فورين أفيرز: معركة زيلينسكي تبدأ بعد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية

آية سيد
معركة زيلينسكي تبدأ بعد نهاية الحرب

عندما تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية، سيواجه زيلينسكي تحديات كبرى ستحدد مصير بلاده ومستقبل ديمقراطيتها.


قالت مجلة فورين أفيرز الأمريكية إن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، سيواجه تحديات كبرى، عندما تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضحت أنه عقب اندلاع الحرب في فبراير 2022، ارتفعت شعبية زيلينسكي وزادت ثقة الأوكرانيين به، لكن عندما تنتهي الحرب عليه إعادة بناء وتحصين المدن والبنية التحتية للبلاد، وكذلك ديمقراطيتها.

ميل للفساد

في التحليل، المنشور أمس الثلاثاء 4 يوليو 2023، رأى أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، هنري هال، وأستاذة السياسة المقارنة بجامعة مانشستر، أولجا أونوش، أن قدرة الرئيس الأوكراني على مواجهة هذه التحديات ستحدد مصير بلاده ومستقبل ديمقراطيتها.

وأوضحا أن الحرب حشدت الأمة الأوكرانية المدنية والشاملة، وعززت إحساسًا بالواجب والالتزام تجاه الديمقراطية، غير أن هذه التطورات الإيجابية مهددة بالمحسوبية والاعتماد على الرشاوى، وهي تقاليد راسخة في أوكرانيا، حسب المحللين.

وقالا إن من يتولون السلطة استغلوا هذا الوضع مرارًا وتكرارًا، لإنشاء آلتهم السياسية الخاصة، التي تجمع الثروة وتقمع المعارضة. وعلى الرغم من أن الشعب الأوكراني انتفض كثيرًا لإحباط الاستيلاء على السلطة، لا تزال الطبقة السياسية في البلاد ميالة للفساد ولتفضيل العلاقات الشخصية على المؤسسات الديمقراطية.

معارضة الإصلاحات

اقرأ أيضًا| مؤتمر إعادة الإعمار.. كيف يمكن أن تبدو أوكرانيا بعد الحرب؟

لفت المحللان إلى أن الإحساس بالوحدة قد يتبدد بعد انتهاء الحرب، لكن الحكومة الأوكرانية قد تستبدله بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي سيمنح دافعًا جديدًا لإجراء الإصلاحات اللازمة. لكن هذه الإصلاحات قد تتسبب معارضة قوية تعيد البلاد باتجاه المحسوبية.

وأشارا إلى أن عضوية الاتحاد الأوروبي تتطلب تعديلًا كبيرًا للشركات الأوكرانية، حتى تصبح متوافقة مع لوائح الاتحاد، وتُلزم كييف باتخاذ خطوات للقضاء على الفساد، وإصلاح النظام القضائي. وهذه الإصلاحات ستضغط على المواطنين والنخب. ووفق المحللين، وقد تتحول أوكرانيا إلى نظام استبدادي أو مركزي.

حشد السلطة

عندما تعاود المعارضة الأوكرانية الواسعة لحكومة زيلينسكي الظهور، وهو أمر مرجح بعد الحرب، من المحتمل أن يميل زيلينسكي ومؤيدوه إلى حماية قيادتهم، عبر حشد السلطة لأنفسهم. ولفت المحللان إلى أن هذا النوع من “النظام الرئاسي” قد يطلق عمليات تقوض الإصلاحات.

وزعم بعض النقاد أن إضعاف إدارة زيلينسكي للأوليجارش في أوكرانيا يخفي جهدًا للاستحواذ على سلطتهم. وأشار المحللان أيضًا إلى أن بعض الإجراءات التي اتخذتها حكومة كييف في أثناء الحرب قد تهدد الديمقراطية عند استعادة السلام.

ومن الممكن أيضًا أن تشكل شعبية زيلينسكي الواسعة تهديدًا على الديمقراطية، لأنه إذا حافظ على هذا المستوى من الشعبية، قد يرى أنه يحتاج للبقاء في السلطة، ما يجعله يحرم الآخرين من فرصة كسب المكانة اللازمة لذلك.

القومية المدنية

يُعد صعود الهوية القومية المدنية، التي تضع الواجب المدني والارتباط بالدولة فوق كل شيء، أحد أعظم إنجازات الاستقلال الأوكراني. ووطدت الحرب هذه الهوية، وفق المحللين. إلا أنه توجد رؤى أخرى تتحدى هذه الهوية، والرؤية البديلة الأكثر تطرفًا هي تلك التي تربط الهوية القومية بالهوية العرقية الثقافية.

ويرى مؤيدو هذه الرؤية أن من لا يشاركونهم نفس السمات العرقية الثقافية يشكلون تهديدًا. وعلى الرغم من أن أنصار هذه الرؤية يمثلون أقلية صغيرة، قد يسعى بعض السياسيين لتحقيق مكاسب سياسية، من خلال السعي لمفاقمة هذه الانقسامات.

اقرأ أيضًا| أوكرانيا تتكبد خسائر كبرى.. هل فشل الهجوم المضاد؟

الحفاظ على الوحدة القومية

أشار المحللان إلى أن الخطر في حالة أوكرانيا، وإن كان ضئيلًا، فهو أن تكسب حركة قومية غير ليبرالية الدعم وتضغط من أجل تشديد الآراء المتطرفة بشأن الهوية، التي تزعم أن الأمن القومي الحقيقي والازدهار يمكن تحقيقهما فقط عبر التطهير العرقي.

وحسب التحليل، لا توجد حتى الآن مؤشرات على أن هذا النوع من القومية يكسب القوة. بل على العكس، يبدو أن الحرب عززت التزام أوكرانيا بالليبرالية والشمولية. لكن سيكون من الضروري أن تعزز الحكومة الأوكرانية الوحدة القومية الواسعة في أثناء متابعتها جهود الإصلاح.

وختامًا، قال المحللان إن نهاية الحرب قد تقدم لزيلينسكي وبقية الدولة الفرصة للمضي قدمًا في الإصلاحات اللازمة. وسيحتاج الرئيس إلى طريقة لترجمة رغبة الشعب في القتال إلى قناعة بنفس القوة بأن النهج القديم لإدارة البلاد لم يعد ممكنًا. ويجب عليه بعدها أن يفي بوعوده.

ربما يعجبك أيضا