أردوغان يتجاوز المسموح.. يهاجم واشنطن ويفرض إملاءات للتهدئة!

كتب – حسام عيد

يبدو أن العلاقات الأمريكية – التركية، ماضية على مسار التوتر المتصاعد، رغم تغير الإدارات الأمريكية ووصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض.

التوتر الأحدث جاء دبلوماسيًا عقب تعقيب واشنطن على إعلان أنقرة مقتل 13 تركيًا في العراق على أيدي مسلحي حزب العمال الكردستاني، وقولها بأنها بحاجة للتأكد من الرواية التركية عن ظروف مقتلهم.

التعقيب الأمريكي لم ينل استحسان أنقرة وسبب إزعاجًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليأمر خارجيته على الفور باستدعاء السفير الأمريكي، لتبلغه صراحة اتهام تركيا للولايات المتحدة بدعمها الإرهابيين.

توتر لن يكون الأول أو الأخير في مسار العلاقات الأمريكية التركية خلال حقبة بايدن، فهناك ملفات أكثر تعقيدًا في المرحلة الراهنة، لعل أبرزها الصفقة التركية بشراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “إس-400” ومطالبات واشنطن لأنقرة بالعدول عنها.

أمور جميعها تفضي إلى أن كافة الاحتمالات متاحة ومطروحة أمام إدارة بايدن لحسم الخلافات مع أنقرة، ومن بينها سياسة العقوبات.

مقتل 13 تركيًا بالعراق

في يوم السبت الموافق 13 فبراير، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، مقتل 13 مواطنًا، كان حزب العمال الكردستاني اختطفهم في العراق، وقد قتل مسلحيه 12 من الأتراك المخطوفين بالرصاص في رؤوسهم، والأخير برصاصة في الكتف.

وتشن القوات التركية عملية عسكرية في منطقة كارا ونواحي دهوك شمالي العراق، هي امتداد لعملية “مخلب النمر” التي بدأتها في يونيو الماضي داخل الأراضي العراقية، لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني بمشاركة قوات كوماندوز وإسناد من طائرات مقاتلة.

وأوضح الوزير أن الجثث عثر عليها في كهف خلال عمليات التطهير التي كانت تقوم بها القوات التركية في المنطقة.

واشنطن تأسف وتريد التأكد

وأعلنت الخارجية الأمريكية في اليوم التالي، الأحد 14 فبراير، أنها “تأسف لمقتل رعايا أتراك” مشيرة إلى أنها تنتظر تأكيدًا إضافيًا حول ما أعلنته أنقرة عن ظروف مقتلهم.

وقالت الخارجية الأمريكية في بيانها إذا تأكدت التقارير بأن مدنيين أتراكًا قُتلوا على أيدي حزب العمال الكردستاني، المنظمة التي تعتبر إرهابية، “فنحن ندين هذا العمل بأشد العبارات الممكنة”.

واعترف حزب العمال الكردستاني بمقتل السجناء، لكنه نفى رواية أنقرة مؤكدًا أنهم قُتلوا بضربات جوية تركية.

أردوغان يتهم أمريكا بدعم الإرهاب

البيان الأمريكي دفع أردوغان إلى وصفه بـ”المزحه”، وتوجيه انتقادات حادة للولايات المتحدة، وبلغت حد اتهامها بدعم حزب العمال الكردستاني، حيث قال الرئيس التركي في تعقيبه على الحادثة “إن كنتم تريدون استمرار علاقات التحالف مع تركيا على صعيد المجتمع الدولي والناتو فعليكم التراجع عن الوقوف بجانب الإرهابيين”، في إشارة منه إلى دعم واشنطن وعدد من الدول الأوروبية لحزب العمال الكردستاني.

وأضاف أردوغان قائلا: “كل من يقدم الدعم لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية أو يؤيدها أو يتعاطف معها يداه ملطخة بدماء المواطنين الأتراك الـ13 الذين قُتلوا في “غارا””، على حد تعبيره.

ووجه الرئيس التركي سهام انتقاده لأمريكا بشكل مباشر قائلًا: “كنتم تزعمون أنكم لا تقفون بجانب “بي كا كا” و”ي ب ك” و “ب ي د”، لا شك بأنكم تدعمونهم وتساندونهم”، حسب قوله.

ووضع أردوغان الدول المعنية أمام خيارين قائلا: “منذ الآن الجميع أمام مفترق طريق، إما السير جنبًا إلى جنب مع تركيا ويتخذ موقفًا ضد الإرهاب دون قيد أو شرط، وإما أن يكون شريكًا في جرائم المنظمة الإرهابية”، على حد تعبيره.

أنقرة تستدعي السفير الأمريكي

وترافق هجوم أردوغان على واشنطن مع احتجاج دبلوماسي تمثل باستدعاء السفير الأمريكي في أنقرة إلى وزارة الخارجية التركية المستاءة من رد فعل واشنطن على مقتل الرعايا الأتراك الـ13.

وقالت الخارجية التركية في بيان “استدعي السفير الأمريكي ديفيد ساترفيلد إلى الوزارة وجرى إبلاغه بأشد العبارات بموقفنا من البيان الأمريكي”.

حملة اعتقالات

على صعيد متصل، أوقفت الشرطة التركية، يوم الإثنين 15 فبراير، 718 شخصًا بينهم قياديون في حزب الشعوب الديموقراطي الداعم للأكراد، للاشتباه بارتباطهم بمقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وقالت الوزارة إنه تمت “مصادرة عدد كبير من الأسلحة والوثائق والمواد الرقمية” خلال مداهمات، موضحةً أن العمليات شملت 40 مدينة في البلاد ولا تزال مستمرة.

منظومة “إس-400” تطفو على السطح

من جانبه، – حث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين خلال اتصال هاتفي، اليوم الإثنين، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على تخلي أنقرة عن منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “إس-400”.

شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين في اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على أهمية العلاقات الثنائية الطويلة الأمد بين الولايات المتحدة وتركيا، والمصلحة المشتركة في مكافحة الإرهاب، وأهمية المؤسسات الديمقراطية، والحكم الشامل، واحترام حقوق الإنسان.

وأعرب بلينكين عن تعازيه لمقتل الرهائن الأتراك في شمال العراق وأكد وجهة النظر الأمريكية بأن إرهابيي حزب العمال الكردستاني يتحملون المسؤولية.

لكنه في الوقت ذاته، حثّ أنقرة على التخلي عن منظومة الدفاع الصاروخية الروسية “إس-400”.

وختامًا؛ يمكن القول إن احتدام التوترات التركية الأمريكية مع قدوم الرئيس جو بايدن قد بدأ مبكرًا، لذلك؛ ستبقى الطريقة الوحيدة لإعادة ضبط مسار العلاقات هي إبرام صفقة مرضية للطرفين لحل الخلافات، لكن الفشل في بلوغ ذلك قد يؤدي لحدوث خلاف دائم في التوجه الغربي لتركيا وإعادة الاصطفاف الاستراتيجي مع موسكو، ومن ثم مواجهة عقوبات أمريكية أشد.

ربما يعجبك أيضا