أوراسيا ريفيو| المواجهة مع الصين.. ما الأزمات المحلية التي تواجه الهند في 2022؟

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

واجهت الهند تحديات أمنية وداخلية خطيرة هذا العام، فالتوترات العسكرية مع الصين لم تكشف أي بوادر للتراجع، فيما دمرت موجة ثانية قاتلة من جائحة فيروس كورونا الهند، بينما واجهت الهند أكبر احتجاج للمزارعين منذ أن تولى “ناريندرا مودي” رئاسة الوزراء.

وقد أنهى العملاقان الآسيويان، الهند والصين، أخطر مواجهة بينهما منذ عقود في فبراير الماضي بسحب قواتهما من منطقة حدودية متنازع عليها في (لاداخ)، إلا أن حدودهما على جبال الهيمالايا لا تزال منطقة شديدة الاشتعال، حيث يتحصن آلاف الجنود في عدة نقاط أخرى متنازع عليها لقضاء فصل الشتاء الثاني.

وقد وصلت الجولة الـ 13 من المحادثات التي عُقدت بين القيادات العسكرية لحل الخلافات بين الطرفين إلى طريق مسدود في أكتوبر، حيث ألقى الجانبان باللوم على بعضهما البعض في هذا المأزق؛ فالصين اتهمت الهند بالإصرار على “مطالب غير معقولة وغير واقعية”، بينما قالت الهند إن الجانب الصيني “لا يمكنه تقديم أي مقترحات تطلعية”، وكانت النتيجة حشدًا عسكريًّا كبيرًا على طول حدود الهيمالايا، إذ أصر كلا الجانبين على موقفه.

من جانبه، صرح “هارش بانت”، رئيس برنامج الدراسات الاستراتيجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في العاصمة نيودلهي، أن “الصين كانت تحشد القوات بشكل ملحوظ للغاية، وتبني هياكل شبه دائمة وتجري استعراضات قوة على طول تلك الحدود الطويلة مع الهند”.

أما الهند، التي طالما ركزت اهتمامها على منافستها باكستان، فهي تستعد الآن لمواجهة التحدي الأمني من جارتها الأكبر والأكثر قوة. إنها تبني الطرق والأنفاق لتحريك القوات والأسلحة بشكل أسرع على طول حدود الصين.

فيما قال وزير الخارجية الهندي “سوبراهمانيام جايشانكار” الشهر الماضي: إن العلاقات بين البلدين تمر “بمرحلة سيئة جدًا”. وقال في حلقة نقاش بسنغافورة: “لقد اتخذت الصين عدة إجراءات من شأنها انتهاك الاتفاقيات التي فقدنا الثقة بها، وهذا يشير إلى إعادة التفكير في المدى الذي يريدون أن تذهب إليه علاقتنا، ولكن عليهم أن يجيبوا على هذا السؤال”.

وبينما تستعد نيودلهي للتعامل مع الصين الأكثر حزمًا، شارك رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” في قمتين لمجموعة الرباعية التي تتكون من أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة. الأول كان اجتماعًا افتراضيًّا عقده قادة الدول الأربع في مارس، والثاني عبارة عن قمة شخصية استضافها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في واشنطن في سبتمبر. وكان الاجتماعان محاولة لتنشيط المجموعة التي يُنظر إليها على أنها أنشئت لمواجهة قوة الصين المتنامية.

وقال هارش بانت: “لقد استيقظت الهند بطرق مثيرة للغاية. والآن تستجيب الهند بالمثل مع الصين ليس فقط بزيادة قواتها على طول الحدود، ولكن أيضًا باتخاذ قرارات مهمة مثل إضفاء الطابع الرسمي على الرباعية والمشاركة بشكل أكبر مع الرباعية.. لقد أعلنت نيودلهي أنها لن تتراجع”.

كما واجه مودي، المعروف بأنه أقوى زعيم للهند منذ عقود، أخطر الأزمات المحلية التي واجهها خلال فترة حكمه التي استمرت سبع سنوات، ففي وقت سابق من هذا العام، أدت موجة ثانية قاتلة من جائحة فيروس كورونا التي ضاعفها متغير دلتا إلى مرض أو مقتل الملايين بعد أشهر فقط من إعلان مودي انتصاره فعليًّا على الفيروس، فيما ألقى منتقدوه باللوم على حكومته في التراخي.

وقد عقد مودي وكبار قادة حكومته تجمعات انتخابية ضخمة وتجمع المصلون الهندوس لأداء فريضة الحج حتى مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في ثاني أكثر دول العالم تضررًا.

وأُلقي اللوم على السلطات أيضًا لفشلها في إعداد البنية التحتية الصحية وبرنامج التحصين البطيء الذي ترك معظم الناس دون حماية في أكبر دولة منتجة للقاحات في العالم عندما ضربتها الموجة الثانية، وقد كافحت حكومته للتعامل مع الوضع.

وقالت “نيرجا تشودري” المحللة السياسية المستقلة: “كان هناك نقص في الأوكسجين، والمستشفيات مليئة بالمرضى، ناهيك عن ذلك المشهد المأساوي لجثث غارقة في نهر الجانج، والذي سيستغرق الشعب وقتًا طويلاً لينساه، لذا فقد تعرّض مودي للنقد؛ إذ خرجت الأمور عن السيطرة ولم يظهر أنه على قدر المسؤولية”.

في الأشهر التي تلت ذلك، تحركت الحكومة بسرعة لتطعيم مواطنيها، وبحلول أكتوبر احتفلت بالحدث البارز المتمثل في إعطاء مليار جرعة، وقامت بتطعيم أكثر من نصف سكانها بالكامل بحلول نهاية العام.

وفي سياق آخر، شكَّل عشرات الآلاف من المزارعين من شمال الهند تحديًا هائلًا لمودي أثناء إضرابهم على الطرق السريعة حول نيودلهي، وقادوا احتجاجًا استمر لمدة عام ضد الإصلاحات الملائمة للسوق في القطاع الزراعي. وأوقفوا احتجاجهم هذا الشهر فقط بعد أن ألغى مودي القوانين. لقد كان نصرًا مؤزرًا للمزارعين الذين انتزعوا تنازلاً نادرًا من زعيمٍ نادرًا ما يتسامح مع تحدي سلطته.

ويقول محللون سياسيون إنه على الرغم من أن رئيس الوزراء لا يزال يتمتع بشعبية، إلا أن “البريق” قد تلاشى، لافتين إلى أنه في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد، ورفْع معظم القيود للسماح بانفتاح الاقتصاد، يعاني ملايين الفقراء في مواجهة الدمار الاقتصادي الناجم عن الوباء.

وقالت “نيرجا شودري”: “بصرف النظر عن سوء التعامل مع أزمة كورونا، كان هناك نقص في الوظائف، واضطرت العائلات إلى إخراج أطفالها من المدرسة لافتقادهم إلى الأموال اللازمة، كما انتشر زواج الأطفال؛ لأن الآباء لا يستطيعون الاعتناء بهم، إضافة إلى زيادة نسبة سوء التغذية بين الأطفال… أعتقد أننا لم نشعر بعد بفداحة ما حدث خلال عام 2021 وفشلنا في فهم تداعياته بالكامل”.

في العام المقبل، ستكون اهتمامات الهند الأساسية هي التعامل مع الصين الأكثر حزمًا، وإيجاد وظائف لملايين الناس، حتى في الوقت الذي يطرح فيه متغير أوميكرون شكوكًا جديدة في بلد تضاءل فيه الوباء في الأشهر الأخيرة.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا