لأجل العدالة.. خبير يوضح لـ«رؤية» أبعاد غضب الشارع الفرنسي

محمد النحاس

ليست قضية نائل فقط.. أسباب أخرى دفعت الشارع الفرنسي لبلوغ هذا الحد، فما أبرزها؟


تعيش فرنسا على وقع احتجاجات عنيفة، وأعمال شغب، وسلب ونهب في أعقاب مقتل فتى عربي الأصل (17 عامًا) على أيدي الشرطة.

وعلّق خبير الشؤون الأوروبية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، بهاء محمود، بأن الشارع الفرنسي يعيش حالة ثورية واحتجاجية في علاقته بالحكومات، لافتًا إلى سوابق تاريخية مماثلة لا ترتبط فقط بالحادثة الأخيرة.

ليست سابقة تاريخية

4798
قال محمود لشبكة رؤية الإخبارية، اليوم الأحد 2 يوليو 2023 إن الفرنسيين سرعان ما ينزلون إلى الشوارع حال رفضهم لأمر ما، سواء أكان قضية اقتصادية أم شأنًا اجتماعيًّا أم سوى ذلك، وإن بعض هذه الاحتجاجات قاد إلى حل حكومات، وإن هذه الأخيرة ذات بعد شعبي ولا تقتصر على مجموعات معينة (مثل الملونين أو ذوي الأصول العربية).

غضب شعبي

عمّت الاحتجاجات العنيفة مناطق عدة في فرنسا لليلة الخامسة، بعد أن قتلت الشرطة الفرنسية، يوم الثلاثاء الماضي، فتى يدعى نائل. ويرى المتظاهرون والغاضبون من الحادثة أن الشرطة تستخدم “العنف المميت” على نحوٍ غير مبرر، ودون ضرورة لذلك، خاصةً مع تدوال مقطع مرئي يوضح تفاصيل الحادثة.

cbsn fusion protests continue in france after police kill teen during traffic stop thumbnail 2088794 640x360 1

الاحتجاجات لم تقتصر على فئة بعينها

وكان ضابط شرطة أطلق النار على الفتى وهو في سيارته حين رفض التوقف. وللفتى القتيل أصول عربية، ما جعل محتجين ينددون بما اعتبروه عنصرية في تعامل الشرطة مع الملونين ومن ينحدرون من أصول غير فرنسية. وعلاوةً على قضية العنصرية سلطت الحادثة الضوء على سكان ضواحي المهمشين، التي بدأت منها شرارة الاحتجاجات.

تصاعد العنف

تصاعد منحى العنف مع زيادة وتيرة الاحتجاج، بدايةً من أعمال السلب والنهب للمحال التجارية، وحرق السيارات والمباني الحكومية، لترد الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع واعتقال المئات من المحتجين.

ورشق المتظاهرون قوات الأمن بالحجارة، وبالألعاب النارية، ووصل الأمر في بعض المناطق إلى إطلاق النار على الشرطة ما أدى إلى إصابة ضابطين في ليون. وشهدت مرسيليا كذلك أعمال عنف.

إعلان الطوارئ؟

أدان مسؤولون العنف “غير المبرر” على الرغم من رفضهم لمقتل نائل، وهو اتجاه تبناه تيار واسع داخل فرنسا. فمع إدانة مقتل الفتى، يرفض الكثيرون الانجرار وراء العنف.

وتضع السلطات نصب أعينها تظاهرات سابقة على مدار العقدين الماضيين، وقد تلجأ إذا ما احتدم الموقف إلى إعلان حالة الطوارئ، كما حدث في احتجاجات 2005 بعد تسبب الشرطة في مقتل صبيين.

اقرأ أيضًا| فرنسا تنشر 45 ألف شرطي وعربات مدرعة وسط استمرار أعمال الشغب

تعامل الشرطة

تستنفر السلطات في محاولة لاحتواء الموقف قبل أن يخرج عن السيطرة، وقد نشرت حوالي 45 ألف فرد شرطة للتعامل مع الشارع الغاضب. وحسب وكالة أنباء رويترز أعلنت وزارة الداخلية اعتقال 1311 شخصًا في عموم أنحاء البلاد.

وجرى الإبلاغ عن 2560 حريقًا على الطرق العامة، واحتراق 1350 سيارة، وأصيب 79 من رجال الأمن خلال ليلة الجمعة فيما وقعت عشرات الهجمات على مقار الشرطة، في اتساع واضح لرقعة الاحتجاجات العنيفة رغم أن السلطات تشير إلى انحسار العنف.

ماذا بعد؟

في إجابته عن السيناريو المحتمل لمستقبل ومآلات الاحتجاجات، قال الخبير بمركز الأهرام، بهاء محمود، إن الاحتجاجات قد تستمر حال غياب “حكم عادل يرضي المحتجين”، وقد تعمد الحكومة إلى “سياسة النفس الطويل” التي اتبعتها خلال ما يعرف باحتجاجات “السترات الصفراء”.

وبسؤاله عن احتمالية إقدام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على الاعتذار، رد بأن القضية لا ترتبط بهذا فحسب، بل إن الأمر يرتبط بتعديل القوانين، وتغيير أساليب التعامل لدى الشرطة، وتقويض الاتجاهات التي تعززها تيارات اليمين الشعبوي.

اقرأ أيضًا| عنف وخراب.. مقتل الشاب نائل يثير الفوضى في فرنسا

مقارنة مذهلة

نقلت صحيفة ليبراسيون الفرنسية عن عالم الاجتماع الفرنسي سيباستيان روشيه، الذي بحث في هذا الشأن، أنه في “ألمانيا لم يكن يوجد غير إطلاق نار واحد مميت من الشرطة خلال 10 سنوات بسبب عدم الامتثال للأوامر”.

ويشير روشيه إلى أن “المقارنة مذهلة بالنظر إلى فرنسا التي وصلت إلى 16 حالة في عام ونصف، ما يعني أن المعدل في فرنسا يصل في المتوسط إلى حالة قتل كل شهر، أي نفس نسبة 10 سنوات في ألمانيا”.

ربما يعجبك أيضا