أزمة فنزويلا.. تعيد إحياء مبدأ مونرو والتدخلات الأمريكية

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي
 

أعاد التدخل الأمريكي في الأزمة الفنزويلية الأخيرة إحياء مبدأ مونرو في السياسة الأمريكية، والذي يصوغ لها مبررات التدخل في الشئون الداخلية لدول أمريكا اللاتينية، باعتبارها ضمن محددات الأمن القومي الأمريكي، وكرّست الولايات المتحدة قدراتها العسكرية وصعودها الاقتصادي عبر القرنين الماضيين لتأمين احتياجاتها من المواد الخام، واحتكار السوق اللاتيني لبيع سلعها بعيدًا عن التنافس الأوروبي على أفريقيا، والصين واليابان حول منطقة جنوب شرق آسيا. 
 
في الأسبوع الماضي، أعلن ترامب اعترافه برئيس المعارضة خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسًا بالوكالة للبلاد أمام عشرات آلاف المؤيدين الذين تجمعوا في العاصمة كراكاس احتجاجًا على الرئيس نيكولاس مادورو؛ ليحظى على الفور باعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة دول أخرى في القارة الأمريكية.
 
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتدخل فيها الولايات المتحدة ضد فنزويلا، فقد سبقها تدخل لدعم الانقلاب العسكري ضد الرئيس الراحل هوجو تشافيز، ولم يدم التدخل الأمريكي سوى يومين، وبعدها استعاد تشافيز سلطته متهمًا واشنطن بالوقوف وراء الانقلاب.
 
في عام 1823م أصدر الرئيس الأمريكي جيمس مونرو بيانًا رسميًّا بـ”مبدأ مونرو”، يهدف إلى تحجيم الإمبراطوريات الأوروبيات في مستعمراتها بأمريكا اللاتينية، والذي طوره رؤساء أمريكا اللاحقين، لحماية المصالح الأمريكية ضد التدخلات الأوروبية، ولا سيما ضد النفوذ البريطاني بها، بجانب تعزيز المصالح التجارية معها، لتصبح هي الدولة صاحبة الامتياز الأول في تلك الدول. وفي فترة الحرب الباردة، شددت الولايات المتحدة على تبني دول أمريكا اللاتينية للنظام الرأسمالي، ومعاداة الدول التي تبنت المنهج الاشتراكي.
 
مبدأ مونرو والتبعية الأمريكية
 
أساءت الولايات المتحدة استعمال مبدأ مونرو، الذي بُني على حماية القارة اللاتينية من الاستعمار الأوروبي، إلى ضرورة التبعية الأمريكية، واتخذت سياسة مفتوحة تجاه الدول المعارضة للتوجهات الأمريكية، سواء بدعم الانقلابات العسكرية، أو دعم المعارضة، أو التدخل العسكري المباشر إذا اقتضى الأمر.
 
أبرز التدخلات الأمريكية

 
محاولات اغتيال لقادة يساريين
 
يأتي على رأسها محاولة اغتيال رئيس فنزويلا الحالي، وكان مادورو قد تعرض لـ16 محاولة اغتيال على يد كولومبيا والولايات المتحدة، كان أولها عقب مجيئه للسلطة بـ14 يومًا.  كما تعرض الرئيس السابق هوجو تشافيز، لما يقرب من 3 محاولات اغتيال، بعضها كان بسبب عدائه مع جارته الكولومبية، والبعض الآخر كان بسبب سياساته الثورية ضد التدخلات الأمريكية في بلاده.
 
 ودخل زعيم كوبا السابق فيدل كاسترو موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتعرضه لـ638 محاولة اغتيال منذ 1959، وتم اتهام وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه” بالوقوف وراء معظمها.
 
ويُرجّح كثيرون وقوف الاستخبارات الأمريكية وراء محاولات اغتيال القادة السياسيين بأمريكا اللاتينية، خاصة بعد إصابة 6 من الرؤساء اللاتينيين، وهم تشافيز، ورئيس البرازيل السابق إيناسيو لولا دا سيلفا، وخليفته ديلما روسيف، ورئيسة الأرجنتين كريستينا فيرنانديز، ورئيس باراجواي السابق فيرناندو لوجو، ورئيس بوليفيا إيفو موراليس بمرض السرطان في وقت واحد، باستخدام واشنطن أدوية تسبب السرطان.
 
الغزو الأمريكي
 
المحاولة الفاشلة لقلب نظام كاسترو سنة 1961 التي أحبطتها قوات كاسترو، وقضت على قوات المنفيين الذين دربتهم القوات الأمريكية، وبعدها بسنة جاءت أزمة الصواريخ التي انتهت بسحب الاتحاد السوفيتي صواريخه من كوبا، وسحبت أمريكا صواريخها سريًّا من الشرق الأوسط وتركيا، وتعهد بعدها روبرت كينيدي بعدم غزو كوبا.
 
محاصرة التوسع الاشتراكي

 
تدخلت الولايات المتحدة في البرازيل عام 1964م، لدعم الانقلاب بقيادة رئيس الأركان أومبرتو كاستيلو برانكو، خشية تحول البرازيل إلى الاشتراكية ولعرقلة نموها الاقتصادي. كما تدخلت في تشيلي عام 1973م، واغتيال  الرئيس المنتخب ديمقراطيًّا، سلفادور أليندي، لمنع تحول تشيلي نحو النهج الاشتراكي.
 
المصالح الاقتصادية
 
في عام 1954، دعمت وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” الإطاحة برئيس غواتيمالا جاكوبو أربينز في انقلاب، وذلك  بسبب سعيه لاستصلاح الأراضي الزراعية التي تسيطر عليها شركات الغذاء الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا