بمساعدة إيران.. هل تنجح روسيا في الالتفاف على العقوبات الغربية؟

ولاء عدلان

التبادل التجاري بين إيران وروسيا شهد خلال العام الماضي نموًا قويًا بنسبة 81.7%، لتتجاوز قيمته 4 مليارات دولار.


وجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتمديد اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وإيران، خلال اجتماع المجلس الأعلى للاتحاد، 27 مايو 2022.

وتأتي هذه الدعوة في وقت تتخذ فيه روسيا خطوات عدة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع إيران، ضمن محاولاتها لتخفيف تداعيات العقوبات الغربية على خلفية الحرب في أوكرانيا، التي جعلتها تنافس على إيران باعتبارها الدولة الأكثر عزلة عن النظام الاقتصادي العالمي.

رغبة مشتركة

زار نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، خلال الأسبوع الماضي، طهران بغرض مد جسور التواصل بين البلدين، وشهدت الزيارة توقيع مذكرات تفاهم في مجالي الطاقة والتجارة، وقال نوفاك خلال مؤتمر صحفي مع وزير النفط الإيراني، جواد أوجي إن بلاده تسعى لزيادة التعاون الاقتصادي والتجاري والمصرفي مع إيران، وفق إيران إنترناشيونال.

واعتبر أوجي أن إيران وروسيا تخضعان لعقوبات “جائرة” يمكن تحييدها من خلال العمل معًا وتطوير العلاقات، موضحًا أن طهران وقعت مع موسكو اتفاقيات جيدة في مجالات النقل البري والشحن والطيران، وتتطلع إلى المزيد من التعاون في مجالات كالطاقة والصناعة والتجارة، وإلى رفع مستوى العلاقات التجارية مع موسكو بـ10 أضعاف إلى 40 مليار دولار سنويًّا.

هدف بـ10 مليارات دولار

أوضح ألكسندر نوفاك أن تجارة بلاده مع طهران قفزت بأكثر من 10% خلال الربع الأول من 2022، رغم الضغوط التي تعاني منها في إشارة إلى العقوبات الغربية، ومن جانبه تعهد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في يناير الماضي عقب زيارة إلى موسكو، بزيادة التجارة الثنائية بين البلدين إلى 10 مليارات دولار سنويًّا، وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع روسيا، وفق “طهران تايمز“.

وشهدت قيمة التبادل التجاري بين إيران وروسيا خلال العام الماضي نموًا قويًّا بنحو 81.7% لتتجاوز 4 مليارات دولار، وبلغت الصادرات الروسية إلى إيران نحو 3.07 مليار دولار مسجلة ارتفاعًا 2.2%، وفي المقابل زادت الواردات الإيرانية 21.4% إلى مستوى 967.3 مليون دولار، وخلال يناير الماضي وقعت الدولتان اتفاقًا لإزالة الحواجز التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادية.

مقايضة للالتفاف على العقوبات

قال وزير التجارة والصناعة الإيراني، رضا فاطمي أمين، خلال اجتماع للجنة التعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا في طهران، في 26 مايو، إن بلاده ستستخدم تجارة المقايضة مع روسيا لضمان إمدادات المواد الخام في قطاع المعادن والتعدين، موضحًا أن طهران تحتاج لاستيراد معادن خام مثل الزنك والرصاص والألومينا، للاستجابة للطلب المحلي المتزايد. وفق قناة “برس تي في“.

وأوضح أنه جرى الاتفاق مع موسكو على ترتيبات تتعلق بمقايضة بعض السلع بالصلب الروسي، ومنها قطع غيار السيارات وتوربينات الغاز، مشيرًا إلى أن بعض الشركات الإيرانية وقعت أخيرًا صفقات لتوريد أو إصلاح توربينات الغاز في محطات الطاقة الروسية، وفي المقابل قدمت موسكو للشركات الإيرانية قائمة بالمنتجات التي تحتاجها في صناعة السيارات وبناء السفن والصناعات الدوائية.

تعاون في وجه العقوبات

لا تخفي روسيا وكذلك إيران التي ظلت لنحو 45 عامًا تحت سيف العقوبات، ولا تزال تخضع لمجموعة من العقوبات الأمريكية والدولية على خلفية برنامجها النووي، سعيهما لتعزيز التعاون الثنائي بغرض مواجهة العقوبات.

وفي مارس الماضي، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال لقاء مع نظيره الإيراني إن موسكو ستتتخذ خطوات عملية مع إيران بهدف الالتفاف على العقوبات الغربية. وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن بلاده تعارض فرض عقوبات وإجراءات أحادية الجانب ضد موسكو.

وفي 20 مارس، قال المتحدث باسم الجمارك الإيرانية، روح الله لطيفي، إن روسيا يمكن أن تستفيد من تجربة إيران في مواجهة العقوبات، في إشارة إلى تجربة الالتفاف على العقوبات، مضيفًا “ينبغي أن تصبح إيران ممرًا لتلبية احتياجات روسيا”، وفق “إيران انترناشونال“.

العيش تحت وطأة العقوبات

قالت “واشنطن بوست” في تحليل نشرته بتاريخ 26 مايو 2022، إن الدوافع السياسية للغرب في فرضه  للعقوبات على روسيا مختلفة تمامًا عن تلك الخاصة بإيران، ولكن الأخيرة تقدم لموسكو نموذجًا للعيش تحت وطأة العقوبات والعزلة الدولية، ومع ذلك لا يزال أمام البلدين الكثير من الأمور المعلقة التي قد تحسم خلال الأشهر المقبلة في إشارة إلى محاولات إحياء الاتفاق النووي، ومسار السلام في أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن المحلل في شركة استشارات المخاطر العالمية “كونترول ريسكس”، كورماك ماكجاري، أن نحو 8% من ناقلات النفط حول العالم تحمل نفطًا غير مشروع، معظمه من إيران وفنزويلا، مضيفًا “يخبرنا التاريخ أن روسيا ستجد طرقًا للالتفاف على العقوبات، وستتعلم كيف تتعايش معها، وإيران خير مثال على ذلك”.

ربما يعجبك أيضا