اليوم التالي لحرب غزة.. ماذا في جعبة إسرائيل وواشنطن لمستقبل القطاع؟

سيناريوهات عدة تنتظر قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية

شروق صبري
غزة

نظراً لغياب نهاية واضحة، لم يكن واضحا ما سيحدث بعد توقف القنابل عن السقوط على غزة، فهل توجد حلول فعلية لإنهاء هذا الصراع؟


بعد 10 أسابيع من شن حرب وحشية على غزة، ما زال قادة إسرائيل يصرون على أن حملتهم العسكرية سوف تمضي قدمًا حتى القضاء على حماس.

ورغم تأكيداتهم على الاستمرار حتى النهاية، إلا أنهم لم يوضحوا حتى الآن ما الذي سيعنيه ذلك على أرض الواقع لملء فراغ في القطاع بعد نهاية حماس، وتتراوح سيناريوهات “ما بعد حرب غزة” المطروحة بين الوصاية العربية على غزة إلى الدعوات الصريحة، وأغلبها من الإسرائيليين، لترحيل أغلب أو كل سكان غزة، فما المتوقع أن يحدث؟

التاريخ يعيد نفسه

قالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، اليوم الاثنين 18 ديسمبر 2023، إن  الأحداث التي تتكشف في غزة منذ 7 أكتوبر هي ذات طبيعة تاريخية، مثل اللحظات الكارثية الأخرى في التاريخ الفلسطيني، على غرار نكبة عام 1948، التي راح ضحيتها حوالي 800 ألف فلسطيني، أي حوالي ثلثي سكان فلسطين العرب أثناء الانتداب البريطاني.و

وأُجبر حينها  السكان على ترك منازلهم وكذلك حرب عام 1967، عندما احتلت إسرائيل على الأجزاء المتبقية من فلسطين التاريخية والضفة الغربية وقطاع غزة، وطردت 300 ألف فلسطيني من منازلهم. ومثلما حدث في عامي 1948 و1967، فمن المرجح أن تغير الحرب الحالية في غزة مسار السياسة الفلسطينية بطرق من المستحيل التنبؤ بها.

خطط أمريكية لما بعد حرب غزة

وضعت إدارة بايدن معايير “اليوم التالي” الخاصة بها، والتي تستبعد، التهجير القسري للفلسطينيين من غزة أو إعادة احتلال إسرائيل للقطاع. بالإضافة إلى ذلك، قالت الإدارة إنها تريد رؤية عودة السلطة الفلسطينية، إلى غزة، وعلى النقيض من السنوات الثلاث الماضية، الآن تقول إنها جادة بشأن عملية سياسية تتوج بحل الدولتين، مع قيام دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل.

ومع ذلك، من المرجح أن تصطدم رؤية الإدارة المفعمة بالأمل ببعض الحقائق الصعبة، فمن ناحية، لا أحد يعرف متى أو كيف ستنتهي هذه الحرب، وما مساحة غزة وكم عدد سكان غزة الذين سيبقون عندما يتوقف القتال.

منع إقامة دولة فلسطينية

علاوة على ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة، ووعد بإبقاء القوات الإسرائيلية في القطاع إلى أجل غير مسمى، بما في ذلك وضع خطط لإنشاء “منطقة عازلة” دائمة داخل غزة من شأنها أن تزيد من تضييق الأراضي المتاحة للفلسطينيين، وأكد لشركائه في ائتلافه الحاكم أنه الزعيم الوحيد الذي يستطيع منع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

الأحداث على الأرض تتحرك بالفعل في اتجاهات خطيرة، من الصعب فهم الحجم الهائل للموت والدمار في غزة، ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد أدى الهجوم الإسرائيلي حتى الآن إلى مقتل نحو 19 ألفًا، معظمهم من المدنيين (بما في ذلك 8,200 طفل). وأدت العملية إلى تهجير أكثر من 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وجعلت معظم شمال غزة غير صالح للسكن.

إسرائيل تأمر بعمليات إخلاء جديدة في خان يونس بغزة بعد الفيتو الأمريكي

إسرائيل تأمر بعمليات إخلاء جديدة في خان يونس بغزة بعد الفيتو الأمريكي

قيود إسرائيلية

أدت القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على إمدادات الغذاء والماء والوقود لسكان غزة إلى تفشي الأمراض والجوع على نطاق واسع وما وصفته الأمم المتحدة بـ “كارثة إنسانية ملحمية”، بل إنها دفعت مسؤولي الأمم المتحدة والمراقبين الآخرين إلى إصدار تحذيرات من هذا الأمر، واحتمال الإبادة الجماعية.

علاوة على ذلك، فإن استخدام المجاعة الجماعية والمرض كسلاح، مع الانهيار شبه الكامل لنظام الرعاية الصحية في غزة والقصف المتواصل للسكان المحشورين في مساحات تتقلص باستمرار، يزيد من احتمالية تعرض بعض أو كل الفئات الضعيفة في غزة للخطر يومًا بعد يوم. وسيضطر السكان إلى عبور الحدود. وتتوافق مثل هذه النتيجة مع رغبة نتنياهو في رؤية “تقليص” عدد سكان غزة.

مستقبل غزة

وإلى جانب الحقائق التي تفرضها إسرائيل على الأرض، فإن مستقبل غزة سيعتمد أيضاً على التطورات داخل السياسة الفلسطينية الداخلية. إذ قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الفلسطينيين بحاجة إلى أن يكونوا “في مركز” المحادثات حول مستقبل غزة. ولكن لكي يحدث هذا، سيحتاجون إلى إحياء مؤسسات الحكم والأمن ، فكما هو وضح الآن، فإن الانقسام والركود الذي ابتليت به المؤسسات السياسية الفلسطينية على مدى السنوات الستة عشر الماضية كان كارثيا، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، بل بالنسبة للإسرائيليين والمنطقة أيضا.

حذر العديد من المحللين منذ فترة طويلة من أن الانقسام المنهك بين حماس وفتح ، أكبر فصيلين سياسيين فلسطينيين، أصبح مصدرًا دائمًا للعنف وعدم الاستقرار، ورغم أن الكثير من هذا الخلل السياسي الفلسطيني كان سببه ذاتيًا، فقد عملت إسرائيل بنشاط على تعزيز الضعف والانقسام بين الفلسطينيين للحفاظ على حكمهم غير المحدود على الأراضي المحتلة.

إطلاق النار في غزة

إطلاق النار في غزة

حلول لأزمة غزة

سعى نتنياهو لدعم حماس في غزة لمنع التوصل إلى حل الدولتين في نهاية المطاف. وقد وضعت أحداث 7 أكتوبر نهاية لهذه السياسة. ولذلك فإن أي مناقشة حول “اليوم التالي” يجب أن تقوم على تشجيع ظهور قيادة سياسية فلسطينية موحدة ومتماسكة. وسوف يكون لزاماً على الزعماء الفلسطينيين أن ينحوا جانباً التزاماتهم الحزبية، كما يتعين على إسرائيل والولايات المتحدة أن تتخلى عن الفكرة غير الواقعية على الإطلاق والتي تتلخص في إمكانية استبعاد حماس إلى الأبد من السياسة الفلسطينية.

إن إقناع الفلسطينيين أو إسرائيل وحلفائها الأمريكيين بالقيام بذلك لن يكون سهلاً. ولكن إذا فشلوا في تقديم هذه التسوية، فمن غير المرجح أن تتحسن الظروف الإنسانية والأمنية في غزة وستظل التسوية الدبلوماسية بعيدة المنال.

ربما يعجبك أيضا