حصاد 2023| اليمين يفرض سيطرته على القارة الأوروبية

سطوة اليمين تزايدت في القارة العجوز خلال 2023

محمد النحاس

هناك جملة من العوامل ساهمت في حالة الصعود اليميني في أوروبا، فما هي ؟ وما أبرز شواهد تلك الحالة؟


جولة سريعة في أروقة العواصم الأوروبية، تكشف عن صعود تيارات اليمين في دول القارة العجوز، الأمر الذي يشير إلى أننا أمام حالة متكاملة من صعود التيارات اليمينية.

ورغم عدم وصولها إلى سدة الحكم في بعض بلدان القارة العجوز، إلا أنها باتت أقوى من أي وقتٍ مضى، وأقدر على فرض خطابها وطرح أجندتها، التي بدا لعقود أن الزمان قد طواها، غير أنّ السنوات القليلة الماضية، أثبتت عكس ذلك، في حقبة يمكن أن توصف بـ “إحياء اليمين”، فكيف كان أداء اليمين خلال عام 2023 في أوروبا؟

انتصارات بارزة لليمين في أوروبا

التيارات اليمينة بطبيعة الحال ليست طيفًا واحدًا، حيث تختلف مكوناتها داخل الدولة الواحدة، ناهيك عن تباينها من دولةٍ لأخرى إلا أنه إجمالاً هناك جملة من العوامل المشتركة، مثل المحافظة والميل للسياسات المنعزلة، وتبني خطابات غير مرحبة باللاجئين، فضلاً عن عدم تفضيلها لأجندات الحقوق والحريات، ويبدو أخيرًا أن قطار اليمين يمضي قدمًا من محطة أوروبية إلى أخرى.

الأحد 17 ديسمبر، أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، أن “الحزب التقدمي الصربي” اليميني، حقق فوزًا كبير في الانتخابات البرلمانية، فيما تقول المعارضة إن الاستحقاق شابه عمليات تزوير.

صعود اليمين في هولندا

نصر بارز آخر حققه اليمين في نوفمبر الماضي في هولندا حيث تمكّن حزب الحرية اليميني، وتصدُّر حزب من أجل الحرية الهولندي الذي يتزعمه خيرت فيلدرز لنتائج الانتخابات، بعد حصوله على أكبر عدد من مقاعد مجلس النواب بلغت 37 مقعداً من أصل 150، ويعد ذلك أكثر من ضعف عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات 2021.

وأعلن فيلدرز في كلمة أمام حشد كبير من أنصاره، أنه “لم يعد من الممكن تجاهل النتائج وسوف نحكم البلاد”، فيما يسعى في الوقت الحالي لتشكيل ائتلاف حاكم.

مواقف لافتة

في أكتوبر تمكن حزب ” سمير-إس دي ” بقيادة رئيس الوزراء (السابق آنذاك والحالي الآن) روبرت فيتسو الماضي “سمير-إس دي” من الحصول على 23,3 في المئة في الانتخابات التشريعية في سلوفاكيا، متغلبًا على حزب سلوفاكيا التقدمية الوسطي الذي حصل على 17 %، والحزب معروف بانتقاده للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما رفض الحزب بعد فوزه إرسال مساعدات لأوكرانيا.

وخلال شهر يوليو، تمكنّت 3 أحزاب يمينية من دخول البرلمان بعد أن استوفت الأعداد الكافية من المقاعد، وفي إسبانيا تمكّن حزب فوكس القومي من تعزيز حضوره على الساحة السياسية بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية.

فرنسا وفنلندا

في يونيو الماضي، وبعد أسابيع طويلة من المحادثات والمشاورات، أدى الائتلاف الحكومة اليمين الدستوري، وقد وصف آنذاك بالحكومة الأكثر “يمينية” في تاريخ فنلندا الحديث، حيث يشارك بالائتلاف حزب الفنلنديين الذي يشكك في فعالية الاتحاد الأوروبي، كما أن هناك حكومات متشددة في بولندا، وكذلك في المجر حيث أرّقت مواقفها بقيادة فيكتور أوربان الاتحاد الأوروبي.

وفي فرنسا، يأتي حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان في المرتبة الأولى باستطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في يونيو  2024، ومن المرجح أن تساهم أحداث العنف التي تلت مقتل شاب من أصول جزائرية على يد الشرطة أواخر يونيو، في تعزيز صعود اليمين، إذ سارع لاستغلالها متهمًا المهاجرين بالتسبب في الفوضى.

إيطاليا على ذات المنوال

فبراير من العام الجاري، تمكن لائتلاف الحكومي اليميني في إيطاليا من الفوز في انتخابات محلية في منطقتين مهمتين، وتعليقًا على ذلك كتبت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني عبر موقع إكس”: “تهانينا لفرانشيسكو روكا وأتيليو فونتانا على فوزهما الكبير” واعتبر أن هذه النتيجة “تعزز وحدة اليمين، وترسخ عمل الحكومة”.

وبالحديث عن ميلوني، اليمينية التي ترأست الحكومة أكتوبر من العام الماضي، فقد وجدت مؤسسة مورنينغ كونسالت عبر بيانات مؤشرها الخاص بتتبُّع شعبية القادة، أن ميلوني أكثر قائد يتمتَّع بشعبية داخل بلاده على مستوى القارة الأوروبية كلها وقد أشاد 49% من الإيطاليين بأدائها.

وبعد مرور حوالي 7 أشهر على صعودها للحكم وتحديدًا في يونيو الماضي، وجد استطلاع آخر أجرته القناة الإخبارية الثانية في إيطاليا (سكاي تي جي 24 )، أن نسب تأييد رئيسة الحكومة ترتفع بوتيرة متسارعة.

ماذا عن ألمانيا؟

في ألمانيا، روح أوروبا النابض، شهد العام 2023 صعودًا لليمين على عدة أصعدة، ويوم الأحد 17 ديسمبر تمكن حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني برئاسة بلدية بيرنا بساكسونيا الشرقية، حسب ما كشفت النتائج الأولية، وهي المرة الأولى في إنجاز لافت للحزب المناهض للهجرة والذي تشير استطلاعات الرأي لتزايد شعبيته، وفقًا لما نقلت يورونيوز.

هذا  الفوز، يأتي بعد يومٍ واحد من تصنيف وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية للحزب في ولاية ساكسونيا على أنه “منظمة متطرفة”، مسوغةً الخطوة بـ “خطابه المناهض للمهاجرين، ومساعيه في سبيل تقويض الديمقراطية”.

وأعرب حزب الخضر بساكسونيا عن شعوره “بالهلع لانتخاب رئيس بلدية من حزب تم تصنيفه على أنه متطرف”، وبحسب استطلاع حديث أجرته مجلة “دير شبيجل” الألمانية، فإن نسبة تأييد الحزب تبلغ نحو 32 %، كما أن المتابع للشأن الألماني سيلاحظ تزايد تأييد الحزب بمرور السنوات.

تصاعد شعبية اليمين في ألمانيا

في أغسطس الماضي، اعتبر “البديل لأجل ألمانيا” الاتحاد الأوروبي “مشروعًا مفلسًا”، يحتم تحولاً جذريًّا، لكن دون الدعوة إلى تفكيكه، وذلك في بيان صادر عن مؤتمر جمع أعضاء الحزب  في ماجديبورج، أحد معاقله شرق البلاد، ويأمل الحزب اليميني أن يكون أحد أكبر الأحزاب في ألمانيا قبل الانتخابات الأوروبية والإقليمية وعلى مشارف الانتخابات النيابية في العام 2025.

وفي الـ 20 من يونيو الماضي، حذرت هيئة حماية الدستور الألمانية “الاستخبارات الداخلية” مما أسمته “الارتفاع الحاد” في نسبة المتطرفين ذوي الميول العنيفة بالبلاد، وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية فقد، تضاعف عدد المظاهرات المؤيدة لليمين المتطرف في النصف الأول من العام 2023 بأكثر من 3 مرات، بالمقارنة بذات الفترة من عام 2022.

ربما يعجبك أيضا