«هدنة عيد الميلاد» خلال الحرب العالمية الأولى.. هل تتكرر في غزة أو أوكرانيا؟

لماذا لا تكرر هدنة عيد الميلاد في غزة أو أوكرانيا؟

محمد النحاس

تخلو الحرب من بعض المشاهد الإنسانية، وفي حين حدث ذلك قبل ما يزيد عن القرن من الزمان، عندما حدثت هدنة عيد الميلاد، يبدو أن حربي غزة وأوكرانيا لن ينالهما نصيب من توقفات مماثلة


في عام  1914، وبعد بدء الحرب العالمية الأولى بـ 4 أشهر فقط، انعقدت سلسلة من الهدنات غير المقررة سلفًا بشكل مفاجئ، فيما عرف لاحقًا تاريخيًّا بـ هدنة عيد الميلاد.

وبينما كانت الجبهة الغربية بين قوات ألمانيا من جهة، والقوات البريطانية من جهة أخرى، على أهبة الاستعداد للانخراط في القتال، حيث تخندق المتقاتلين، حدث ما لم يكن متوقعًا، بعد أن بدأ الألمان بترديد ترنيمة أعياد الميلاد، ليرد عليهم الإنجليز بترنيمة إنجليزية.. فماذا حدث بعد ذلك؟

ماذا عن غزة وأوكرانيا؟

على ما فيها من مآس، ومشاهد مروعة، وأحداث صادمة قد لا تخلو الحرب من بعض المشاهد الإنسانية، وفي حين حدث ذلك قبل ما يزيد عن القرن من الزمان، عندما حدثت هدنة عيد الميلاد، يبدو أن حربي غزة وأوكرانيا لن ينالهما نصيب من توقفات مماثلة في عيد الميلاد الحالي.

وفي مدينة بيت لحم الفلسطينية، لم تكن هناك آثار للاحتفال تضامنًا مع ضحايا حرب غزة، وفي أوكرانيا، زادت الحرب من فرقة الأطراف المتناحرة، ليحتفل الأوكرانيون يوم 25 ديسمبر بدلاً 7 يناير، حيث يحتفل الروس.

كيف بدأت هدنة عيد الميلاد؟

بالعودة إلى هدنة عيد الميلاد، فقد بدأ الأمر بعد 4 أشهر متواصلة من حرب خنادق طويلة ومريرة وبلا أفق لنهاية محتملة، في ظروف خيّم فيها الجوع، والبرد، واليأس، والخوف مما هو قادم.

أمام تلك الأوضاع، خرج الجنود الألمان عن المعهود في فترات الحرب، وضع بعضهم أشجار عيد الميلاد فوق متاريس وأمام الخنادق، وبدأوا يغنون، بدأ الأمر في نقطة التقاء واحدة، سرعان ما ترددت أصدّاء الغناء لتنقل عدواه على طول خط الجبهة.

لا يوجد خدعة

سرعان ما ردّ الجنود البريطانيون والفرنسيون في المقابل على “أعدائهم المفترضين”، بأغانٍ مماثلة، ومن ثمّ ذهب الألمان أبعد من ذلك، ليخرج بعض الجنود من خنادقهم ماضين قدمًا مارين بما عرف آنذاك بـ “المنقطة المحرمة” ومن ثم تجاه المناطق التي يربض بها الإنجليز.

وظن الجنود الإنجليز أول الأمر، أن هناك خدعة ما أو مكيدة محتملة دبرها الألمان، إلاّ أنهم خرجوا من خنادقهم في نهاية المطاف حيث لم يكن الجنود الألمان مسلحين، ليتبادل الرجال فيما بينهم السجائر والهدايا والحلوى، في مشهد إنساني، بل وذهبوا أبعد من ذلك حيث لعبوا سويةً كرة القدم، ضاربين عرض الحائط بالأوامر التي تقضي بعد الاقتراب من العدو.

ويصف مقاتل شارك في الحرب المشهد قائلاً : تصافحنا وقدّمنا إليهم السجائر والمربى وشرائح اللحم المُعلّب، في المقابل أهدونا السجائر أيضاً، لكن لم يكن لديهم الكثير من الطعام، لقد بدا واضحاً أنَّ الألمان قد سئموا هذه الحرب”.

مشهد لم يتصوره أحد

ووصف أحد الجنود من جهة دول الحلفاء: “لقد كان عشية عيد الميلاد، كان هناك ضوء قمر أبيض جميل ينشر سناه في كل مكان والأجواء باردة وفي حوالي الساعة السابعة أو الثامنة مساءً سمعنا أصوات غناء وكثيراً من الضجة. ويتابع: ظهرت أضواء مفاجئة على طول الخندق من الجهة الألمانية، ثم شرع الألمان يغنون ترنيمة “ليلة هادئة.. ليلة مقدسة”.

وفي نوفمبر 2008 جرى الإعلان عن نصب تذكاري لهدنة عيد الميلاد في فريلينجين، فرنسا، وهو المكان الذي خرج فيه الرجال من خنادقهم، لم يكن أحد من الأطراف المتناحرة آنذاك يتخيل أن ذلك ممكن أو حتى جائز، فكل جانب يترصد بالآخر لإردائه قتيلاً، كما ينظر إليه على أنه عدو يجب القصاص منه، مع ذلك فقد حدث ما حدث.

فهل يمكن أن نرى المشهد يتكرر في غزة أو أوكرانيا؟ أم يظل أزيز الرصاص ودوي القنابل أعلى من أن يُسمع شيء غيره؟

 

ربما يعجبك أيضا