فورين بوليسي: بدأ عصر «منطقة شنجن العسكرية»

تحليل: فكرة «منطقة شنجن العسكرية» تكتسب زخمًا هذه الفترة

آية سيد
فورين بوليسي: بدأ عصر «منطقة شنجن العسكرية»

قائد سابق بالناتو: القدرة على التحرك بسرعة وقت الأزمة جزء أساسي من عقيدة الردع العسكري.


بعد 10 أعوام على ضم روسيا للقرم، وعامين على الحرب الروسية الأوكرانية، تدرك أوروبا أنها تحتاج إلى الاستعداد بطريقة أفضل لاحتمالية التعرض لغزو روسي.

وفي تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الاثنين 4 مارس 2024، أشارت الكاتبة أنشال فوهرا إلى أن فكرة تكييف حرية الحركة دون تأشيرات للأفراد والبضائع في منطقة شنجن مع حركة القوات والمعدات العسكرية في جميع أنحاء أوروبا تكتسب زخمًا كبيرًا في الوقت الحالي.

ممر عسكري مشترك

في أواخر يناير الماضي، وقعت ألمانيا وهولندا وبولندا اتفاقية لإنشاء ممر نقل عسكري بينهم، ما أعطى دفعة ضرورية لهدف تحسين التنقل العسكري في أوروبا. وقالت وزيرة الدولة لشؤون الدفاع في البرلمان الألماني، سيمتجي مولر، إن الممر يضع التنقل العسكري “على الطريق نحو منطقة شنجن عسكرية حقيقية”.

وظهرت فكرة “منطقة شنجن العسكرية” لأول مرة بعد ضم روسيا للقرم في 2014. وتكتسب زخمًا الآن بعد عامين على الحرب في أوكرانيا بسبب المخاوف من احتمالية أن يقرر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استخدام قواته العسكرية للتوجه غربًا.

وأشار التحليل إلى أن المسؤولين العسكريين الأوروبيين ينقبون في الدروس المستفادة من الحرب الباردة، التي تتضمن دروسًا خاصة بالتنقل العسكري.

عقبات وتحديات

أفاد الكثير من الخبراء، والدبلوماسيين والمصادر العسكرية للمجلة الأمريكية أن التقدم أبطأ بكثير من المرجو رغم تأييد الجميع للفكرة. وقالوا إن أوروبا اعترفت أن توترات حقبة الحرب الباردة ربما عادت وإن الدول الأوروبية أمامها “شوطًا طويلًا لتقطعه” كي تنقل الرجال والعتاد بفاعلية.

لماذا لا تستطيع أوروبا الاستقلال عسكريًا عن الولايات المتحدة؟

أوروبا

لكن مرور أي شيء متعلق بالمهام العسكرية في أوروبا يواجه عقبات، تتراوح من العراقيل البيروقراطية وفجوات البنية التحتية التي قد تُسبب تأخيرات كبيرة.

وفي هذا الشأن، أعطى عضو البرلمان الأوروبي من إستونيا، أورماس بايت، التنقل العسكري 3 من 10، وقال إن الأمر يستغرق حاليًا “أسابيع أو على الأقل أكثر من أسبوع” لإرسال إمدادات إلى دول البلطيق.

البنية التحتية

لفت التحليل إلى صعوبة إتمام المعاملات الورقية، التي تحتاج إلى موافقات كثيرة من عدة وزارات في دول مختلفة، وأحيانًا من مناطق مختلفة داخل الدولة نفسها. وكذلك توجد مشكلات متعلقة بالبنية التحتية، لأن معظم الطرق والكباري مصممة للاستخدام المدني ومن المستبعد أن تتحمل وزن المعدات العسكرية الثقيلة.

وإضافة إلى هذا، يختلف عرض السكك الحديدية في دول الاتحاد السوفيتي السابقة عن الدول الأوروبية، ونقل آلاف القوات والمعدات من قطار إلى آخر وقت الحرب سيجعل المهمة أكثر استهلاكًا للوقت.

أهمية القدرة على التنقل

حسب القائد السابق في الناتو، وأول مناصر لفكرة “منطقة شنجن العسكرية”، الجنرال بن هودجز، فإن القدرة على التحرك بسرعة وقت الأزمة جزء أساسي من عقيدة الردع العسكري.

وقال، في تصريحات لفورين بوليسي: “قدرة القوات المسلحة على التعبئة والتحرك بسرعة ينبغي أن تكون واضحة للعدو وتردعه عن الهجوم في المقام الأول”.

وأضاف: “يجب أن نمتلك قدرة حقيقية، وليس فقط معدات وقوات، بل القدرة على التحرك بسرعة، لإمداد قطع الغيار، وتخزين الوقود والذخيرة، ويجب أن يرى الروس أننا نمتلكها”.

المزيد من الممرات

أشاد هودجز باتفاقية ألمانيا وهولندا وبولندا بوصفها بداية عظيمة، لافتًا إلى أن المزيد من الممرات قيد المناقشة. وأضاف: “إنهم يريدون إنشاء ممرات من اليونان إلى بلغاريا وصولًا إلى رومانيا. والغرض من وجود كل هذه الممرات هو وجود طريق سلس، من ناحية البنية التحتية، وحل ما يتعلق بالجمارك وكل العقبات القانونية مقدمًا”.

وأشار التحليل إلى أن الممر الألماني والهولندي والبولندي هو الأول من ضمن العديد من الممرات، ومن المتوقع أن يحدد نقاط الاختناق ويحلها، وقد يقدم نموذجًا للممرات المستقبلية.

دور الممر

قال مصدر عسكري رفيع، تحدث للمجلة بشرط عدم الكشف عن هويته، إن الممر سيحل عددًا من المشكلات. وفي وقت السلم، سيسمح للسلطات بتيسير الإجراءات الفيدرالية، لأن كل ولاية ألمانية لديها قوانين خاصة للقوات أو المعدات التي تمر عبر أراضيها.

لكن في وقت الحرب، سيكون الممر “أكثر من مجرد طريق”. وأوضح: “من المرجح أن يتحرك مائة ألف جندي أو أكثر وقت الأزمة، وسيحتاجون إلى مكان للتوقف والراحة، والوصول إلى المستودعات ومراكز تخزين الوقود. وسنحتاج أيضًا إلى وضع ترتيبات لرعاية لاجئي الحرب في مثل هذا السيناريو”.

بناء التوافق

من الصعب الوصول إلى توافق في الآراء بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأكثر من 30 دولة في الناتو. لكن هودجز يجد سببًا للتفاؤل منذ قمة الناتو الأخيرة في فيلنيوس، ليتوانيا.

قمة الناتو 1

قمة الناتو في فيلنيوس

وفي يوليو الماضي، أعلن الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج، عن 3 خطط دفاع إقليمية. وقال إن الناتو سيعزز الردع في المحيط الأطلسي والقطب الشمالي الأوروبي في الشمال، وفي منطقة البلطيق ووسط أوروبا في الوسط، وفي البحر المتوسط والبحر الأحمر في الجنوب.

وحسب التحليل، هذه الخطط ستسمح لأعضاء الناتو بتقييم المتطلبات الدفاعية، وتوزيعها على الحلفاء، وفهم الاحتياجات اللوجيستية أثناء العملية. ويأمل هودجز أن هذا سيصبح “مغيرًا لقواعد اللعبة”.

ربما يعجبك أيضا