أزمة سد النهضة| «مصر ستصون حقها».. ودعوة أممية للتوصل إلى اتفاق ملزم

إبراهيم جابر
أزمة سد النهضة الأثيوبي

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي، مصر والسودان وإثيوبيا إلى بذل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن التنسيق بين الدول الثلاث بشأن سد النهضة، وسط تأكيد مصري بأن عدم التوصل إلى اتفاق يهدد الأمن والسلم في المنطقة، وأنه “إذا تضررت حقوقها المائية أو تعرض بقائها للخطر فلا يوجد أمامها بديل إلا أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة”.

“مشروع قرار”

مندوب تونس لدى مجلس الأمن، المنصف البعتي، أعرب -في كلمته خلال الجلسة، التي عقدت مساء أمس الخميس- عن أمله في أن تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة ويحفظ الحقوق المائية”، معتبرًا أنه “الأمر ليس مستحيلا إذا ما تم الاتفاق على منع الإجراءات الأحادية”.

وأكد ثقته في قدرة الدول الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي على تجاوز الخلافات والتقدم نحو حل بشأن سد النهضة، لافتا إلى أنه سبق للمجلس التطرق لهذه المسألة خلال السنة الماضية، غير أن الخلاف مازال قائماً بشأنه بين الدول المعنية، معربا عن أمل في أن تساهم الجلسة في إعطاء دفع جديد وحاسم لمسار المفاوضات تحت إشراف الاتحاد الإفريقي لمساعدة الدول الثلاث على التوصل إلى اتفاق ملزمٍ يراعي مصالح شعوبها الحيوية ويحفظ أمنها المائي وحقوقها في التنمية ويؤسس لآفاق جديدة من التعاون في المنطقة ويجنبها مزيداً من التوتر.

وأردف: “نحن على ثقة أن هذه الدول قادرةٌ برعاية الاتحاد الإفريقي ومساعدة وتشجيع المجموعة الدولية على تجاوز الخلافات والتقدم نحو الحل التفاوضي العادل والقائم على التفاهم المشترك وروح التوافق والتعاون”.

كانت تونس، العضو غير الدائم في المجلس، قدمت مشروع قرار لوقف الملء الثاني لبحيرة سد النهضة، المقرر في شهري يوليو وأغسطس، مع استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاقية قانونية ملزمة في غضون 6 أشهر.

“روسيا وأمريكا”

من جانبه، قال مندوب روسيا، فاسيلي نيبينزيا، إن الخطاب التهديدي بشأن أزمة سد النهضة لا يمكنه أن يؤدي إلى حل بشأن سد النهضة، مشددا على ضرورة منع صب الزيت على النار والتهديد باستخدام القوة، حسب تعبيره.

وأشار فاسيلي في كلمته، إلى أن روسيا تدرك أهمية سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا ولكنها في نفس الوقت تتفهم موقف السودان ومصر من ملء وتشغيل السد، مكملا: “نأمل أن تتمكن مصر والسودان وإثيوبيا من حل الأزمة،  ونثمن دور الاتحاد الأفريقي للتوصل لحل بين الأطراف الثلاثة”.

من جانبها، قالت المندوبة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد، إن “الحل المتوازن بشأن سد النهضة يمكن التوصل إليه بالتزام سياسي من الأطراف”، وأنه لا بد من الامتناع عن القيام بأي إجراءات تعقد المفاوضات.

وأردفت: “نحن على استعداد لدعم الجهود التعاونية والبناءة من إثيوبيا ومصر والسودان لتسوية القضايا والخلافات الخاصة بالسد ونحن نعلم أن مياه نهر النيل وكيفية استخدامها لها أهمية قصوي للدول الثلاثة”، مستطردة: “مصر والسودان لديهما شواهد إزاء الأمن المائي والسلامة بتشغيل النهر وهو أمر يمكن يتصالح مع احتياجات إثيوبيا التنموية ويبدأ هذا باستئناف مفاوضات حقيقية”.

“الصين وفرنسا”

وأكد المندوب الصيني، لي باودونغ أن “الموارد المائية العابرة للحدود تشمل مراعاة المصالح الوطنية”، وأنه “على الدول حل خلافاتها من خلال الحوار”، لافتا إلى أن بلاده تؤمن بأن تقوم الدول الثلاث في سياق التعاون الودي أن تستأنف الحوار في أسرع وقت ممكن وأن تتوصل لاتفاق في وقت مبكر وتتوصل لحل يكون مقبولاً للجميع.

وقال مندوب فرنسا في كلمته، إن مسؤولية مجلس الأمن تكمن في تفادي إطالة النزاعات وتحولها إلى تهديد للأمن والسلم الدوليين، متابعا: “لذلك من المهم عقد اجتماعنا اليوم وكل الأطراف لديها مصالح مشروعة ولكن بعد 10 أعوام من المفاوضات تبددت الثقة في غياب اتفاق مسبوق”.

وأكد أن مواصلة ملء السد تفاقم التوترات في حين أن الاستقرار الإقليمي هش بالأساس، وأنه تكمن الأولوية في تفادي تكثيف التحديات المفروضة أساسًا على البلاد، داعيا بلدان المنطقة لإثبات إرادتها السياسية لحل النزاعات من خلال الحوار بدعم من الاتحاد الإفريقي، فالحل الوحيد يكمن في الحوار بين الأطراف وندعوهم لتفادي أي تدابير قد تعرقل المفاوضات.

“رسالة مصر”

وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن مصر “تواجه تهديدًا وجوديًا، مشددا على أنه “إذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقائها للخطر فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة، لافتا إلى أن مصر تبنت مبادرة الاتحاد الإفريقي لإطلاق مفاوضات تحت رعايته لمدة عام كامل دون جدوى، وأن مصر أتت إلى مجلس الأمن العام الماضي وشاركت في جلسته التي عقدت يوم 29 يونيو 2020 لتحذر المجتمع الدولي من هذا الخطر المحدق الذي يلوح في الأفق

واعتبر وزير الخارجية المصري، بحسب بيان عبر صفحة وزارة الخارجية بـ”فيس بوك”، أن التصرفات الإثيوبية تعرض السلم والأمن في المنطقة للخطر، وأن القاهرة تسعى إلى اتفاق قانوني منصف يتضمن تدابير تراعي الظروف في دولتي المصب، خاصة في فترات الجفاف. بجانب ضمانه عدم تعرض أمن مصر المائي للخطر.

وناشد الوزير المجلس إلى العمل بكل جهد ودأب لتجنب تصاعد التوتر الذي سيهدد السلم في إقليم هش، مردفا: “بعد عام من الإخفاق والمفاوضات غير المثمرة، وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها رؤساء الاتحاد الأفريقي وشركاؤنا الدوليون، نجد أنفسنا مُجدداً، في مواجهة المسلك الإثيوبي الأحادي بملء السد دون اتفاق يضمن حماية شعوب دولتي المصب ضد مخاطره. وهو ما تجلى في إعلان أثيوبيا يوم 5 يوليو 2021 -أي قبل ثلاثة أيام فقط من انعقاد هذه الجلسة- البدء في ملء العامل الثاني للسد بشكل أحادي”.

وطالب وزير الخارجية المصري مجلس الأمن بتبني مشروع القرار الخاص بمسألة سد النهضة الأثيوبي والتي تم تعميمها من قِبل جمهورية تونس، لافتا إلى أن نص مشروع القرار لا يتوقع منه قيام المجلس بصياغة حلول للمسائل القانونية والفنية العالقة، وأن مصر لا تطالب بفرض تسوية على الأطراف، وأن الهدف يتمثل في إعادة إطلاق المفاوضات وفقاً لصيغة معززة تحافظ على قيادة رئيس الاتحاد الأفريقي لعملية التفاوض وتدعمها، وتمكن شركاءنا الدوليين، بما فيهم الأمم المتحدة، من استغلال خبراتهم في هذا المجال من أجل مساعدة دولنا الثلاث في سعيها لإبرام اتفاق عادل وفق إطار زمني مناسب.

“موقف السودان”

من جانبه، قالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق، إن وجود سد ضخم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية دون تنسيق مع السودان تشكل خطورة على حياة ملايين البشر، إضافة إلى تقليله الأراضي الزراعية بنسبة 50%، مبينة أن توفر المعلومات عن ملء وتشغيل سد النهضة أمر حيوي ليتمكن السودان من التخطيط لمشاريعه وحماية مجتمعات ما بعد سد النهضة.

ودعت الصادق إلى حماية الأمن والسلم الإقليمي “بشكل وقائي”، مُحذرة من أن صمت مجلس الأمن يرسل رسالة خاطئة، منوها بأن السودان “كان ولا يزال يقر بحقوق إثيوبيا في استغلال مياه النيل”، وأن السودان يشدد على أهمية الاتفاق القانوني الملزم لحماية السدود وحماية الأمن البشري في السودان.

“تضييع للوقت”

من جانبه، قال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سليشي بيكيلي، أنه لا يجب مناقشة أزمة السد في مجلس الأمن، مُعتبرًا أنه “تضييع للوقت”، لافتا إلى أن خزان سد النهضة “أصغر بمرتين ونصف من سد أسوان في مصر، وأن مصر والسودان لديهما العديد من السدود دون مراعاة حقوق الأطراف الأخرى.

وأكد الوزير الإثيوبي أن سد النهضة “في مكانه الصحيح”، متابعا: “إثيوبيا لا تستجيب للضغوط السياسية أو أي تدخل وسوف تواصل ممارسة ضبط النفس وتبدي التعاون لأننا سنكون دائما متواصلين ومترابطين بسبب هذا النهر، ويجب أن نعيش بسلام كجيران، ونعيد تأكيدنا على التزامنا بالعملية التفاوضية برئاسة الاتحاد الإفريقي”.

ربما يعجبك أيضا