وسط موجة تضخم محمومة.. اقتصاد العالم على حافة الركود

ولاء عدلان

يتوقع البنك الدولي أن ترتفع نسبة البلدان التي تشدد من سياساتها المالية خلال 2023 إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل التسعينيات.


حذر البنك الدولي من ارتفاع مخاطر الركود الاقتصادي العالمي خلال العام المقبل 2023، وسط استمرار الزيادات المتزامنة لأسعار الفائدة في أنحاء العالم.

وقال الينك، في دراسة جديدة، إن اقتصادات كل من الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو تتباطأ بحدة في الوقت الراهن، وفي ظل هذه الظروف فمجرد صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال 2023، قد تهوي به في غمرة الركود.

ركود في الأفق

أوضحت دراسة البنك الدولي المنشورة تحت عنوان “هل يلوح الركود العالمي في الأفق؟” أن البنوك المركزية في أنحاء العالم أقدمت على رفع الفائدة هذا العام بدرجة من التزامن لم تحدث منذ 5 عقود، وهو اتجاه من المرجح أن يستمر في 2023، ولكن المسار المتوقع حاليًّا لزيادات الفائدة قد لا يكفي للنزول بالتضخم العالمي المحموم إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا.

وأضافت: “ما لم ينحسر تعطُل سلاسل الإمدادات وضغوط أسواق العمل، قد ترتفع معدلات التضخم العالمي باستثناء تأثير أسعار الطاقة في 2023 إلى نحو 5%، ما يدفع البنوك المركزية لزيادة الفائدة بنحو 2% إضافية، وحال صاحب هذا تدهور للأسواق المالية، فإن معدل نمو إجمالي الناتج العالمي سيتراجع إلى 0.5%، وينكمش متوسط نصيب الفرد من النمو 0.4%، بما يوافق التعريف الفني للركود.”

Untitledمخاطر الركود

أشد تباطؤ منذ 1970

شدد البنك الدولي على أن الاقتصاد العالمي يمر حاليًّا بأشد تباطؤ يشهده منذ التعافي من كساد عام 1970، وقال رئيس البنك، ديفيد مالباس: “من المرجح زيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي مع انزلاق مزيد من البلدان في غمرة الركود، وما يثير القلق البالغ هو احتمال أن تستمر هذه الاتجاهات، وحودث تداعيات طويلة الأمد ذات آثار مُدمرة للشعوب في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.”

وخلال يوليو، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي إلى 3.2% في 2022 و2.9% في 2023، وحذر، الخميس الماضي، من ارتفاع مخاطر انزلاق بعض الدول في دائرة الركود خلال 2023، وقالت مديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا: “التضخم قاعدته أعرض مما كنا نعتقد.. وإذا كانت سياسات المالية العامة غير محددة الأهداف، فإنها قد تصبح عدو السياسة النقدية وتغذي التضخم”، وفق اندبندنت.

هشاشة النمو العالمي

أشار البنك الدولي إلى أن توقعات النمو لأكبر اقتصادات العالم الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين آخذة في التراجع منذ بداية العام، ما يقلل من احتمالية تجنب الركود العالمي في 2023، نتيجة للضعف الاقتصادي الذي سينتهي به العام الحالي.

ويعتقد كبير المستشارين الاقتصاديين لدى أليانز، محمد العريان، أن النمو الاقتصادي العالمي خلال هذه الفترة أكثر هشاشة من أي وقت مضى، في ظل استمرار أزمة الطاقة في أوروبا، وعمليات الإغلاق في الصين، وضغوط التضخم في أمريكا، وكلها تحديات تضغط على الاقتصاد العالمي وتجعل النمو هشًا، وترفع خطر ارتكاب أخطاء في سياسات البنوك المركزية، وفق “فايننشال تايمز”.

مخاطر التضخم ورفع الفائدة

مسار التضخم وأسعار الفائدة في أمريكا والصين ومنطقة اليورو

مهمة صعبة أمام صانعي السياسات

توقع البنك الدولي أن تصل نسبة البلدان التي تشدّد سياساتها المالية خلال 2023 إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل التسعينيات، ما يفاقم آثار السياسة النقدية على النمو الاقتصادي، ولذا دعا البنوك المركزية لمواصلة جهودها لاحتواء التضخم بالتنسيق مع غيرها من صانعي السياسات المالية للحيلولة دون التسبب في ركود عالمي، وذلك عبر خطوات منها تعزيز الإمدادات العالمية والتجارة الدولية.

وقال رئيس مجموعة البنك الدولي: “لتحقيق معدلات تضخم منخفضة، واستقرار بسوق الصرف، وتسريع وتيرة النمو ينبغي لواضعي السياسات تحويل تركيزهم من تخفيض الاستهلاك إلى تعزيز الإنتاج، ويجب أن تسعى السياسات إلى توليد استثمارات إضافية، وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال، وهي عوامل ضرورية لتحقيق النمو والحد من الفقر”.

ربما يعجبك أيضا