«فورين أفيرز»: الولايات المتحدة تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها في آسيا

آية سيد
فورين أفيرز: الولايات المتحدة تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها في آسيا

قلق في اليابان وكوريا الجنوبية من أن الولايات المتحدة غير مستعدة أو غير قادرة على مواجهة التهديدات الأمنية من كوريا الشمالية والصين وروسيا.


تزداد مخاوف حلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا، خاصة اليابان وكوريا الجنوبية، بشأن مصداقية الردع الموسع الأمريكي.

وفي مقال نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، يوضح 3 خبراء بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن على الولايات المتحدة تعزيز مصداقية الردع الموسع، عبر الاعتراف بمخاوف الحلفاء، والتشديد على مصيرهم المشترك، وزيادة التعاون في القضايا النووية.

عوامل الشك

يذكر المقال أن الحفاظ على مصداقية التزامات الردع الموسع يُعد تحديًا، لأن فعل هذا يتطلب إقناع الحلفاء بأن الولايات المتحدة تمتلك الإرادة لردع وصد الهجمات المحتملة ضدهم، حتى لو كان هذا يعني تعريض المدن الأمريكية للخطر. وبسبب صعوبة هذا المسعى، يكون شك الحلفاء أمرًا طبيعيًّا ومتوقعًا.

لكن في السنوات الأخيرة، تجاوز شك المسؤولين اليابانيين والكوريين الجنوبيين المستوى الطبيعي. ووفق المقال، تشعر طوكيو وسيول بالقلق من أن واشنطن غير مستعدة أو غير قادرة على مواجهة التحديات الأمنية الملحة، التي تخلقها التهديدات المتصاعدة سريعًا، من كوريا الشمالية والصين وروسيا على وجه التحديد.

تهديدات متصاعدة

يبرز المقال التهديدات التي تواجه اليابان وكوريا الجنوبية، التي تتمثل في الحملة غير المسبوقة التي شرعت فيها كوريا الشمالية لتطوير الأسلحة، وشملت اختبار أكثر من 90 صاروخًا كروز وباليستيًّا، والاستعداد لإجراء اختبار نووي.

وتضم التهديدات كذلك التحديث العسكري الشامل للصين، وزيادة نشاطها البحري والجوي بالقرب من اليابان، ويشمل ذلك التوغل المستمر في المياه الإقليمية حول جزر سينكاكو.

غزو أوكرانيا

أسهمت الحرب الروسية الأوكرانية، وشراكة موسكو “التي لا حدود لها” مع بكين، في زيادة قلق زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية، اللذين ربطا بين أمن أوروبا وأمن الهندوباسيفيك، وألمحا إلى أن تحركات روسيا في أوكرانيا قد تشجع الصين على ضم تايوان بالقوة، أو تغوي كوريا الشمالية لغزو جارتها الجنوبية.

وحسب المقال، يشعر حلفاء الولايات المتحدة في آسيا أيضًا بالقلق من التطورات داخل الولايات المتحدة نفسها. وبالتحديد، يقلقهم أن الإدارة الأمريكية المستقبلية قد تقلل من أهمية التحالفات، مثلما فعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

الاعتماد على النفس

تعاملت اليابان وكوريا الجنوبية مع هذا الإحساس المتصاعد بالضعف جزئيًّا عن طريق زيادة قدراتهما العسكرية. ووفق المقال، طورت سيول منظومة دفاعية “ثلاثية المحاور” تتكون من منصة للضربات الاستباقية، ومنظومات دفاعية جوية وصاروخية، وخطة ثأر مصممة لشل قدرات القيادة الكورية الشمالية والمنشآت العسكرية، في حالة وقوع هجوم.

وأما اليابان، فقد التزمت بزيادة إنفاقها الدفاعي بأكثر من 60% على مدار الأعوام الـ5 المقبلة وبالحصول على “قدرات الضربة المضادة” التي ستمكنها من ضرب كوريا الشمالية أو بر الصين الرئيس في حالة حدوث هجوم، وهو ما أوضحته في 3 وثائق استراتيجية أصدرتها في ديسمبر الماضي.

جهود أمريكية

أتاحت الولايات المتحدة لحلفائها اتخاذ هذه الخطوات لتولي مسؤولية دفاعية أكبر، في حأنها ين طمأنتهم بشأن مصداقية التزاماتها الأمنية. وحسب المقال، دعمت إدارة جو بايدن استئناف التدريبات العسكرية المشتركة وتوسيعها مع كوريا الجنوبية، وأعلنت في مايو 2021، إلغاء القيود على مدى الصواريخ الكورية الجنوبية.

وأعربت الولايات المتحدة أيضًا عن دعمها لحصول اليابان على “قدرات الضربة المضادة”، وتستعد واشنطن لبيع صواريخ توماهوك الهجومية البرية إلى طوكيو التي تخطط لنشرها على المدمرات البحرية في 2026.

ووفق المقال، أعاد بايدن التشديد على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها بمجموعة كاملة من القدرات العسكرية، تشمل الأسلحة النووية، وكذلك رفع مستوى حوارات الردع الموسع مع طوكيو وسيول. وشجع الرئيس الأمريكي رفع مستوى التعاون في مجال الدفاع الصاروخي بين الحلفاء الـ3.

هل هذه الجهود كافية؟

على الرغم من أهمية هذه الجهود، يرى المقال أنها لم تكن كافية لتهدئة مخاوف الحلفاء بشأن الردع الموسع، لأن الطمأنة وحدها ليست كافية، والالتزامات النووية تستدعي الشك في أن واشنطن ستخاطر بهجوم نووي على إحدى مدنها للدفاع عن طوكيو أو سيول.

وإضافة إلى ذلك، يشير امقال إلى أن النجاح الذي حققته التحالفات الأمريكية في ردع حرب كبرى على مدار العقود الـ8 الماضية، يعني أن ضمانات واشنطن الأمنية لم تواجه اختبارًا صعبًا.

ويلفت المقال إلى وجود بعض الأسباب البيروقراطية وراء شكوك حلفاء الولايات المتحدة، لأن مسؤولين في أمريكا كانوا مترددين في إشراك الحلفاء في المشروع النووي الأمريكي، ولا يسمحون لهم بأكثر من زيارة المواقع النووية.

مخاطر التخلي عن الحلفاء

يجادل بعض المحللين بأن واشنطن لا يجب أن تكلف نفسها عناء محاولة إنقاذ الردع الموسع، وأن حلفاء أمريكا في شرق آسيا يجب أن يسعوا للحصول على أسلحة نووية خاصة بهم. لكن المقال يلفت إلى أن هؤلاء لا يدركون جميع المشكلات التي سيطرحها برنامج الأسلحة النووية الكوري الجنوبي.

وتشمل هذه المشكلات إجبار سيول على الانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي، وفرض عقوبات عليها، والمخاطرة بسباق تسلح نووي إقليمي بين الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ودول أخرى. وسيتسبب امتلاك كوريا الجنوبية للسلاح النووي في توتر بشبكة التحالفات الأمريكية في آسيا، وسيخلق المزيد من الخلافات في علاقة طوكيو وسيول.

ويتعين على من يناصرون التخلي عن التحالفات، إيجاد طريقة بديلة للتعامل مع التحدي الأخطر للولايات المتحدة، ألا وهو الصين، وكذلك القضايا الأخرى التي لا تستطيع دولة واحدة معالجتها، مثل تغير المناخ والجوائح ومشكلات سلاسل الإمداد.

ماذا تفعل الإدارة الأمريكية؟

على إدارة بايدن تعزيز الجهود التي اتخذتها مسبقًا لاستعادة مصداقية الضمانات الأمنية الأمريكية. وحسب المقال، يبدأ هذا بإدراك أسباب قلق الحلفاء. ويجب أن تؤكد الإدارة لحلفائها أنها تمتلك أمورًا على المحك أكثر من مصداقيتها، مثل قواتها المتمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية ومواطنيها الذين يعيشون هناك، ما يخلق “مصيرًا مشتركًا” يربطهم معًا.

ويضيف المقال أن على واشنطن أن تؤسس إطار عمل للتخطيط النووي المشترك مع طوكيو وسيول، على غرار مجموعة التخطيط النووي التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وينبغي التفكير أيضًا في تعزيز الحوارات الثنائية الحالية عبر خلق حوارات استراتيجية ثلاثية جديدة، لزيادة مشاركة المعلومات وتحديد فرص التنسيق.

خطوات إضافية

سيكون على الولايات المتحدة تعزيز موقفها العسكري والنووي الإقليمي، وقد يشمل هذا فعل المزيد لاستعراض قدراتها النووية، وفق المقال. وينبغي على الحلفاء الـ3 استكشاف الفرص لزيادة الأنشطة العسكرية المشتركة المتعلقة بالردع الموسع.

وختامًا، يذكر المقال أنه ينبغي أن تبدأ واشنطن التخطيط لإعادة النشر المحتملة للأسلحة النووية التكتيكية في كوريا الجنوبية في المستقبل، وقد يشمل هذا التخطيط محادثات عن متطلبات تخزين هذه الأسلحة على شبه الجزيرة، والسلبيات المحتملة لفعل هذا، وإجراء محاكاة حربية لمراحل إعادة النشر، بناءً على التغيرات في بيئة التهديدات.

ربما يعجبك أيضا