أردوغان أغرق الاقتصاد.. ويبحث عن النجاة بممتلكات شعب يعاني!

كتب – حسام عيد

لا نهاية في أفق التدخلات بكافة مفاصل الاقتصاد.. هكذا يمكن وصف حال تركيا في حقبة الرئيس رجب طيب أردوغان. فرغم الأزمات المتفاقمة في الأساس، اقتصاديًا، اجتماعيًا ومعيشيًا، يُصر أردوغان على تكريسها تباعًا عبر قراراته الصادمة -لن تكون الأولى أو الأخيرة- فيما يتعلق بعمل مؤسسات الدولة، وأبرزها التدخل في البنك المركزي وسياسته النقدية، والتي كان آخرها؛ إقالة نائب محافظ البنك، رغم أن نظام اقتصاد السوق الحر الذي يتشدق به أردوغان من ركائزه استقلالية البنك المركزي، وذلك ما تفتقده تركيا ويدفعها بوتيرة متسارعة إلى مضاعفة الصدمات التي تتلقاها العملة المحلية “الليرة”، ما يعني تضخم أكبر في خانة العشرات، وبالتالي استمرار تردي الأوضاع المعيشية. والمفارقة الغريبة بعد كل ذلك أن أردوغان يستجدي ويستعطف الأتراك “المكلوبين” لمساعدته بكل ما هو غالي ونفيس لديهم –إن وجِدَ في الأساس!.

إقالة جديدة بالبنك المركزي

بحسب مرسوم رئاسي نُشر يوم الثلاثاء الموافق 30 مارس 2021 في الجريدة الرسمية، أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نائب محافظ البنك المركزي مراد جيتينكايا من منصبه.

وذكر المرسوم أن مصطفى دومان جرى تعيينه في منصب نائب محافظ البنك المركزي، حيث شغل مناصب تنفيذية في مورجان ستانلي وعمل في الخزانة وأقسام إدارة المخاطر والتدقيق المحاسبي خلال مسار عمله المصرفي، وفقًا للسيرة الذاتية التي نشرها البنك المركزي. ولم يذكر المرسوم سبب التغيير أو أي تفاصيل إضافية.

وفي الـ20 من الشهر ذاته، كان الرئيس رجب طيب أردوغان قرر إقالة محافظ البنك السابق ناجي إقبال، وعين بدلًا منه شهاب قوجي أوغلو، الذي يدعم رؤية الرئيس بأن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة التضخم.

وبطبيعة الحال، أدى القرار إلى اضطراب في السوق في ظل مخاوف من أن تركيا ربما تعود إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، من بينها فرض قيود على رؤوس الأموال لحماية عملتها.

تراجع قياسي جديد لليرة

وفي رد فعل سريع لقرار أردوغان بإقالة نائب محافظ البنك المركزي، تكبدت الليرة التركية تراجعات قاسية وصلت اليوم نسبة 2% ليصل سعر صرف العملة المعرضة لضغوط كبيرة إلى 8.4 ليرة مقابل الدولار الواحد.

انهيار ليس هو الأول في قيمة العملة المحلية خلال فترة زمنية قياسية، فعلى مدار أسبوع كامل، هوت الليرة على منحنى التعاملات مقابل الدولار الأمريكي بما نسبته 12%، بعدما كانت قد سجلت ارتفاعًا بنسبة 20% بفضل سياسات رئيس البنك المركزي ناجي إقبال الرامية لإعادة الثقة للمستثمر الأجنبي في استقلالية قرارات السياسة النقدية التركية، لكن مع رفع معدل الفائدة وصولًا لـ 19%، عزله الرئيس التركي في اليوم التالي مباشرة، وعيّن شهاب قوجي أوغلو، الذي لا يغرد بعيدًا عن السياسات النقدية غير الاعتيادية التي يحبذها الرئيس التركي.

وتحول استراتيجيو البنوك من التفاؤل للتشاؤم بالنسبة لليرة التركية بمجرد عزل محافظ البنك المركزي.

وتعهد المحافظ الجديد، شهاب قوجي، بالإبقاء على الاستقرار السعري، ولكن المحللين يرونه محققًا لآمال الرئيس التركي، وسيشرع في تخفيض سعر الفائدة. وكانت الليرة التركية من بين أكبر المتراجعين في سوق العملات الناشئة.

وعلى الرغم من أنه يصعب تخمين مسار الليرة التركية في الوقت الراهن أو مستوياتها السعرية، إلا أن هناك إجماع بين البنوك الاستثمارية الكبرى من سوسيته جنرال، وكوميرتس بنك، ورابو بنك، وهو؛ انخفاض الليرة التركية بحوالي 20%.

نزوح الاستثمارات واستجداء الأتراك

في الوقت ذاته، أفادت تقديرات “دويتشه بنك” بأن التدفقات الأجنبية التي نزحت من الأسهم التركية الأسبوع الماضي بلغت على الأرجح نحو 750 مليون دولار إلى مليار دولار، مع خروج ما يتراوح بين 500 و700 مليون دولار من السندات المحلية للبلاد.

وترك مسؤولون اقتصاديون كبار آخرون مناصبهم هذا الشهر، حيث استقال الرئيس التنفيذي لمشغل البورصة والمدير العام لأكبر بنك في تركيا، بنك زراعات، الذي تديره الدولة، وأقال أردوغان رئيس صندوق الثروة التركي.

في الوقت ذاته، قام الرئيس التركي بتعيين مسؤول تنفيذي في “مورجان ستانلي” في لجنة تحديد سعر الفائدة بالبنك المركزي، مع تعمق الهزة في السلطة النقدية.

ورغم كل هذه الأزمات الاقتصادية الواسعة التي تسبب فيها أردوغان بسياساته، إلا أنه ماضٍ في مكابرته لحد بلغ مناشدة الأتراك تحويل حيازاتهم من النقد الأجنبي والذهب من خلال المؤسسات المالية، قائلًا؛ إن ذلك يمثل استراتيجية تعود بالنفع عليهم وعلى البلاد بعد أن تسبب تغيير محافظ البنك المركزي في هبوط الليرة حوالي 12% في أسبوع.

ربما يعجبك أيضا