ماذا كشف تمرد بريجوجن عن بوتين ومستقبل روسيا؟

آية سيد
ماذا كشف تمرد بريجوجين عن بوتين ومستقبل روسيا؟

في حوار مع مجلة فورين أفيرز، يعرض المؤرخ الأمريكي، ستيفن كوتكين، رؤيته بشأن تمرد قائد مجموعة فاجنر، يفجيني بريجوجن، والتهديد الذي واجهه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومستقبل روسيا.


أجرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية حوارًا مع المؤرخ الأمريكي البارز، ستيفن كوتكين، بشأن الأحداث التي شهدتها روسيا على مدار الـ24 ساعة الماضية.

كوتكين مؤرخ مهتم بالشأن الروسي، وهو كاتب السيرة الذاتية لجوزيف ستالين، التي صدرت في 3 مجلدات. وفي الحوار، يعرض كوتكين رؤيته بشأن تمرد قائد فاجنر، يفجيني بريجوجن، والتهديد الذي واجهه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومستقبل روسيا.

تمرد بريجوجن

نُشر الحوار أمس السبت 24 يونيو 2023، قبل الإعلان عن إنهاء التمرد. ورأى كوتكين أن بريجوجن يرتجل، وعلى الرغم من إعلان وقف التقدم نحو موسكو، فإنه لا يزال مسؤولًا عن مجموعة فاجنر.

وقال المؤرخ الأمريكي إن فاجنر نجحت في الاستيلاء على المقرات العسكرية الجنوبية في مدينة روستوف، ليس بالسلاح وإنما بالتكنولوجيا. هذا لأن بريجوجن يعتمد على التليجرام، في حين لا يتواجد بوتين على الإنترنت، ويبدو أنه لا يفهم وسائل التواصل الاجتماعي، وهو خطأ فادح، حسب تعبير كوتكين.

وأضاف أن التهديد الداخلي لبوتين يعمل لصالح الأوكرانيين، لأن بريجوجن قد يخدم كبديل لبوتين، ويختبر ولاء الجميع داخل روسيا، ويكشف عن عدم وجود دعم حقيقي للحرب في صفوف الجنود الروس.

اقرأ أيضًا| الفوضى تضرب روسيا.. هل تستغلها أوكرانيا لحسم الحرب؟

الخوف من البديل

أشار المؤرخ الأمريكي إلى أن نظام بوتين “أجوف لكنه لا يزال قويًّا”، وسيظل هكذا طالما لا يوجد بديل سياسي. وأوضح أن الشيء الذي يخشاه كل الحكام الديكتاتوريين هو البديل. وبوتين، بعد سنوات من قمع البدائل بلا كلل لضمان ألا يهدده أحد، سمح لبديل بأن يتشكل.

وحسب كوتكين، فإن الطريقة المناسبة لزعزعة نظام بوتين هي تجنيد منشق من الداخل، قومي روسي ينال استحسان قاعدة بوتين، لكن يدرك الوجود المنفصل للأمة والدولة الأوكرانية، ويُفضل أن يكون منشق من الجيش. وقال كوتكين: “بوتين منحنا هذا المرشح، لكن ينبغي التأني لأن الانقلابات في روسيا لها سجل مروع”.

البدائل المتاحة

رأى كوتكين أن بريجوجين قد يمثل بديلًا له جاذبية، لأنه قومي روسي استبدادي يدرك أن الحرب خطأ، وسواء بقصد أم لا، فإنه يُنهي الحرب فعليًّا، أو على الأقل المرحلة النشطة الحالية. ولفت إلى أن خلفية بريجوجين ملائمة للحظة الحالية أكثر من بوتين.

هذا لأن بريجوجن ينحدر من عائلة مثقفة، ولغته الروسية أفضل من بوتين، وينحدر من طبقة اجتماعية أعلى من بوتين. وتُظهر مقاطع الفيديو مفرداته البليغة، وقدرته على لعب دور الرجل القوي، والوطني الروسي الذي يجاهر بما في قلبه، والشخص الصادق الذي يشجب الانتهازيين والحمقى واللصوص الذين عيّنهم بوتين.

وقال المؤرخ الروسي إن المعارض المسجون حاليًّا، أليكسي نافالني، يمثل بديلًا آخر لبوتين، لأنه أيضًا قومي روسي ويقول علنًا إن الحرب فكرة مروعة وتضر بروسيا. ويُعد نافالني كذلك ورقة ثمينة لرفع العقوبات بالنسبة لأي بديل لبوتين، إن لم يكن نافالني نفسه البديل.

اقرأ أيضًا| سيناريوهات قاتمة.. خبير يوضح لـ«رؤية» تداعيات تمرد فاجنر على روسيا

ماذا كشف التمرد عن بوتين؟

قال كوتكين إن البديل وجد فرصة للظهور، وبوتين لم يتدخل على مدار أشهر وسمح للأمور بالوصول إلى هذه المرحلة. ورأى المؤرخ أن ذلك يعني أن بوتين إما انحدر إلى حالة من انعدام الكفاءة المطلقة، أو أنه يمتلك سيطرة تشغيلية أقل مما تصوره آلته الإعلامية، أو الأمرين معًا.

وأشار كوتكين إلى أنه بالغ في تقدير بوتين، وأنه توقع منه أن يكون أفضل في ممارسة أساسيات الاستبدادية، وأن يفهم أن هذا هو التهديد الذي يواجهه في الوقت الحالي، وأن يتوقف عن تحريض المنافسين ضد بعضهم البعض للسيطرة عليهم، لأن هذا أصبح يشكل خطرًا عليه شخصيًّا.

خيارات واشنطن والناتو

كان رد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي اعتمد على ترك الأمور تأخذ مجراها، ملائمًا، من وجهة نظر كوتكين، لأنه إذا بدا أن واشنطن وكييف والناتو يدعمون بريجوجين، أو متواطئين معه، كان هذا سيقوض فرصه في وضع حد للعدوان على أوكرانيا.

وفي ختام الحوار، توقع المؤرخ الأمريكي أن تعود الأمور إلى حيث بدأت، ببقاء بوتين في السلطة في موسكو وانخراط أوكرانيا في هجوم مضاد سيكون من الصعب النجاح فيه.

ربما يعجبك أيضا