«وقف إطلاق النار».. الإعلام الغربي يتجاهل المسار الأوضح لاحتواء صراع الشرق الأوسط

وسائل الإعلام الغربية لم تذكر وقف إطلاق النار كخيار لتهدئة التوترات الإقليمية

آية سيد
«وقف إطلاق النار».. الإعلام الغربي يتجاهل المسار الأوضح لاحتواء صراع الشرق الأوسط

رغم إبراز التصريحات المؤيدة للحلول العسكرية، تجاهلت التقارير الإعلامية، لأسابيع، الخبراء الذين كانوا يشيرون لوقف إطلاق النار كخيار محتمل.


قبل أسابيع من شن الولايات المتحدة وحلفائها ضربات على الحوثيين في اليمن، كانت وسائل الإعلام الكبرى مدركة لخطر توسع حرب إسرائيل على غزة إلى صراع إقليمي.

ورغم حديثها عن رغبة إدارة الرئيس جو بايدن وجهودها لمنع هذا التصعيد، لم تذكر وسائل الإعلام المسار غير العسكري الأوضح لتهدئة التوترات الإقليمية، وهو المساعدة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

هجمات الحوثيين

لفت الكاتب بليز مالي، في تقرير نشره موقع ريسبونسيبل ستيتكرافت، اليوم الخميس 18 يناير 2024، إلى أن جماعة الحوثي أعلنت أن هجماتها على السفن في البحر الأحمر لن تتوقف حتى “تتوقف جرائم إسرائيل في غزة ويُسمح للغذاء والدواء والوقود بالوصول إلى السكان المحاصرين”.

وتشير الأدلة إلى أن الهجمات في البحر الأحمر وفي سوريا والعراق توقفت خلال الهدنة المؤقتة في غزة في نوفمبر الماضي. لكن المنافذ الإعلامية الكبرى لم تتناول هذه المسألة، واستمرت في التأكيد على أن إدارة بايدن تكافح للتوصل إلى أفضل طريقة لإدارة الصراع وضمان ألا يمتد خارج غزة.

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

التغطية الإعلامية

في الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و14 يناير 2024، نشرت نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وول ستريت جورنال، أكثر من 60 مقالًا ركزوا على بعض جوانب تهديد التصعيد في الشرق الأوسط، و14 منهم على الأقل ركزوا على عملية صنع القرار داخل إدارة بايدن.

وحتى عقب الضربات على أهداف الحوثيين في اليمن، في 13 يناير الحالي، زعمت التقارير الإعلامية أن إدارة بايدن ملتزمة بتجنب التصعيد، حسب الكاتب الأمريكي.

لكن من ضمن الـ14 مقالًا، 5 فقط يذكرون مطالب خصوم الولايات المتحدة في المنطقة، وهي أن تسمح إسرائيل بدخول الغذاء والدواء إلى غزة وإنهاء حملة القصف على القطاع.

تأييد الخيار العسكري

أشار مالي إلى أنه في معظم الحالات، تذكر المقالات بإيجاز أن الحوثيين ينفذون الهجمات “تضامنًا” مع معاناة سكان غزة، ولم تذكر أي منها السعي لوقف إطلاق النار كخيار متاح.

بل على العكس، معظم هذه المقالات حددت الخيارات على أنها إما الإبقاء على الوضع الراهن أو السعي لحل عسكري. وبالنسبة لنقاد إدارة بايدن، كانوا يفضلون دائمًا المسار الأكثر عدوانية، معتبرين الضربات الانتقامية غير كافية.

إغفال وقف إطلاق النار

رغم إبراز التصريحات المؤيدة للحلول العسكرية، تجاهلت التقارير، لأسابيع، الخبراء الذين كانوا يشيرون لوقف إطلاق النار كخيار محتمل.

ولفت الكاتب الأمريكي إلى ما طرحه 3 زملاء في مؤسسة “سنتري” الأمريكية في نوفمبر 2023، عندما قالوا إن وقف إطلاق النار “سيحد من التوترات على المستوى الإقليمي، ما يقلل من خطر الحرب الأوسع التي تجر الولايات المتحدة”.

وقبل ساعات قليلة من شن الضربات في اليمن، في 11 يناير الحالي، قدمت الباحثة بمؤسسة راند الأمريكية، أليكس ستارت، الحُجة بأن السعي لإنهاء الحرب في غزة هو الطريقة الأكثر فاعلية كي تخفض واشنطن التصعيد مع الحوثيين.

سوء تقدير

يرى الخبراء أن العجز عن ربط عدوان الحوثي بالحرب الدائرة في غزة سوء تقدير استراتيجي، وفق مالي.

وفي هذا الشأن، كتب الزميل بمؤسسة كارنيجي، إتش إيه هيلير: “إن رفض رؤية الرابط بين غزة والبحر الأحمر يعني أننا نفشل أيضًا في رؤية الضرورة الأمنية الاستراتيجية المُلحة هنا، وهي تجنب المزيد من التصعيد إقليميًا، والتحرك باتجاه الاحتمالات الرامية لخفض التصعيد”.

وأضاف قائلًا: “لدينا عدد من المسارات الواضحة والجيدة في ذلك الصدد، لكننا رفضناها”.

إنفوجراف| الفرق بين الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار

الفرق بين الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار

خيار فاعل

شدد على أنه ليس من الواضح كيف سيستجيب الحوثيون أو الميليشيات في العراق وسوريا لوقف الأعمال العدائية في غزة. لكن الهدنة الإنسانية المؤقتة في غزة في منتصف نوفمبر الماضي أدت إلى الفترة الوحيدة التي شهدت هدوءً نسبيًا في المنطقة منذ اندلاع الحرب، خاصة من ناحية الهجمات على الجنود الأمريكيين في العراق وسوريا.

وفي هذا الصدد، قال نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي، تريتا فارسي: “خلال الهدنة في نوفمبر، انخفضت هجماتهم بشدة، ما قدم دليلًا عمليًا على أنه من المحتمل بشدة أن يكون وقف إطلاق النار خيارًا فاعلًا لوقف الهجمات”.

وأشار فارسي إلى أنه لم يتعين على وسائل الإعلام تأييد هذا الخيار، لكنها بعدم ذكره على الإطلاق “حرمت الجمهور الأمريكي من معرفة أن هذا الخيار موجود، ما ترك انطباعًا خاطئًا لدى الأمريكيين بأن الخيار الوحيد هو عدم فعل شيء أو التصعيد عبر قصف اليمن”.

ربما يعجبك أيضا