة، لدرجة أن الكثيرين كانوا يقولون إن فرنسا ترفض قطع الحبل السري ما بين الأم والابن، الذي ظل مرتبطًا حتى الآن”.

اقرأ أيضًا| بعد انقلاب النيجر.. لماذا تخشى فرنسا زيادة النفوذ الروسي بإفريقيا؟

سيطرة سياسية واقتصادية

أضاف اللواء عبدالواحد أن فرنسا تدخلت عسكريًّا في بعض الدول، مثل مالي في 2013، لمواجهة هجمات تنظيم القاعدة، تحت مسمى حماية الديمقراطية. وتتدخل دائمًا لتنصيب رؤساء الجمهوريات، ليكونوا تابعين لها، حتى تتمكن بعدها من الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، من خلال شركاتها الكبيرة والمتوسطة العاملة في إفريقيا.

وكانت فرنسا تتعامل مع الدول التي احتلتها بعملة الفرانك الإفريقي (فرانك CFA)، وكانت الدول تخضع لتحكم البنك المركزي الفرنسي. وأوضح اللواء عبدالواحد أن تلك الدول لا تزال تتحدث باللغة الفرنسية، التي يعتبرها البعض أحد وسائل السيطرة.

تراجع النفوذ الفرنسي

قال اللواء عبدالواحد إن فرنسا “أصبحت ضعيفة، وتراجع نفوذها، وباتت مصالحها مهددة، وهو ما تؤكده النخب الفرنسية المهتمة بالشأن السياسي، وكذلك النخب الإفريقية، التي أكدت على تراجع الدور الفرنسي وتأثيره في مستقبل العلاقات الفرنسية الإفريقية”.

وأشار إلى أن هذا الموضوع جدلي، ويستحوذ على مساحة واسعة من النقاش داخل النخب الفرنسية والإفريقية. وكذلك تناوله الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في أكثر من خطاب. وأوضح اللواء عبد الواحد أن ماكرون، في بداية هذا العام، زار 4 دول إفريقية، الجابون وأنجولا والكونجو الديمقراطية والكونجو برازافيل.

وكانت الجابون والكونجو برازافيل تحت الاحتلال الفرنسي، والكونجو الديمقراطية تحت الاحتلال البلجيكي، وأنجولا تحت الاحتلال البرتغالي. وهكذا، كانت زيارة ماكرون متنوعة.

أزمة في العلاقات

اتسم خطاب ماكرون بالوضوح والشفافية، وأكد وجود أزمة تعيشها العلاقات بين فرنسا وإفريقيا، وهذا يمثل اعترافًا رسميًّا، من وجهة نظر اللواء عبدالواحد، عندما قال ماكرون إنه توجد أزمة تشهدها علاقة فرنسا وعدد من الدول الإفريقية، وقال إن الماضي الاستعماري لا تزال له آثار في عقلية الشعوب الإفريقية، خاصة الجيل الجديد.

وقال اللواء عبدالواحد إن فرنسا لها أخطاء في التعامل مع القارة الإفريقية، هذا لأنها تتعامل ببراجماتية شديدة جدًا، ودائمًا ما تبحث عن مصالحها فقط، سواء الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، لدرجة أن القواعد العسكرية في هذه المنطقة موجودة لحماية مصالحها الاقتصادية، وليس لمكافحة الإرهاب كما تتدعي.

عوامل متعددة

أوضح اللواء عبدالواحد أن السياسة الخارجية الفرنسية تجاه المستعمرات القديمة لم تعد مناسبة للوقت الحالي، لافتًا إلى وجود عوامل كثيرة لهذا، منها وجود منافسين جدد، مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران وإسرائيل والصين، الذين يملكون أدوات أكثر تقدمًا وأكثر جذبًا لهذه الدول.

وكذلك أصبح الخطاب السياسي المعادي لفرنسا في المنطقة مرتفعًا للغاية، وقد يغذيه الداخل بسبب ارتفاع نسبة الشباب في دول تلك المنطقة، الذي أصبح يمثل 70% من عدد السكان، وهؤلاء الشباب لا يملكون علاقات قديمة مع فرنسا ورافضين للهيمنة الاستعمارية، ويُطلق عليهم “القيادات الجدد”.

اقرأ أيضًا| خبير علاقات دولية لـ«رؤية»: 3 عوامل تحدد مصير رئيس النيجر

تنامي الكراهية

إضافة إلى هذا، أدت التدخلات الخارجية، وتفاعلاتها مع الداخل، إلى وجود كراهية في الشارع الإفريقي للوجود الفرنسي، وتتمثل في مظاهرات منددة بالوجود الفرنسي، ووسوم (هاشتاج) على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن إفريقيا تتحدث أفضل بدون فرنسا، وفق اللواء عبدالواحد.

ومن ضمن العوامل أيضًا، أطماع فرنسا الواضحة في الموارد المعدنية والثروة الإفريقية للاستحواذ عليها بدون شراكات، والإصرار على أن يكون لها عملاء من النخب الحاكمة. وكل هذه النخب لديها أسهم في الشركات الفرنسية المستحوذة على هذه الثروات، وهكذا فهي مستفيدة.

التدخل في الشؤون الداخلية

أضاف اللواء عبدالواحد أن فرنسا تتدخل في الشؤون الداخلية بقوة وعنف، مثلما ظهر في موقفها من الانقلاب الأخير في النيجر، لافتًا إلى أن فرنسا لديها أيضًا ازدواجية في المعايير في ما يتعلق بالديمقراطية.

وأوضح أنه بعد وفاة إدريس ديبي في تشاد، كان من المفترض أن تذهب الرئاسة إلى رئيس البرلمان طبقًا للدستور، لكنها نقلتها سريعًا إلى محمد إدريس ديبي، وهذه تُعد ازدواجية في المعايير.

وظهرت الازدواجية أيضًا في التعامل مع انقلاب غينيا، وهذه الازدواجية تتسبب في كراهية شديدة من الشارع الإفريقي للوجود الفرنسي.

ربما يعجبك أيضا