أهمية التعاون الأمني بين ألمانيا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط MENA

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تمر منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط MENA بعملية تغيير سياسي واجتماعي واسع وهذا ما دفع ألمانيا إلى إطلاق صندوق الحوكمة عام 2012 من قبل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) نيابة عن الوزارة الفيدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ) كأداة لدعم الإصلاحات ذات التوجه الديمقراطي. تهدف الإجراءات التي يمولها الصندوق إلى تحديث هياكل الدولة وإشراك الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في عملية التحديث.

ما هي الأهداف الاستراتيجية للحكومة الألمانية لمساعدتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وهل تعالج ممارسة إنفاق المساعدات الألمانية في الواقع التحديات التنموية والإنسانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما حددتها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نفسها؟ 

لا تزال الأسباب الهيكلية لظهور حركات الاحتجاجات ضد التهميش الاجتماعي والاقتصادي والافتقار إلى الآفاق الواعدة للمستقبل، وخاصة بين الشباب – قائمة في بعض دول المنطقة ويتجلى الافتقار في الاستقطاب الاجتماعي والأيديولوجي والانقسامات الاجتماعية. وتعتبر الصراعات الاجتماعية، الإرهاب، تغير المناخ في شمال القارة الأفريقية (تمتد منطقة الساحل من الغرب إلى الشرق) لها انعكاسات سلبية على أوروبا الغربية. شكلت الحياة هناك لسنوات عديدة من خلال الهجمات الإرهابية والصراعات الاجتماعية، بعضها كان لأسباب عرقية. 

وتعتبر منطقة الساحل واحدة من أفقر مناطق العالم، غالبية الناس هناك يكسبون رزقهم من الزراعة، التي تتعرض لخطر شديد بسبب تغير المناخ والطقس القاسي. وهذا يمكن أن ينعكس على أمن أوروبا كون دول الساحل الخمس، بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، تعتبر دول حاسمة لاستقرار غرب إفريقيا – وتؤثر على الأمن في أوروبا. لذلك تعمل ألمانيا وأوروبا على تعزيز هياكل الدولة بشكل شامل في المنطقة من خلال نهج متكامل. هذه هي الطريقة الوحيدة لمكافحة العنف في منطقة الساحل على المدى الطويل ومنح المنطقة مستقبلاً أفضل.

كان عام 2021، عاما رئيسيا للتعاون بين أوروبا وجيرانها في الشرق الأوسط وشمال منطقة إفريقيا مع انطلاق ميزانية الاتحاد الأوروبي مع، جائحة COVID-19 لدعم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبدون شك فإن أي دعم أوروبي له تأثير على العلاقات بين الدولة والمجتمع في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم تتحقق بعد.

التعاون ما بين ألمانيا ودولة الإمارات، دوليا

شهدت العلاقات ما بين ألمانيا ودولة الإمارات العربية تطوراً إيجابيا، في مجالات رئيسية محددة تسود فيها المصالح المشتركة، مثل تدريب الشرطة وأنشطة إزالة الألغام في أفغانستان واليمن. وعززت كل من الإمارات العربية المتحدة وألمانيا خلال الفترة 2010/ 2020، وجودهما في فرض الاستقرار في الشرق الأوسط الكبير، وكذلك في العديد من البلدان الأفريقية، في السياسة الخارجية، كما هو الحال في العراق وأفغانستان ويمكنهما الاستثمار أيضا التعاون  حول اليمن والساحل أو ليبيا أو الصومال.

التعاون ما بين ألمانيا ودولة مصر، دوليا

التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري يوم 23 يونيو 2021 بمسؤولين ألمان لبحث العلاقات الثنائية، واستئناف المفاوضات تجاه آخر القضايا بين المكونات الليبية وملف سد النهضة الإثيوبي الكبير. دعا شكري ألمانيا، اللاعب الأوروبي الرئيسي الفعال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى إنفاذ وتنفيذ اتفاقية انسحاب “جميع المقاتلين الأجانب” من ليبيا.  والتقى شكري مع مستشار الأمن القومي الألماني يان هاكر لتبادل التوقعات الأمنية لكلا البلدين والأفكار لتوسيع تعاونهما. 

والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم 28/ 10/ 2018 بعدد من الرؤساء التنفيذيين للشركات الأعضاء بالاتحاد في شركة الصناعات الأمنية والدفاعية الألمانية (BDSV) وأشاد الرئيس السيسي بتنمية التعاون بين مصر والشركات الألمانية التي تعمل في المجالين العسكري والأمني، الأمر الذي ساعد في تعزيز المهارات الفنية والقتالية للقوات المسلحة المصرية. وأعرب الرئيس اهتمام مصر بتعزيز التعاون مع الشركات الألمانية في هذا المجال لحماية الأمن القومي المصري. 

التعاون ما بين ألمانيا والمملكة المغربية

تعتبر المملكة المغربية سياسياً وثقافياً واقتصادياً حلقة وصل مهمة بين الشمال والجنوب -فهي شريك مركزي للاتحاد الأوروبي وألمانيا في شمال إفريقيا. تقيم ألمانيا والمغرب علاقات دبلوماسية منذ عام 1956. أطلق المغرب إصلاحات شاملة تلعب الدولة دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الاستقرار وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة وتدعم ألمانيا المبعوث الشخصي في جهوده لإيجاد حل سياسي عادل ودائم مقبول للجميع بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602 (2021). تساعد ألمانيا المغرب في جهود التحديث، وهي واحدة من أكبر المانحين الثنائيين في البلاد، يركز التعاون الإنمائي الألماني المغربي على التنمية الاقتصادية المستدامة والوظائف والطاقة المتجددة والمياه إدارة.

النتائج

تدرك ألمانيا إلى جانب دول أوروبا أهمية التعاون الأمني مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا، لما لهذه الدول من انعكاسات على أمن أوروبا، لذلك تسعى ألمانيا إلى تعزيز سياساتها مع دول المنطقة خاصة الدول الأفريقية، محاولة منها للحد من موجات الهجرة التي تداخلت مع ملف الأمن في أوروبا.

وضمن جهود ألمانيا المتواضعة، لمعالجة مشاكل الإرهاب والهجرة، قامت بمساعدة الحكومات في مجال التدريب وكذلك تشجيع إقامة بعض المشروعات الاقتصادية من أجل الحد من الهجرة، إلى جانب إقامة المنتديات والمؤتمرات الدولية.

لا توجد جغرافية محددة للإرهاب، وهذا يعني أنه لا توجد دولة يمكن أن تكون بمنأى عن الإرهاب وهنا الحديث عن ألمانيا، فرغم الجغرافية، والمسافات، انعكست التطورات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا على ألمانيا، وهذا ما أدركته ألمانيا جيدا.

من المرجح أن تشهد الحكومة الألمانية الجديدة، سياسات أوسع من السابق، تجاه دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وربما يكون لها دور سياسي وأمني في مناطق النزاع، من أجل فرض الأمن والاستقرار إقليميا ودوليا.

ربما يعجبك أيضا