هل يحق للصين التجسس على الولايات المتحدة؟

آية سيد
هل يحق للصين التجسس على الولايات المتحدة؟

يتساءل الكاتب الأمريكي، ماكس بوت: "إذا كانت الولايات المتحدة تتجسس بالقرب من الصين، لماذا لا يُسمح للصين بالتجسس بالقرب من الولايات المتحدة؟"


تفاقمت التوترات في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة مجددًا بعد ظهور تقارير عن إنشاء الصين لقاعدة تجسس في كوبا.

وفي هذا الإطار، رأى الزميل بمجلس العلاقات الخارجية، ماكس بوت، أن هذا قد يكون سببًا للانزعاج، لكنه لا يستدعي الغضب أو نسف الجهود الرامية إلى إصلاح العلاقات مع بكين، خاصة أن الولايات المتحدة تتجسس على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.

غضب أمريكي

في مقاله بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أمس الاثنين 12 يونيو 2023، لفت بوت إلى أنه بعدما بدأت العلاقات بين واشنطن وبكين في التحسن، بعد أزمة المنطاد الصيني، ظهر تقرير في وول ستريت جورنال، الخميس الماضي 8 يونيو، يفيد بأن كوبا ستستضيف قاعدة تجسس صينية سرية للتنصت على الولايات المتحدة.

وقال بوت إن هذا أدى إلى ظهور الغضب المتوقع من أعضاء الكونجرس، مستشهدًا ببيان مشترك لرئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، مارك وارنر، ونائبه، ماركو روبيو، جاء فيه: “انزعجنا بشدة من التقارير التي تفيد بأن هافانا وبكين تعملان لاستهداف الولايات المتحدة وشعبنا”.

وأضاف البيان: “يجب أن نكون واضحين بشأن أنه ليس مقبولًا أن تقيم الصين منشأة استخبارات في نطاق 100 ميلًا من فلوريدا والولايات المتحدة”. وقالت النائبة الجمهورية، إليز ستيفانيك، إن هذا دليل آخر على أن الرئيس الأمريكي جو بايدن “يسمح باستمرار للصين الشيوعية بالاستفادة من قيادته الضعيفة وإضعاف أمننا القومي”.

اقرأ أيضًا| الصين تبني قاعدة تجسس في كوبا.. هل تعلن واشنطن الحرب عليها؟

ليس بالأمر الجديد

من جهته، أصدر البيت الأبيض بيانًا، السبت الماضي 10 يونيو، أوضح فيه أن الصين تمتلك بالفعل قاعدة تجسس في كوبا منذ 2019. وحسب بوت، قال مسؤولون في إدارة بايدن إنهم ورثوا هذه القضية من الرئيس السابق، دونالد ترامب، وكانوا يعملون عبر الوسائل الدبلوماسية لمواجهة التجسس الصيني في كوبا وغيرها من الأماكن.

وأشار بوت إلى أن الصين ربما تعمل على تحسين وجودها الاستخباراتي في كوبا، لكن الوجود في حد ذاته ليس بالأمر الجديد، أو الصادم. وأوضح الكاتب الأمريكي أن الاتحاد السوفيتي امتلك أكبر مركز تنصت خارجي بالقرب من لوردس، في كوبا، لعقود.

إلا أن واشنطن كانت مستعدة للمخاطرة بالحرب لإزالة الصواريخ النووية السوفيتية من كوبا، لكنها تساهلت مع جهود جمع الاستخبارات. هذا لأن واشنطن أدركت منذ فترة طويلة أن الدول لديها الحق في التجسس على بعضها البعض.

أمريكا تتجسس على الجميع

حسب بوت، لا يمكن للولايات المتحدة التنديد بالتجسس الصيني بحزم في الوقت الذي يدير مجتمع الاستخبارات الأمريكي أكبر شبكة لجمع الاستخبارات في العالم.

هذا لأن الأمور التي كشف عنها إدوارد سنودن، وتسريبات ديسكورد، وغيرها من المصادر، توضح أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجمع كميات ضخمة من الاتصالات من جميع أنحاء العالم، وتتجسس على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.

والصين تعلم عن جهود جمع الاستخبارات الأمريكية، على الأقل لأنه بعد تأسيس العلاقات بين بكين وواشنطن في السبعينات، استضافت الصين قواعد تجسس لوكالة الأمن القومي الأمريكية بالقرب من حدودها مع الاتحاد السوفيتي، وفق بوت.

اقرأ أيضًا| وثائق مسرّبة تكشف تجسس الولايات المتحدة على حلفائها

التجسس على الصين

لفت الكاتب الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تتعاون بانتظام مع الحلفاء، مثل أستراليا ونيوزيلندا، في جمع الاستخبارات عن الصين، وترسل طائرات مراقبة بالقرب من المجال الجوي الصيني.

واستشهد بوت بواقعة اعتراض مقاتلة صينية لطائرة استطلاع أمريكية فوق بحر الصين الجنوبي، نهاية مايو الماضي، متسائلًا “إذا كانت الولايات المتحدة تتجسس بالقرب من الصين، لماذا لا يُسمح للصين بالتجسس بالقرب من الولايات المتحدة؟”

وفي هذا الشأن، قال ضابط الاستخبارات السابق لشؤون شرق آسيا، بول هير: “لا ينبغي أن نتفاجأ باحتمالية وجود قاعدة تنصت صينية في كوبا”، مضيفًا أن أي جهود صينية لجمع الاستخبارات من كوبا ستكون مكافئة للجهود الأمريكية ضد الصين من مراكز التنصت ومهام المراقبة في غرب الباسيفيك.

اقرأ أيضًا| فيديو| مقاتلة صينية تعترض طائرة تجسس أمريكية.. ماذا جرى؟

تضرر العلاقات مع كوبا

أشار بوت إلى أن العلاقات الأمريكية مع كوبا قد تعاني من أضرار جانبية بسبب التقارير عن قاعدة التجسس الصينية. وعلى الرغم من أن بايدن رفع بعض عقوبات عصر ترامب، فإنه لم يطبع العلاقات مع كوبا، التي تخضع للعقوبات الأمريكية منذ أكثر من 60 عامًا.

وفي هذا السياق، قال المتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية بالجامعة الأمريكية، ويليام ليوجراند: “بترك معظم عقوبات ترامب سارية، لم تترك الإدارة خيارًا للكوبيين سوى البحث عن رعاة أجانب في أي مكان إذا كانوا يريدون الصمود”.

ورأى بوت أن هذا الكشف الأخير ينبغي أن يسلط الضوء على الحاجة إلى رفع العقوبات الأمريكية والتعاون مع كوبا لموازنة النفوذ الصيني. لكن النتيجة الأكثر ترجيحًا، حسب الكاتب الأمريكي، هو أنه سيأتي بنتيجة عكسية، ما يجعله من المستحيل سياسيًّا على بايدن تحسين العلاقات مع كوبا في أي وقت قريب.

ربما يعجبك أيضا