رسائل عبر القنوات الخلفية.. هل بوتين مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أظهر انفتاحًا على عقد اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب.

ورغم تصريحاته بأن أهدافه الحربية في أوكرانيا لم تتغير، أفاد التقرير، المنشور أمس السبت 23 ديسمبر 2023، أن بوتين يستخدم دبلوماسية القنوات الخلفية منذ فترة لإظهار أنه منفتح على وقف إطلاق النار الذي يجمد القتال على طول الخطوط الحالية.

وقف إطلاق النار

نقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين روسيين سابقين مقربين من الكرملين، ومسؤولين أمريكيين ودوليين تلقوا الرسالة من مبعوثي بوتين، أن الرئيس الروسي كان يلّمح، عبر وسطاء، منذ سبتمبر الماضي على الأقل، أنه مُنفتح على وقف إطلاق النار الذي سيترك روسيا مسيطرة على الـ20% من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها بالفعل.

جنود أوكرانيون

وجاءت هذه الإشارات عبر قنوات متعددة، منها حكومات أجنبية لها علاقات مع كلا من الولايات المتحدة وروسيا، وقال مسؤول دولي التقى بمسؤولين روس هذا الخريف: “بوتين والجيش الروسي لا يريدون إنهاك قدرتهم أكثر”.

ووفق مسؤولين أمريكيين، أرسل بوتين إشارات لجس النبض بشأن وقف إطلاق النار قبل عام، في خريف 2022، وهذه المبادرة السرية التي لم يُكشف عنها سابقًا، جاءت بعد أن هزمت أوكرانيا الجيش الروسي شمال شرقي البلاد.

رغبة في إعلان النصر

لفتت نيويورك تايمز إلى أن اهتمام بوتين المُتكرر بوقف إطلاق النار يُعد مثالًا على كيف أن الانتهازية والارتجال حددا نهجه تجاه الحرب خلف الأبواب المغلقة، وبينما يستخدم خطابًا عامًا ناريًا، يرسل الرئيس الروسي سرًا رغبته في إعلان الانتصار والمضي قدمًا.

وأضاف المسؤولون الروس أن بوتين أشار إلى أنه راضٍ عن الأراضي التي احتلتها روسيا ومستعد للهدنة، موضحين أن آلته الدعائية تستطيع تحويل الوضع الراهن إلى انتصار، عبر الاحتفال بإقامة ممر بري إلى القرم، والجيش الذي صمد أمام هجوم أوكرانيا المضاد المدعوم من الغرب، وضم روسيا لـ4 مناطق أوكرانية.

في هذا الشأن، قال مسؤول دولي رفيع التقى بمسؤولين روس هذا الخريف: “إنهم يقولون “نحن مستعدون للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، إنهم يريدون البقاء حيث هم في ميدان المعركة”.

أعداد صواريخ ومسيّرات روسيا على أوكرانيا

نوايا بوتين

رأى بعض المسؤولين الأمريكيين أنها قد تكون محاولة من الكرملين للتضليل ولا تعكس استعدادًا حقيقيًا من بوتين للتسوية، وقال المسؤولون الروس السابقون إنه قد يغير رأيه إذا اكتسبت القوات الروسية الزخم.

وحسب الصحيفة الأمريكية، يُجادل بعض المحللين بأن الرئيس الروسي يستفيد من الحرب المطولة، وأنه يريد تأجيل أي مفاوضات حتى العودة المُحتملة لدونالد ترامب للسلطة في 2024، لكن المسؤولين الروس السابقين يرون أن بوتين يفضل عقد اتفاق في وقت قريب، نظرًا لعدم اليقين الملازم للحرب.

لا تراجع

في حين أنه مهووس بأداء روسيا في ميدان المعركة، ومهمته التاريخية المتمثلة في استعادة “الأراضي الروسية الأصلية”، إلى جانب تحضيره روسيا لسنوات من الحرب، فإنه يحاول سرًا توضيح أنه مستعد لإنهائها.

مجندون روس

وفي تصريحات لـ”نيويورك تايمز”، قال أحد المسؤولين الروس السابقين الذين كانوا ينقلون رسائل الكرملين: “إنه مستعد فعلًا للتوقف عند المواقع الحالية”، مضيفًا أن الرئيس الروسي “ليس مستعدًا للتراجع متر واحد”.

لحظة مناسبة

قال مسؤولون حاليون وسابقون إن بوتين يرى أن عدة عوامل تلتقى لتخلق لحظة مناسبة للاتفاق، منها أن ميدان المعركة يبدو عالقًا في طريق مسدود، والتداعيات بشأن هجوم أوكرانيا المضاد المخيب للآمال، وتراجع دعم أوكرانيا في الغرب، والتشتيت الذي تسببه الحرب في غزة منذ أكتوبر الماضي.

وحسب أحد المسؤولين الروس السابقين الذين تحدثوا لنيويورك تايمز، فإن التوقيت المثالي سيكون قبل انتخابات الرئاسة الروسية في مارس المقبل. ورغم أنه واثق من أنه سيؤمن ولاية أخرى لـ6 سنوات، فإنه يهتم بشدة بالانتخابات كعلامة على دعمه الداخلي.

رد روسي

في رد على أسئلة كتابية من “نيويورك تايمز”، قال المُتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في رسالة صوتية: “نظريًا، هذه الأطروحات التي قدمتموها، كلها غير صحيحة”.

وعند سؤاله عما إذا كانت روسيا مستعدة لوقف إطلاق النار عند خطوط المعركة الحالية، أشار إلى تصريحات بوتين الأخيرة، التي أوضح فيها أن أهداف روسيا الحربية لم تتغير. وقال: “بوتين مستعد للمحادثات، وقال ذلك”، مضيفًا أن روسيا “تظل مستعدة، لكن لتحقيق أهدافها حصرًا”.

موقف كييف

لا توجد أدلة على أن قادة أوكرانيا، الذين تعهدوا باستعادة كل أراضيهم، سيقبلون بهذا الاتفاق، ووفق الصحيفة الأمريكية كانت أوكرانيا تحشد الدعم لصيغتها الخاصة بالسلام، التي تشترط أن تتنازل موسكو عن كل الأراضي الأوكرانية وتدفع تعويضًا عن الأضرار.

وقال الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، يوم الثلاثاء الماضي 19 ديسمبر، إنه لا يرى علامة على أن روسيا تريد التفاوض، وقال: “نحن نرى استعدادًا سافرًا للقتل”.