لماذا يجب أن تركز الولايات المتحدة على شرق آسيا؟

الولايات المتحدة تحتاج إلى تركيز اهتمامها ومواردها على شرق آسيا

آية سيد
لماذا يجب أن تركز الولايات المتحدة على شرق آسيا؟

في العقود الأخيرة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول شرق آسيا مجتمعة إلى 26% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يجعلها المنطقة الأهم للولايات المتحدة.


سارع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتوريط الولايات المتحدة في الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وإضافة لهذا، ابتعد بايدن عن سياسة الغموض الاستراتيجي تجاه تايوان وتعهد عدة مرات بالدفاع عن الجزيرة ضد أي هجوم أو غزو صيني. وحسب مدير مركز السلام والحرية بالمعهد المستقل، إيفان إيلاند، هذه السياسة التدخلية في عدة مناطق تُعد إنهاكًا خطيرًا للولايات المتحدة.

«شرطي العالم»

في تحليل بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أمس السبت 10 فبراير 2024، لفت إيلاند إلى أن الولايات المتحدة تولت دور “شرطي العالم” منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفي ذلك الحين، كانت القوى العظمى الأخرى تعاني أضرارًا كارثية لحقت باقتصاداتها ومجتمعاتها. وعلى النقيض، مثلت الولايات المتحدة نصف الناتج الاقتصادي العالمي، وأصبحت شرطي العالم ليس بسبب احتياجاتها الأمنية بل لأنها تستطيع.

وبعد الحرب، خفف الاتحاد السوفيتي، الخصم المحتمل الرئيس لأمريكا، من نزعته التوسعية الثورية وسعى لبناء قدرته الصناعية التي أحرقها الغزو النازي. وكذلك حققت الولايات المتحدة الريادة في تكنولوجيا الأسلحة النووية القوية.

إنهاك زائد

أشار المحلل الأمريكي إلى أن العالم تغير كثيرًا منذ انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ونهاية الحرب الباردة. واليوم، تمثل الولايات المتحدة 15% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و40% من الإنفاق العسكري العالمي. وهذا الإنهاك العالمي غير مستدام وغير ضروري في الوقت الحالي.

ومنذ أواخر السبعينات، أجبرت الاضطرابات والصراعات المزمنة في الشرق الأوسط الولايات المتحدة على التدخل لتأمين إمداد النفط العالمي. لكن ثورة التكسير الهيدروليكي جعلت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم. ومع هذا، تحتفظ الولايات المتحدة بقوات برية وبحرية وجوية في المنطقة لحماية إمدادات نفط الدول الأخرى، خاصة دول أوروبا الغنية، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان.

وحتى من دون ثورة التكسير الهيدروليكي، كان شراء النفط بسعر السوق الدولية سيكون أرخص من تكلفة القوات العسكرية التي تحمي تدفق السلعة خلال الحروب. وكذلك فإن المساعدات العسكرية السنوية لإسرائيل، البالغة 4 مليارات دولار، يبدو أنها تدعم سلوكًا هدامًا لحل الدولتين طويل الأمد للصراعات الدائمة على فلسطين.

حصيلة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

الدعم العسكري لإسرائيل

تغير الأولويات

حسب إيلاند، تراجعت الأهمية الاقتصادية النسبية لأوروبا، التي كانت الشاغل الرئيس لأمريكا أثناء الحرب الباردة. وأصبحت حصة الاتحاد الأوروبي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أقل من 15%. إلا أنها لا تزال ضخمة مقارنة بحصة خصمه الرئيس، روسيا، التي تبلغ 3% فقط.

ولذلك، رأى المحلل أنه يجب على الأوروبيين التكفل بالدفاع عن أنفسهم، وتولي مساعدة أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، لافتًا إلى أن الأهمية الاستراتيجية لأوكرانيا أكبر بكثير للدول الأوروبية من الولايات المتحدة. ورغم هذا، تجاوزت المساعدات الأمريكية لأوكرانيا 75 مليار دولار، وهي مساهمة ضخمة في الأمن الأوروبي.

إنفوجراف| المساعدات الأمريكية لأوكرانيا

المساعدات الأمريكية لأوكرانيا

شرق آسيا

رأى إيلاند أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تركيز اهتمامها ومواردها على المنطقة الأهم لها في الوقت الحالي، وهي شرق آسيا. وفي العقود الأخيرة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول شرق آسيا مجتمعة إلى 26% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وفي هذه المنطقة، يتعين مراقبة صعود الصين وتصرفاتها الجازمة تجاه تايوان وبحر الصين الجنوبي. لكن ينبغي أن يتوقف بايدن عن الابتعاد عن سياسة الغموض الاستراتيجي الرسمية تجاه الدفاع عن تايوان.

هل تشكل الصين تهديدًا؟

لفت المحلل الأمريكي إلى أنه يجب وضع التهديد الصيني في منظوره الصحيح. هذا لأن حملة التطهير الأخيرة التي أجراها الرئيس الصيني، شي جين بينج، للجيش تشير إلى أنه يخشى أن يؤثر الفساد في جيشه أثناء الهجوم على تايوان، مثلما حدث مع الجيش الروسي وغزو أوكرانيا الفاشل.

وكذلك زاد شي من تدخل الحزب الحاكم والدولة في الاقتصاد، ما فاقم المشكلات الاقتصادية الصينية الناتجة عن الصناعات والبنوك غير الكفؤ المملوكة للدولة.

ولهذا، يجب أن يستحوذ الناتج المحلي الإجمالي المتزايد لمنطقة شرق آسيا، وصعود الصين المحتمل، على اهتمام واشنطن ومواردها، لكن ليس لدرجة القلق المفرط أو الهيستريا.

ربما يعجبك أيضا