أوراسيا ريفيو | الحرب مستمرة ضد «داعش»

بسام عباس
داعش في العراق

رؤية

ترجمة – بسام عباس

في 14 ديسمبر، لاحظت طائرتان مقاتلتان من طراز تايفون تابعتان لسلاح الجو الملكي البريطاني، كانتا تقومان بدوريات فوق سوريا والعراق، طائرة بدون طيار مجهولة الهوية تحلق باتجاه القوات المتحالفة على الأرض في قاعدة التحالف في (التنف) بسوريا.

ونظرًا لكون الطائرة بدون طيار كانت تشكل تهديدًا، نفّذ سلاح الجو الملكي البريطاني أول إطلاق صاروخي جو-جو منذ ما يقرب من 40 عامًا.

كان سلاح الجو الملكي البريطاني يشارك في عملية شادر، ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وقال “بن والاس”، وزير الدفاع البريطاني: “هذه الضربة دليلٌ مثيرٌ للإعجاب لقدرة سلاح الجو الملكي البريطاني على إصابة أهداف معادية في الجو والتي تشكل تهديدًا لقواتنا.. إننا نواصل بذل أقصى جهودنا إلى جانب شركائنا في التحالف من أجل القضاء على التهديد الإرهابي وحماية موظفينا وشركائنا”.

الشركاء الذين كان والاس يشير إليهم هم أعضاء التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والذي تشكَّل برعاية الولايات المتحدة في سبتمبر 2014 بهدفٍ وحيدٍ وهو إضعاف تنظيم داعش والقضاء عليه في النهاية. وينخرط التحالف، الذي يتألف اليوم مما لا يقل عن 79 دولة وخَمس منظمات دولية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وجامعة الدول العربية، في مواجهة داعش على جميع الجبهات، مما يضعف بنيته التحتية المالية والاقتصادية، بالإضافة إلى منع تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، والمساعدة في استعادة الخدمات العامة الأساسية للمناطق المحررة من قبضة داعش؛ ومواجهة تواجد التنظيم على الإنترنت والترويج له.

أدت جهودهم المشتركة إلى تقليص قدرة داعش العسكرية وسيطرته على الأراضي وقيادته وموارده المالية ونفوذه عبر الإنترنت. ومن أجل المساعدة في تحقيق الاستقرار في الأراضي المحررة من داعش، فإن دول التحالف تتبادل المعلومات وتتعاون في إنفاذ القانون، ومكافحة تجنيد الإرهابيين، وتحييد رواية داعش وتقديم المساعدة الإنسانية للمجتمعات التي تعاني من النزوح والنزاع.

كل ذلك يشهد على التهديد المستمر الذي يمثله داعش للعالم المتحضر. ولكن بعد هزيمته على الأرض في سوريا والعراق، ومقتل قائده الأول في غارة جوية، يعيد تنظيم داعش تجميع صفوفه ببطء، مشكلاً خلايا نائمة لشن هجمات وحرب عصابات منخفضة المستوى، ساعيًا إلى حشد دعم جديد.

وبين يناير 2020 وسبتمبر 2021، أعلن تنظيم داعش عن 90 عملية في الشهر في المتوسط ​​في العراق وحده. باختصار، لا تزال هذه القوة نشطة للغاية وشديدة الخطورة. وتعد العراق وسوريا وسيناء مناطقها الساخنة الثلاث. ولكنها تواصل العمل بشكل متقطع في اليمن والصومال وليبيا، بينما تم الإبلاغ في العامين الماضيين عن هجمات إرهابية مرتبطة بداعش في النيجر والمملكة المتحدة والنمسا وباكستان ونيوزيلندا.

وتتمركز عمليات تنظيم داعش في ريف العراق وسوريا، أو ما يطلق عليه التنظيم الإرهابي “ولاية العراق” و”ولاية الشام”. ورغم ما توحي به هذه الأسماء، فإن داعش لا يسيطر عليها. ففي شبه جزيرة سيناء – أو ما يسمى بـ “ولاية سيناء”– يستمر تنظيم داعش في تنفيذ تمرد منخفض المستوى على أمل إنهاك القوات المصرية.

وقد حدد تنظيم داعش استراتيجيته في هذه المناطق في مقال بمجلته الإخبارية الأسبوعية الرسمية “النبأ”. حيث يميز المقال بين حرب العصابات والتمكين (بناء الدولة)، ويوضح المقال أنه أثناء انهيار الخلافة الإقليمية، قرر داعش العودة إلى حرب العصابات. فيما تعمَّد زعيم داعش الجديد، “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”، عدم الظهور، ولكن بعد مرور أكثر من عامين على مقتل مؤسسها “أبو بكر البغدادي”، لا يزال تنظيم داعش يمثل تهديدًا قويًّا، ليس فقط في سوريا والعراق، ولكن في إفريقيا وعلى نطاق أوسع.

وقد يشير المنطق إلى أن إسرائيل ستكون في مقدمة الدول التي تنضم إلى هذا التحالف تحت رعاية الولايات المتحدة من أجل هزيمة داعش؛ ذلك أن داعش كرَّس نفسه لتدمير إسرائيل، وبينما يجب على إسرائيل أن تضع داعش ضمن لائحة العديد من التنظيمات الإرهابية التي تعلن أنها أعداء لها، مثل حماس وحزب الله، إلا أنها [إسرائيل] ليست ضمن أعضاء التحالف الـ 84.

وكما كتب “عيران عتصيون”، الرئيس السابق للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، في عام 2016، فقد أظهرت إسرائيل وداعش مستويات عالية من ضبط النفس تجاه بعضهما البعض. حيث امتنعت إسرائيل عن الانضمام إلى التحالف الدولي، بينما لم يشن تنظيم داعش أي هجوم ذي بال على إسرائيل نفسها. وبعد خمس سنوات، لا يزال كلاهما متمسكًا بهذا الموقف، وإذا ما أعاد تنظيم داعش تأسيس خلافته، فسيأتي حينها وقت “الزحف نحو القدس”.

أما بالنسبة لإسرائيل فإن أولويتها منحصرة في أعدائها وتهديداتهم الواضحة والراهنة، والمتمثلة في إيران وطموحاتها النووية والجيوسياسية. فقد ظلت إسرائيل تركز على حرمان إيران من امتلاك ترسانة نووية وتعزيز سيطرتها السياسية على المنطقة من خلال تسليح حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا وحركة حماس في غزة والحوثيين في اليمن.

ولم يؤثر تركيز إسرائيل على التهديد الإيراني، حتى وقت قريب، في الرأي العام الأمريكي أو العالمي. فقد أولى اهتمامه بالقضاء على ما تبقى من نفوذ تنظيم داعش في سوريا والعراق، حتى انشغل بعد ذلك بسيطرة حركة طالبان على أفغانستان، غير أن تقليص قوة داعش ومكانتها، سيمنع النشاط الإرهابي العالمي الذي ارتبط بداعش.

ومؤخرًا، عاد تركيز العالم على إيران، مع استمرار برنامج “القضاء على داعش” التابع للتحالف الدولي الذي أصبح الآن منظمة تنفذ أنشطة منسقة جيدًا في المجالات المختلفة. ومن المؤكد أنها ستنجح في النهاية في التغلب على الطموحات العدمية لهذه المنظمة الإرهابية.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا