وضع إنساني متدهور.. ما تبعات عودة القتال إلى قطاع غزة؟

كيف ترسم استراتيجية الاحتلال معالم كارثة إنسانية في القطاع؟

محمد النحاس
آثار الدمار في غزة

تجليًا لمدى فداحة الوضع، فإن أحد الملاجئ في خان يونس مصمم لاحتواء 1000 شخص إلا أنه يضم 35 ألفًا، ويوجد مرحاض واحد لكل 600 شخص.


مع نهاية الهدنة عادت دوي المدافع، وأزيز الطائرات، وهطول القذائف على قطاع غزة الذي يعيش على وقع أزمة إنسانية مروعة.

وبمجرد حلول أمد انتهاء الهدنة، دون تمديد، انتظرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 4 دقائق فقط قبل استئناف القصف، وبعد ساعة، وضع الجيش خطته “للمرحلة التالية من الحرب”، التي تشمل تقسيم القطاع إلى عشرات المناطق المخصصة للإخلاء، بهدف السيطرة التدريجية على جنوب غزة.

وضع إنساني متدهور

مع نهاية الهدنة، أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي منشورات على خان يونس صباح الجمعة، يعلم فيها الناس في بعض المناطق بضرورة الإخلاء، وأن المنطقة باتت “منطقة قتال خطيرة”، حيث يتعين عليهم الذهاب جنوبًا إلى رفح، إلا أنها هي الأخرى تعرضت للقصف.

ولا يزال الجيش الإسرائيلي مصممًا على استهداف خان يونس لأنه يعتقد أن قيادة حماس، تتمركز في أنفاق تحت المدينة، وبحسب تامير هايمان، وهو لواء سابق في الجيش الإسرائيلي، والذي عاد لتقديم المشورة لزملائه السابقين، قال: “الهدف من المرحلة التي نعيشها حاليًّا هو تدمير القدرة العسكرية لحماس، وفي مرحلة ما، بعد مستوى معين من القصف، من المتوقع القيام بعملية برية، حسب ما نقل تحليل للجارديان”.

إلى متى تستمر العملية العسكرية؟

مع ذلك، فإن النهج العسكري الحالي، يهدد بتحويل الوضع الإنساني المدمر بالفعل في الجنوب المزدحم إلى وضع مروع، ويعيش الآن ما يقدر بنحو مليوني شخص في الجنوب، جرى إجلاء نصفهم من الشمال. وتجليًا لمدى فداحة الوضع، فإن أحد الملاجئ في خان يونس مصمم لاحتواء 1000 شخص إلا أنه يضم 35 ألفاً، ويوجد مرحاض واحد لكل 600 شخص.

وحسب التحليل، ترجح مصادر إسرائيلية أن تستمر العملية في الجنوب أكثر من تلك في الشمال، ومن الممكن أن تستمر حتى يناير المقبل رغم صعوبة التنبؤ بالجداول الزمنية الخاصة بالقتال. ومهما يكن من أمر فإن العملية العسكرية جنوبًا تعني استمرار القتال خلال شهر ديسمبر وربما يتخلل ذلك فترات توقف يتم إطلاق سراح المزيد من الرهائن خلالها، وبالنسبة للمدنيين يعني ذلك استمرار النزوح وسط أوضاع إنسانية متدهورة.

منظمات إنسانية تندد

قالت منظمة أنقذوا الطفولة إن استئناف القتال في غزة بمثابة “حكم بالإعدام على الأطفال في القطاع”، مشيرة إلى التقارير التي تتحدث عن مقتل وإصابة أشخاص بعد استئناف القتال هذا الصباح. وأوضحت المنظمة أن نقص الوقود والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تمنع وصول الإمدادات إلى قرابة 1.8 مليون شخص نزحوا من منازلهم نتيجة الصراع.

من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن وقف القتال “أنقذ الأرواح” وسلط الضوء على “الموت والدمار ومعاناة المدنيين داخل غزة” حسب ما نقلت “بي بي سي”. مشيرةً إلى أن قرابة 15 ألف شخص قتلوا في الصراع حتى الآن، منهم 6000 طفل، موضحة أن القتال وندرة المياه والكهرباء والوقود “أدى إلى انهيار نظام الرعاية الصحية في غزة”.

استراتيجية ليست مختلفة

تستمر احتمالات زيادة الهوة بين المجتمع الدولي، وإسرائيل خاصةً مع الولايات المتحدة، وفي وقتٍ سابق قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إنه يتعين على إسرائيل “التقليل من وقوع المزيد من الضحايا بين الفلسطينيين الأبرياء” في العمليات العسكرية المستقبلية و”تجنب النزوح واسع النطاق للمدنيين داخل غزة”.

لكن وحسب تحليل الجارديان، من الصعب رؤية كيف يمكن تحقيق كلا الهدفين، حتى فيما يتصل بالاستراتيجية التي تتبناها إسرائيل في التعامل مع كل منطقة على حدة، نظرًا لهدف إسرائيل الشامل المتمثل في القضاء على حماس باعتبارها قوة عسكرية وسياسية في قطاع غزة، ومن الناحية العملية، فإن استراتيجيتها العسكرية الجديدة لا تبدو مختلفة كثيرًا حتى الآن.

عودة الحرب على القطاع

وفي آخر تحديث لها، قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 178 فلسطينيًّا قُتلوا و589 آخرين أصيبوا في الغارات الإسرائيلية على غزة منذ انتهاء الهدنة التي استمرت أسبوعا. وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان بأن عدد القتلى قبل اتفاق الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 24 نوفمبر واستمرت سبعة أيام، وصل الى 15 ألف شخص، بينهم أكثر من 6150 طفلا وأكثر من 4000 امرأة.

وصباح الجمغة، استأنف الجيش الإسرائيلي قصف عدة مناطق في شمال وجنوب غزة، للمرة الأولى منذ أسبوع، وشدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على مواصلة العمل من أجل تفكيك حركة حماس وإعادة جميع الرهائن، موضحًا أن “الجيش مصمم على مواصلة الحرب”.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال في بيان صحفي: “هاجمنا مواقع مختلفة لحماس في غزة من الجو والبر والبحر، وفي ساعات الصباح هاجمنا 200 هدف في غزة برًا وبحرًا وجوًّا ودمرنا أهدافا لحماس”، مشيرًا إلى “نشر مواقع في القطاع يمكن لسكان غزة اللجوء إليها”.

ربما يعجبك أيضا