شركة صينية تدعم روسيا بالبارود.. هل تساعد بكين موسكو في الحرب؟

شروق صبري
حرب أوكرانيا

ضيقت الدول الغربية الخناق على تجارتها مع روسيا في أعقاب الحرب لمحاولة تجويع البلاد من السلع العسكرية وكذلك الإمدادات التي تغذي اقتصادها وتساعد الحكومة على تحقيق الإيرادات لكن الصين تجاوزت الخطوت الحمراء واتخذت مواقف مغايرة.


في مناسبتين منفصلتين العام الماضي، توغلت عربات سكك حديدية محملة بالبارود عبر الحدود الصينية الروسية في بلدة زابيكالسك النائية.

شحنت المواد لروسيا، شركة بولي تكنولوجي، وهي شركة صينية مملوكة للدولة، كانت الولايات المتحدة فرضت عليها سابقًا عقوبات بسبب مبيعاتها العالمية من تكنولوجيا الصواريخ وتقديم الدعم لإيران، لكن هذه المرة كانت وجهتها نحو روسيا.

المساعدة القاتلة

كانت العربات محملة بعشرات الآلاف من الكيلوجرامات من “مسحوق البارود” لصنع ما لا يقل عن 80 مليون طلقة من الذخيرة، وتوجهت نحو مصنع “كارتريدج بارناول”، وهو مصنع ذخيرة في وسط روسيا له تاريخ في تزويد الحكومة الروسية ودعمها.

تثير هذه الشحنات التي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، والتي كشفت عنها شركة Import Genius، وهي شركة تجميع بيانات تجارية مقرها الولايات المتحدة، أسئلة جديدة بشأن الدور الذي لعبته الصين في دعم روسيا وهي تحارب للاستيلاء على الأراضي الأوكرانية.

وجاء في تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يوم 23 يونيو 2023، إن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن مخاوفهم من أن الصين قد تنقل منتجات إلى روسيا من شأنها أن تساعد في جهودها الحربية، وهو ما يُعرف باسم “المساعدة القاتلة”، على الرغم من أنهم لم يقولوا صراحة إن الصين قد فعلت ذلك.

ذخيرة

ذخيرة

شحنات بمليوني دولار

لحسم الأمر، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، من بكين يوم 19 يونيو، إن الصين شددت للولايات المتحدة على أنها لا تقدم مساعدة قاتلة لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا، وأن الحكومة الأمريكية “لم تر أي شيء في الوقت الحالي يتعارض مع ذلك”. وأضاف، ما يقلقنا هو الشركات الخاصة في الصين التي ربما تقدم المساعدة.

وقال بعض الخبراء إن الشحنات التي أرسلتها شركة بولي تكنولوجي إلى مصنع كارتريدج بارناول منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، بلغت قيمتها الإجمالية مليوني دولار. ووفقًا لسجلات الجمارك، فإن شركة بولي تكنولوجي الصينية تعتزم استخدام شحناتها في أنواع الذخيرة التي تطلقها بنادق كلاشينكوف الهجومية وبنادق القنص الروسية، وهو ما يوضح “المساعدة المميتة” لروسيا.

اقرأ أيضًا| روسيا والصين تواصلان تعزيز التعاون العسكري 

اقرأ أيضًا| صفقات الغاز بين روسيا والصين.. ما علاقتها بحرب أوكرانيا؟

مجرد تدفقات تجارية

يرى مدير الأبحاث في شركة Import Genius، ويليام جورج، إن شركة بولي تكنولوجي، تقدم مساعدة قاتلة لروسيا، والآثار المترتبة على الشحنات واضحة. وأضاف: “عند شحن كميات كبيرة من البارود المعدة لصنع خراطيش عسكرية إلى بلد في حالة حرب، فمن غير المعقول أن نتخيل أن المنتج النهائي لن يستخدم للتأثير المميت في ساحة المعركة”.

وتساءل مدير مركز كارنيجي روسيا أوراسيا، ألكسندر جابويف، عن مدى تأثير الشحنات الصينية لروسيا على الحرب خاصة أن بكين امتنعت عامة عن أي أعمال من شأنها تجاوز الخطوط الحمراء حتى لا تنتهك العقوبات الغربية. ونظرًا لأن شركة، بولي تكنولوجي، لديها تاريخ من الشحنات إلى مصنع كارتريدج، قبل الحرب، فقد ترى الصين هذه الشحنات كجزء من التدفقات التجارية المنتظمة، خاصة أن الصين تحاول التمسك بتلك الخطوط الحمراء.

الحرب في أوكرانيا

الحرب في أوكرانيا

خراطيش عسكرية

لا توجد صلة مباشرة معروفة بين هذه الشحنات المعينة من المسحوق وساحة المعركة الأوكرانية، وفي الأوراق الجمركية، وصفت شركة بولي تكنولوجي، المسحوق بأنه مخصص لتجميع خراطيش الصيد ذات الطراز الأجنبي. لكن الخبير الصيني الروسي ورئيس فريق الأمن العالمي التابع لمركز الدراسات الأمنية، بريان كارلسون قال، إنه على الرغم من إمكانية استخدام مثل هذه الخراطيش للصيد، إلا أن هذا نادر الحدوث لأنها في الأساس خراطيش عسكرية.

وأضاف: تعتمد معظم الأسلحة النارية والأسلحة الحديثة التي يستخدمها الجنود والمدنيون على مسحوق البارود لدفع الرصاصة نحو هدفها. ويستخدم هذا النوع من المسحوق أيضًا في الجيوش كوقود دافع لذخيرة الهاون، لإطلاق مقذوفات محملة بالمتفجرات تزن من أربعة أرطال إلى 30 رطلًا أو أكثر.

قائمة العقوبات

وثقت تقارير سابقة أن شحنات معدات الملاحة وأجزاء طائرات الهليكوبتر خرجت من شركة بولي تكنولوجي المملوكة للحكومة الصينية. إلى الشركات الروسية المدعومة من الدولة. وكشفت سجلات المشتريات الروسية التي قدمتها C4ADS، وهي منظمة أمنية عالمية غير ربحية مقرها واشنطن، أن مصنع كارتريدج المملوك للقطاع الخاص في روسيا، المتلقي للشحنات الصينية له العديد من العقود مع أقسام من الحكومة والجيش الروسيين ووزارة الدفاع على مدار العقد الماضي.

وأضاف الاتحاد الأوروبي، مصنع كارتريدج بارناول إلى قائمة الشركات الخاضعة للعقوبات في ديسمبر 2022. وتشير التقارير إلى أن المصنع كان معسكر تدريب مرتبط بمجموعة فاجنر، وهي قوة عسكرية روسية خاصة لها علاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولها دور كبير في  الحرب في أوكرانيا، التي دخلت شهرها السابع عشر. وأصبحت قدرة كل أطراف الصراع تسعى للحصول على الذخائر والمعدات لأنها تعد عاملًا حاسمًا يمكن أن يؤثر في نتيجة الحرب.

ربما يعجبك أيضا