أدوات الدين السعودية.. “ملاذ آمن” لمستثمري العالم

كتب – حسام عيد

على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، نجحت المملكة العربية السعودية في تطوير سوق صكوك محلية “من الصفر” لتصبح “عميقة”، وأصبحت تعمل بشكل جيد على نحو متزايد؛ مما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وهذا ما دفع اليوم وكالة “موديز” العالمية للتصنيف الائتماني، إلى تصنيف الإصدارات السعودية المقوّمة بالريال عند درجة (Aaa.sa) التي تعد أعلى درجات التصنيف من الدرجة الاستثمارية، وهو ما يعكس عمق أسواق الدين المحلية بتوفير منحنى العائد الخالي من المخاطر.
وفي الفترة الأخيرة، تتوالى الإشادات الدولية بنجاح الإصلاحات الاقتصادية في السعودية، مسلطة الضوء على أهم الاستراتيجيات، التي نجحت المملكة بتحقيق تقدم كبير فيها، ومنها تقليل الاعتماد على النفط، حيث تضاعفت الإيرادات غير النفطية بنحو 79% خلال 3 سنوات. ووصلت الإيرادات غير النفطية بنهاية 2019 إلى 332 مليار ريال.

تصنيف ائتماني رفيع

في يوم الجمعة الماضية الموافق 9 أكتوبر 2020، التصنيف الائتماني لإصدارات حكومة المملكة العربية السعودية، ممثلة بوزارة المالية، المقوّمة بالريال السعودي على المقياس المحلي عند درجة (Aaa.sa).

ويأتي هذا التصنيف مدعوماً بالميزانية العمومية القوية للمملكة، إلى جانب السيولة المالية الكبيرة، بما في ذلك احتياطي النقد الأجنبي في مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما”.

وأكد وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف رئيس برنامج تطوير القطاع المالي محمد الجدعان، أن هذا التصنيف يعكس متانة اقتصاد المملكة ومرونته وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، كما يبرهن على فاعلية الإصلاحات الهيكلية والسياسات المالية والاقتصادية الرامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته وتنوعه نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.

وقال “تؤكد هذه التقديرات الإيجابية من وكالات التصنيف الائتماني الثقة الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، وقوة المركز المالي للمملكة وقدرته على مواصلة النمو ومواجهة التحديات، خصوصاً في ظل الأزمات والظروف الاستثنائية التي يشهده العالم حالياً”.

تعزيز الجدارة الائتمانية

وفي سياق متصل، قال الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لإدارة الدين فهد السيف، إن تصنيف الإصدارات السعودية المقوّمة بالريال عند درجة (Aaa.sa) يؤكد الجدارة الائتمانية العالية للإصدارات المحلية مع تنامي إقبال المستثمرين وشركات القطاع الخاص داخل المملكة عليها بوصفها استثماراً آمناً، خصوصاً في ظل الظروف المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم حالياً بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19)، والتي دفعت بكثير من مؤسسات التمويل الدولية ذات الطابع التنموي إلى اتخاذ السعودية مقراً لأنشطتها.

وأوضح السيف أن التصنيف الائتماني للإصدارات المحلية يعد مرجعاً استرشادياً للمصدرين المحتملين من القطاعين العام والخاص، مما يسهم في تعزيز الشفافية داخل أسواق الدين المحلية، ويساهم التصنيف على المقياس المحلي في تحقيق أهداف برنامج تطوير القطاع المالي في تعميق السوق وتطوير أسواق الدين المحلية.

ولفت السيف إلى أن التصنيف الجديد الصادر عن وكالة “موديز” العالمية يعكس أهداف وزارة المالية وانطلاقا من جهود المركز الوطني لإدارة الدين في تنويع إصدارات أدوات الدين في السوقين المحلية والدولية وإثبات قوة ومتانة الاقتصاد السعودي عبر التغطيات التاريخية للإصدارات.

تهافت المستثمرين الدوليين

ومن المتوقع أن يدعم التصنيف الائتماني على المقياس المحلي إقبال المستثمرين الدوليين لأسواق الدين المحلية.

يذكر أن تقارير التصنيف الائتماني للإصدارات على المقياس المحلي هي آراء حول الجدارة الائتمانية للمصدرين من القطاعين العام والخاص، والالتزامات المالية المتعلقة بالمصدرين الآخرين داخل بلدٍ ما.

ويتناول التصنيف الائتماني للإصدارات المحلية المخاطر النسبية داخل بلد ما (نسبة إلى تصنيف الإصدارات الحكومية)، فيما يستند التصنيف الائتماني للإصدارات الدولية إلى إجراء المقارنة بين الدول.

تحقيق مستهدفات رؤية 2030

وأكد وزير المالية محمد الجدعان أن حكومة المملكة ماضية في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو تمكين القطاع المالي في المملكة ليكون ضمن أكبر مراكز مالية في العالم بحلول عام 2030، رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي في مواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وكان للإصلاحات في رؤية 2030 بالغ الأثر في تماسك المالية العامة ومكافحة كورونا.

وبرنامج تحقيق التوازن المالي هو أحد البرامج الأساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030 حيث يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز الإدارة المالية وإعادة هيكلة الوضع المالي للمملكة واستحداث آليات مختلفة لمراجعة الإيرادات، والنفقات، والمشروعات، وآلية اعتمادها.

وأشارت عضو وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السكرتير ثالث ريم بنت فهد العمير، إلى أن المملكة بادرت في أخذ عدة خطوات لتعزيز وضعها المالي، ومنها سياسة الدين حيث سعت إلى تطوير نهج في إدارة الديون، والوصول إلى الأسواق الدولية، وزيادة القدرة على الاقتراض دون تأثيرات سلبية على السـيولة المحلية، حيث تسعى هذه التدابير لتحقيق نمو الأهداف الاقتصادية المحددة في رؤية المملكة 2030.

ربما يعجبك أيضا