كيف وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى القرم؟

آية سيد
كيف وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى القرم؟

قال ضابط البحرية الأوكراني المتقاعد، أندريه ريجينكو، إن حملة استهداف القرم ستستمر في الشتاء.


بعد مرور عام ونصف العام على الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير 2022، وصلت الحرب إلى شبه جزيرة القرم.

ومنذ بداية الصيف، صعّدت أوكرانيا الهجمات على شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا في 2014، باستخدام مجموعة من المُسيّرات محلية الصنع الجديدة وصواريخ كروز القادمة من الخارج، حسب تقرير لمجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، الاثنين 25 سبتمبر 2023.

استهداف القرم

استهدفت كييف قواعد عسكرية، وقواعد جوية، ومراكز للقيادة والسيطرة في القرم. وفي 22 سبتمبر الحالي، ضرب صاروخان أوكرانيان مقر أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول، ما دفع السلطات الروسية إلى بدء تشغيل صافرات الإنذار المبكر للغارات الجوية.

وفي 13 سبتمبر، تسببت ضربة على حوض “سيفمورزافود” الجاف للسفن في تدمير سفينة إنزال برمائية وغواصة من طراز “كيلو” القادرة على إطلاق صواريخ كروز بالقرب من الشواطئ الأوكرانية. وبعدها بيوم، دمرت مسيّرات وصواريخ كروز أوكرانية منظومة دفاع “إس-400” روسية، التي تتجاوز قيمتها 1 مليار دولار.

وفي 23 سبتمبر، بعد يوم من الهجوم على مقر الأسطول، ضرب وابل من صواريخ كروز رصيفًا في سيفاستوبول. ووفق المجلة البريطانية، تُضعف أوكرانيا، ببطء وبطريقة منهجية، القوة النارية الروسية في القرم.

اقرأ أيضًا| حديث عن «ضربة كبرى».. لماذا تستهدف أوكرانيا شبه جزيرة القرم؟

جهدان رئيسان

كيف وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى القرم؟

خريطة لشبه جزيرة القرم

قالت مصادر أوكرانية إن العمليات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما ينبغي اعتبارها عناصر مساعدة لجهدين مهمين، حسب ما نقلت “ذي إيكونوميست”. الأول هو الهجوم المضاد البري الأوكراني، الذي يركز على منطقة زابوروجيا الواقعة شمالي شرق القرم.

وأوضحت المصادر أن أي نجاح أوكراني في إضعاف القوة الجوية والسكك الحديدية واللوجيستيات يقوّض القوات الروسية هناك، التي تحصل على إمداد مباشر من شبه الجزيرة.

منافسة بحرية

أشارت المجلة البريطانية إلى أن الجهد الثاني هو المنافسة البحرية في البحر الأسود. وتحاول أوكرانيا منع روسيا من احتكار البحر، واستعادة السيطرة على طرق الشحن الحيوية.

وتدمر كييف السفن الحربية الروسية حيثما أمكن، وتدفع البقية بعيدًا إلى مسافة تجعل ضرب الموانئ والمدن وإنشاء ممر بحري جديد صعبًا قدر الإمكان. وبدأت هذه العملية في إبريل 2022 بإغراق الطراد “موسكفا“. ومنذ ذلك الحين، أغرقت أوكرانيا، أو أتلفت، 19 سفينة روسية على الأقل.

ممر جديد

وفق “ذي إيكونوميست”، يعتمد اقتصاد أوكرانيا على نجاح الممر البحري الجديد، من وإلى أوديسا، الذي أُعلن عنه في أغسطس الماضي، في أعقاب رفض روسيا تمديد اتفاق الحبوب.

وتعتمد سلامة هذا الممر على أمرين. الأول هو الرهان على أن روسيا لن تستهدف السفن المدنية التي تبحر تحت أعلام محايدة، والثاني هو تهديد الانتقام الحقيقي إذا لم تلتزم. وأصبح الأمر الأخير حقيقيًّا. ففي بداية الحرب كانت السفن الروسية متمركزة بالقرب من أوديسا، لكنها الآن نادرًا ما تدخل شمالي غرب البحر الأسود.

وفي هذا الشأن، قال الملحق الدفاعي البريطاني السابق في روسيا وأوكرانيا، جون فورمان: “تكيف الأوكرانيون على أن يصبحوا أسطولًا صغيرًا (باستخدام المسيّرات البحرية، والصواريخ والمدفعية)”، مضيفًا أنها “استراتيجية حرمان بحري كلاسيكية استخدمها آخرون ضد البحرية البريطانية في الماضي”.

كعب أخيل

لطالما اعتبر الخبراء الاستراتيجيون الأوكرانيون القرم نقطة ضعف روسيا. هذا لأنها مهمة لقدرة موسكو على استعراض القوة والاحتفاظ بالأراضي المحتلة، لكنها عرضة لأن تُقطع عنها. وتواصل كييف الضغط لإحداث نتائج في هذا الصدد.

ولفتت المجلة البريطانية إلى أهمية القدرات الجديدة التي حصل عليها الأوكرانيون، مثل خطوط التمويل المقدمة لمُصنّعي المسيّرات في بداية 2023، التي توفر مسيّرات جوية وبحرية جديدة، بعضها استُخدم لضرب جسر كيرتش الذي يربط روسيا مباشرة بالقرم.

كيف وصلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى القرم؟

استهداف جسر كيرتش بالقرم

وتمتلك أوكرانيا كذلك صواريخ تحت تصرفها، مثل التدفق المستمر لصواريخ “ستورم شادو” و”سكالب” من بريطانيا وفرنسا، ونسخة جديدة من صاروخ “نبتون” أرض-أرض.

تغيير كبير

قال مصدر في هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن التغيير الكبير هو “حصولنا على صواريخ ومعلومات استخباراتية جديدة”، مضيفًا أن أوكرانيا تريد “نظيرًا لصواريخ كاليبر وكيه إتش-101 الروسية”، لأن سرعة هذه الأسلحة وقدرتها على المناورة والتخفي تجعل من الصعب اعتراضها.

وفي سياق متصل، أشارت الخبيرة الأمنية في أوديسا، هانا شيليست، إلى أن أوكرانيا لديها خبرة في صناعة الصواريخ، وكان لديها عدة مشروعات قيد التطوير قبل 2014. لكنها توقفت بسبب غياب التمويل أو التخريب، في بعض الحالات.

وأوضحت “ذي إيكونوميست” أن تصميم صواريخ جديدة يستغرق نحو 10 سنوات، لكن طرح النماذج الأولية القديمة إلى السوق سيكون أسرع بكثير.

اقرأ أيضًا| كيف تستعيد أوكرانيا القرم من روسيا؟ «فورين أفيرز» تجيب

نقطة تحول

على الرغم من أن أوكرانيا تواصل تحقيق نجاحات ضد خصمها الأقوى، ليس من الواضح ما إذا كانت ستحدث نقطة تحول في الصراع. وفي هذا الإطار، قال ضابط البحرية الأوكراني المتقاعد، أندريه ريجينكو، إن حملة استهداف القرم ستستمر في الشتاء.

وكذلك فإن الوصول المتوقع للصواريخ التكتيكية بعيدة المدى (أتاكمز) سيساعد في تمديد نطاق الضربات. وأضاف ريجينكو: “سنواصل البحث عن نقاط الضعف الروسية، ونواصل إضعاف دفاعاتها ولوجيستياتها”.

تكافؤ القوة

رغم أن روسيا تعدّل تكتيكاتها ردًا على التهديد الجديد، فإن الأهمية المعنوية للقرم بالنسبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تعني أنه سيتشبث بها.

ولفتت المجلة البريطانية إلى أن أوكرانيا تسببت في تراجع “نسبة القوة البحرية” لروسيا، وهي مقياس للمسيّرات، وأجهزة الرادار، والمدفعية المتمركزة على الشاطئ، والسفن الحربية، لكنها لا تزال بعيدة عن التكافؤ.

وفي بداية الحرب، كانت النسبة 12:1، واليوم، أصبحت 4:1. وقال ريجينكو: “لا يزال الروس يملكون اليد العليا”.

ربما يعجبك أيضا