في خطوة غير مسبوقة، أعلنت هيئة قناة بنما، صباح اليوم السبت 26 أغسطس 2023، عزمها تقييد حركة الملاحة لمدة عام كامل.

وأوضحت الهيئة أن القرار جاء بسبب الجفاف الذي خفض مستوى المياه اللازمة لتشغيل هذا الممر الحيوي للتجارة البحرية بين المحيطين الأطلسي والهادئ، بعد أسابيع من فرض إجراءات وقيود مشددة على السفن العابرة.

قناة بنما

الجفاف يعطل حركة 6% من التجارة العالمية

تعاني قناة بنما نقصًا في مياه الأمطار اللازمة لنقل السفن، عبر سلسلة من البوابات الضخمة التي تعمل بمثابة مصاعد مائية تتيح رفع السفن من جانبَي الهادئ والأطلسي إلى مستوى القناة، أو تُنزلها إلى مستوى البحر.

اقرأ أيضًا| نجاح أول عملية لتموين ناقلة حاويات بالوقود الأخضر في قناة السويس

ومنذ 30 يوليو 2023، عمدت هيئة القناة التي يمر عبرها 6% من حركة التجارة البحرية العالمية، إلى خفض عدد السفن التي يسمح لها بالعبور يوميًّا من 40 إلى 32.

اقرأ أيضًا| حقيقة تخفيف أحمال الكهرباء في مطار القاهرة.. الحكومة توضح

ودفع الجفاف، الذي زادته سوءًا ظاهرة “إل نينيو” المناخية، إدارة القناة للسماح بعبور سفن لا يتجاوز عمق هيكلها تحت سطح المياه 13,11 متر.

قناة بنما ليست الوحيدة

قناة بنما ليست الممر المائي الوحيد الذي يكافح للتعامل مع آثار الطقس المتطرف، ففي أواخر يوليو انخفض منسوب المياه على نهر الراين، وهو معبر تجاري مهم يمر عبر ألمانيا والمدن الأوروبية إلى ميناء روتردام.

وانخفض منسوب المياه في Kaub، وهي محطة قياس على الضفة اليمنى لنهر الراين غربي فرانكفورت، ونقطة عبور رئيسة للشحن البحري، إلى أدنى مستوياته على أساس سنوي حتى الآن.

تحذيرات من تعطل الممرات المائية الـ5

قال تقرير سابق لوسيط التأمين العالمي “مارش” إنه ينبغي التركيز أكثر على فهم نقاط الضعف في نقاط الاختناق البحرية، نظرًا إلى تزايد الأحداث المناخية المدمرة.

وحذر التقرير من أنه إذا تعطل أي من الممرات المائية الـ5 الرئيسة في جميع أنحاء العالم، بسبب حوادث مناخية أو سياسية، ستتجاوز النتائج عتبة سلاسل التوريد العالمية.

وأوضح أن هذه الممرات المائية هي: قناة السويس، وقناة بنما، ومضيق ملقا بين إندونيسيا وماليزيا، ومضيق هرمز بين إيران وسلطنة عمان، ومضيق باب المندب بين جيبوتي واليمن.

الأنظار تتجه نحو قناة السويس

بعد قرار إيقاف حركة الملاحة في قناة بنما لمدة عام كامل، تتوجه حاليًّا الأنظار نحو قناة السويس، باعتبار أنها حل أساسي لتلبية احتياجات حركة التجارة العالمية.

وتعد قناة السويس شريانًا حيويًّا يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وتلعب دورًا بارزًا في تيسير حركة الشحن البحري العالمي.

وفي هذا الصدد، قال خبير الاقتصاد الدولي الدكتور فاروق فوزي، خلال تصريحات خاصة إلى شبكة رؤية الإخبارية، إنه في ظل هذا التأثير، بدأت الشركات والمنظمات اللوجستية في التفكير في قناة السويس باعتبار أنها بديل محتمل لتلبية احتياجاتها.

قناة السويس تتمتع ببنية تحتية قوية

تتمتع قناة السويس ببنية تحتية قوية وسعة استيعابية كبيرة، ما يتيح لسفن الشحن الضخمة والبضائع أن تمر بكفاءة وسرعة.

وأوضح خبير الاقتصاد الدولي أن القناة تستفيد من موقعها الاستراتيجي على طريق الشحن البحري الأقصر بين آسيا وأوروبا، ما يوفر مزيدًا من الاستفادة للشركات والتجار في جميع أنحاء العالم.

وبالإضافة إلى تلبية احتياجات الشحن العالمية، تعمل قناة السويس باستمرار على تحسين منشآتها وتكنولوجيا الملاحة، من خلال تطوير مشاريع التوسعة والتحديث، حسب فوزي.

اختيار قناة السويس كبديل يعرضها للضغط

لفت فوزي إلى أن توسعة قناة السويس سابقًا جاء لزيادة قدرتها التشغيلية، وتحسين تدفق حركة الملاحة وتقليل وقت الانتظار للسفن. وأشار إلى أنه على الرغم من أن قناة السويس تلاقي زيادة في الاهتمام كبديل لقناة بنما، تواجه تحدياتها الخاصة، ومنها الازدحام المحتمل الناجم عن زيادة حركة الشحن.

ومع ضرورة الحفاظ على أمن القناة وتوفير خدمات الصيانة المستدامة، يتوقع الخبير الاقتصادي أن تظل قناة السويس البديل الرئيس لحركة التجارة العالمية في المستقبل القريب، إذ تستمر في تقديم خدماتها الموثوقة والفعالة للشركات والتجار في جميع أنحاء العالم.

موانئ قناة السويس – أرشيفية

توفير العملة الصعبة وزيادة العائدات

ذكر الخبير الاقتصادي الدكتور هاني كمال، خلال تصريحات خاصة إلى شبكة رؤية الإخبارية، عدة عوائد في حال اختيار قناة السويس بديلًا لقناة بنما، أهمها توفير العملة الصعبة، في وقت تحتاج مصر فيه إلى توفير السيولة الدولارية.

وأوضح كمال أن زيادة عدد الشركات والسفن العابرة، على الأقل لمدة عام، سيرفع عائدات القناة، وسيزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر.

بدائل مختلفة لقناة بنما

أشار الدكتور هاني كمال إلى أن قناة السويس ليست البديل الوحيد المتاح، بل توجد بدائل أخرى مثل طرق الشحن البرية والشحن الجوي، وممرات بحرية أخرى.

ونوه بأن اختيار البديل المناسب يعتمد على نوع البضائع والمواقع الجغرافية والتكاليف والوقت المتاح، وقال إن على الشركات والمنظمات اللوجستية تقييم البدائل المتاحة، واختيار الأفضل وفقًا لاحتياجاتها الفردية ومتطلباتها.