أوروبا تحتفل بأعياد الميلاد وسط مخاوف من تهديدات إرهابية

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

أطلق تنظيم داعش خلال الشهر الجاري، ديسمبر 2018 إصدارًا مرئيًّا جديدًا بعنوان: “أعد نفسك”، صادرًا عن “المنتصر للإنتاج الإعلامي” باللغة الإسبانية ومترجمًا إلى العربية والإنجليزية، يهدف إلى حشد عناصره وخلاياه النائمة وذئابه المنفردة لتنفيذ الأعمال الإرهابية خلال احتفالات أعياد الميلاد عبر الدهس والتفجير.

وهددت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي، على صلة بتنظيم داعش الإرهابي، بتنفيذ هجمات في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا خلال احتفالات أعياد الميلاد. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي تم تصميمها وتظهر عناصر إرهابية متواجدة في أسواق أعياد الميلاد في الدول المذكورة. فما زالت حادثة شاحنة، اجتاحت سوق أعياد الميلاد، ديسمبر 2016، عالقة في أذهان الألمان والأوروبيين.

فرغم تشديد الإجراءات الأمنية  كل عام في أوروبا بمناسبة احتفالات أعياد الميلاد، إلا أنه في 19 ديسمبر 2016، استطاع تونسي يدعى أنيس العامري اقتحام بشاحنته سوقًا لأعياد الميلاد في العاصمة الألمانية برلين.  ويزيد من احتمال وقوع هجمات جديدة في عواصم أوروبا، أن داعش كثف منذ بداية  عام 2018 من نشر الإرشادات لذئابه المنفردة حول كيفية تنفيذ عمليات إرهابية في القارة الأوروبية.

 
تحذيرات من “الذئاب المنفردة”

نقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية  يوم 13 ديسمبر 2018عن مسؤولين بالشرطة وجهاز الأمن الداخلي البريطاني، “MI5” تحذيرهم من احتمال قيام عناصر منفردة، ذئاب منفردة تستلهم أفكار تنظيم داعش بتنفيذ هجمات إرهابية داخل البلاد خلال موسم عيد الميلاد.

وقال مسؤول أمني بريطاني إن موسم عيد الميلاد يُعد من الأوقات الخطرة، بسبب تجمع المحتفلين في تجمعات كبيرة، ولكونه مناسبة دينية مسيحية تستفز إرهابيي داعش. وأضافت الصحيفة أن تنظيم داعش في العراق وسوريا يحرض أتباعه في أوروبا على مهاجمة التجمعات الاحتفالية عبر القارة خلال موسم عيد الميلاد. وتُعد بريطانيا من أكثر الدول تعرضًا للاستهداف من جانب تنظيم داعش.

فتح سوق عيد الميلاد في مدينة ستراسبورغ الفرنسية أبوابه مجددا ليستقبل زائريه الذين بدأوا تدريجيا يتجاوزون حالة الصدمة عقب الاعتداء الذي أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى و13 جريحا مساء يوم14 ديسمبر 2018، في أعقاب،عملية اطلاق نار نفذها شريف شيكات، فرنسي من اصل مغربي.  وأثار اعتداء برلين  ديسمبر 2016 إثر اقتحام شاحنة سوقا للميلاد في العاصمة الألمانية اصداء واسعة في العواصم الاوروبية، بإتخاذ حالة الطواريئ ورفع حالة التأهب الامني.

تشديد الإجراءات الأمنية في اسواق الميلاد

أعلنت الدول الأوروبية تشديد الإجراءات الأمنية في أسواق الميلاد عبر تكثيف الدوريات ونصب الحواجز الأمنية، ونشر الشرطة وقوات الدرك في شوارع المدن الأوروبية. وأعلنت  غالبية الدول الأوروبية مضاعفة الدوريات الأمنية في الأماكن العامة، والإبقاء على مستوى الإنذار المرتفع جدا.

وأبقت بلجيكا التي تشكل أحد معاقل الإرهابيين في أوروبا على مستوى إنذار يعكس تهديدًا ممكنًا ومحتملا، وأبقت بريطانيا على مستوى إنذار مرتفع جدا في فترة الميلاد ورأس السنة وأقامت حواجز فاصلة في حول أسواق الميلاد.

وعادت أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى اتباع وسائل تقليدية في منع وقوع حوادث إرهابية أبرزها: وضع موانع أسمنتية في الساحات العامة، وضع نقاط تفتيش الأشخاص في مداخل الساحات العامة خلال عقد المهرجانات والاحتفالات، نصب كاميرات مراقبة، نشر شرطة بملابس مدنية وحجب نشر موضوعات التطرف على الإنترنيت.

وتزداد مخاوف الأوروبيين، كون الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذه، لم تمنع عمليات الذئاب المنفردة، لأنها تتحرك بشكل مفاجئ، ودون تنسيق مع قيادة التنظيم، ما يجعل التعرف عليها، من قبل الأجهزة الأمنية، أمر بالغ الصعوبة. واتخذت دول أوروبا إجراءات جديدة بتأمين الأمن في الأماكن العامة والأسواق والأماكن المفتوحة خلال عام 2017، بعد أن استفادت من تجارب سابقة خلال أعياد الميلاد ، استطاعت في أعقابها، سد معظم الثغرات الأمنية بتعاملها مع التهديدات.

الخلاصة

أثارت تهديدات تنظيم داعش بتنفيذ عمليات إرهابية ضد عواصم أوروبية وغربية خلال أعياد الميلاد ورأس السنة 2018، اهتمام أجهزة الاستخبارات ووسائل الإعلام. التهديات انعكست على الشارع الأوروبي، والتي تمثلت بارتفاع هاجس الخوف عند المواطن الأوروبي، وصل في بعض الدول الأوروبية على سبيل المثال إلى معدل 40%، بعدم المشاركة في احتفالات ومهرجانات أعياد الميلاد ورأس السنة.

إن تهديدات تنظيم داعش، مازالت قائمة في دول أوروبا، وهذا يعني ان دول أوروبا مازالت تبقي على حالة التأخب والانذار. التحدي الذي يواجه اجهزة الامن والشرطة في دول أوروبا، هي عمليات “الذئاب المنفردة” التي ينفذها في الغالب عناصر غير مرتبطة بالتنظيم، ذات سجل جنائي، تنفذ عملياتها من وحي تنظيم داعش  وتحصل على التدريب عبر الانترنيت. يذكر ان عمليات الذئاب المنفردة وعمليات الطعن والدهس، هي لاتحتاج الى التدريب او الاتصالات، وهذا مايعقد مهمة أجهزة الشرطة والإستخبارات.

وتراجعت عمليات التنظيم في أوروبا كثيرا من حيث العدد والنوع، فقد شهدت أوروبا خلال عام 2018 مايقارب (12 ) عملية مقابل مايقارب (20) عملية خلال عام 2017، الأخيرة كانت أكثر دموية وأكثر تعاقبا من عام 2017. هذه المعطيات، تعطي مؤشرًا إيجابيا، بأن أجهزة الاستخبارات والشرطة لدول أوروبا استطاعت نزع المبادرة من عناصر وأنصار التنظيم.

أجهزة الشرطة استطاعت هي الأخرى التعامل مع منفذي العمليات من الذئاب المنفردة بمهنية عالية وتحييد المهاجمين. بات متوقعا تراجع عمليات تنظيم داعش في دول أوروبا خلال أعياد الميلاد الحالية، ديسمبر 2018، وما يدعم هذه الفكرة، أن أوروبا نجحت إلى حد ما بجعل دولها ساحة نظيفة من الإرهاب خلال أعياد رأس السنة لعام 2017 . ورغم ذلك مهنيًا، تبقى تهديدات تنظيم داعش قائمة، تحت فرضية، أنه لا يوجد أمن مطلق.

ربما يعجبك أيضا