أخنوش.. زعيم «الأحرار» الذي هزم «الإسلام السياسي» في المغرب

شيرين صبحي

رؤية

الرباط- استطاع عزيز أخنوش قيادة حزبه التجمع الوطني للأحرار إلى تصدر الانتخابات العامة التي جرت الأربعاء الماضي في المغرب، ملحقاً هزيمة مدوية بالإسلاميين الذين ترأسوا الحكومة لعقد، دون أن تؤثر عليه اتهامات خصومه السياسيين حول “جمع المال والسلطة”.

وبدا رجل الأعمال الثري الذي عينه الملك محمد السادس، أمس الجمعة، رئيساً للحكومة، واثقاً من نفسه دون حماس مفرط وهو يحتفل بانتصار حزبه (مئة ومقعدين من أصل 125).

واعتبر ذلك “انتصاراً للديموقراطية”، مؤكداً استعداده “للعمل بثقة ومسؤولية مع كل الأحزاب التي تتقاطع معنا في المبادئ والبرامج، تحت القيادة السامية لجلالة الملك”، وفقا لتقرير أوردته وكالة «فرانس برس»، اليوم السبت.

وظهر أخنوش (60 عاماً) الذي تقدر مجلة فوربس المتخصصة ثروته بحوالي ملياري دولار، في الساحة السياسية العام 2007 بعد تعيينه وزيراً للزراعة، ليلتحق حينها بحزب التجمع الوطني للأحرار، المصنف ضمن الصف الليبرالي، واشتهر الحزب منذ أعوام عدة بانضمام عدد من التكنوقراط إليه بعد تعيينهم وزراء.

وبقي أخنوش وزيراً لهذا القطاع الحيوي الأهم في الاقتصاد المغربي حتى ضمن الحكومة المنتهية ولايتها، لكنه ظل قليل الظهور على مستوى قيادة حزبه، مبتعداً أيضاً عن الخوض في التجاذبات السياسية والخرجات الإعلامية.

واستمر الرجل الذي كان في شبابه حارس مرمى إحدى فرق الهواة بالدار البيضاء، وزيراً للزراعة حتى عندما غادر حزبه الحكومة لمدة عام ونصف بعد وصول الإسلاميين إلى رئاستها العام 2012 في سياق الربيع العربي، محتفظاً بعلاقات جيدة مع رئيسها الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران.

وكان الإسلاميون يواجهون آنذاك منافسة قوية من حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه العام 2008 مستشار الملك حالياً فؤاد عالي الهمة، قبل أن يغادره في 2011، لكنه فشل في هزيمتهم في انتخابات 2016، ليظهر مباشرة بعدها أخنوش بقوة في الساحة السياسية بعدما اختير رئيساً لحزب التجمع الوطني للأحرار.

وحل الأخير رابعاً في تلك الانتخابات، لكنّ أخنوش سرعان ما استطاع تجميع تكتل من أربعة أحزاب، فارضاً اشتراطات على رئيس الحكومة المكلف بنكيران لتشكيل الحكومة، ما تسبب في أزمة سياسية استمرت أشهراً وانتهت بإعفاء الملك بنكيران من رئاسة الحكومة واستبداله بسعد الدين العثماني الذي قبل شروط أخنوش.

ويرى أستاذ العلوم السياسية محمد شقير أن “أخنوش كان بمثابة رئيس الحكومة الفعلي في ظل المشاكل التي واجهها العثماني في تسيير الأغلبية”، وإلى جانب وزارة الزراعة، تولى الحزب قطاعات أساسية في الحكومة المنتهية ولايتها مثل الاقتصاد والمالية والصناعة والسياحة.

وبعد عامين على ذلك، واجه أول أزمة حادة منذ توليه رئاسة التجمع، حين أطلقت حملة واسعة مجهولة المصدر على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة ثلاث علامات تجارية كبرى، بينها شركة “أفريقيا” لتوزيع المحروقات التي يملكها، احتجاجاً على ما اعتبر “هيمنة” على السوق.

ويسير أخنوش منذ 1996 مجموعة “أكوا” المتخصصة في المحروقات والعقار والاتصالات، وهو حاصل على شهادة في التسيير الإداري من جامعة شيربروك في كندا.

ووجد نفسه في تلك الفترة موضع جدل على خلفية ما اعتُبر أنه تضارب في المصالح بين ممارسة أنشطة تجارية وتولي مسؤوليات حكومية، وتجدد هذا الجدل عندما انتقد تقرير لجنة برلمانية في مايو(أيار) 2018 أرباحاً “غير مستحقة” حققتها شركات توزيع المحروقات منذ تحرير أسعارها العام 2015.

وتحدثت الحكومة آنذاك عن “تسقيف الأسعار” حفاظاً على القدرة الشرائية للمواطنين لكنها لم تنفذ ذلك، علماً أن الجدل استهدف أيضاً شركات أخرى أبرزها “توتال” و”شال” الأجنبيتين، وأثار تساؤلات حول شبهة الإخلال بشروط المنافسة من خلال تواطؤات حول الأسعار.

وقرر مجلس المنافسة (رسمي) في يوليو(تموز) 2020 فرض غرامة مالية تعادل 9% من رقم المعاملات السنوي للشركات الثلاث، لكن الملك محمد السادس أعفى رئيس هذا المجلس بعد شكوى من أعضاء فيه تفيد بـ”اختلالات مسطرية” و”غموض إجراءات التحقيق”.

ورغم هذا الجدل حافظ أخنوش على عادته في التقليل من الظهور الإعلامي، وبدأ حزبه يأخذ مسافة أوضح من شركائه الإسلاميين في الحكومة، مطلقاً في الأشهر الأخيرة حملة تواصلية واسعة جابت 100 مدينة مغربية في 100 يوم، تحضيراً للانتخابات.

كما عزز بشكل كبير حضوره في مواقع التواصل الاجتماعي، علماً أن أخنوش لديه أيضاً مجموعة إعلامية، وعادت الاتهامات حول “استعمال المال” لتلاحق أخنوش مجدداً خلال الحملة الانتخابية، إذ اتهمه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي “بإغراق الساحة بالمال، قبل أن يهنئه على الفوز بالانتخابات بعد ظهور النتائج”.

كما هاجمه رئيس الحكومة السابق بنكيران، معتبراً أنه “لا يملك إلا المال وليس له لا أيديولوجيا ولا ماض سياسي”، وكعادته، فضل رجل الأعمال عدم الخوض في سجال مع خصومه، وقال غداة ظهور النتائج “لم نأت لمواجهة تيار سياسي أو حزب معين”، مجدداً الوعد بالعمل على تحسين المعيش اليومي للمغاربة.

ربما يعجبك أيضا