إسرائيل تهاجم مصنع صواريخ إيراني بسوريا.. ما وراء العملية؟

محمد النحاس
قوات إسرائيلية

الجانب الاستخباراتي من العملية لا يقل أهمية عن الجانب العسكري. فمن الواضح أن إسرائيل تسعى إلى الحصول على معلومات دقيقة حول مشاريع تطوير أسلحة "المحور الإيراني"


نفذت قوات النخبة في الجيش الإسرائيلي عملية “نادرة” في سوريا الأسبوع الماضي، حيث دمرت مصنعًا تحت الأرض مرتبط بإيران لإنتاج الصواريخ الدقيقة، وفقًا لآكسيوس.

تأتي العملية في ظل زيادة الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 واحتدام التوترات بين حزب الله وإسرائيل، وتعد هي الأولى من نوعها في سوريا ضد الأهداف المرتبطة بإيران التي كانت تستهدف إسرائيل خلال السنوات الماضية، فما دلالات الهجوم؟ وكيف يمكن قراءته؟ وماذا يخبرنا ذلك عن قدرات إيران؟ 

هجوم غير مسبوق 

الأسبوع الماضي، أفادت وسائل الإعلام السورية بغارات كثيفة نفذتها القوات الجوية الإسرائيلية في عدة مناطق غرب سوريا، بما في ذلك بالقرب من مدينة مصياف القريبة من الحدود اللبنانية.

وأفادت وسائل إعلام سورية مستقلة وخبراء بأن الغارات الجوية كانت غطاءً لعملية برية إسرائيلية في مصياف، وأكدت 3 مصادر أن وحدة “شلداغ” الإسرائيلية قامت بالمداهمة ودمرت المنشأة التابعة لإيران، بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية فإن قوات كوماندوز إسرائيلية قامت بعملية إنزال جوي في سوريا، استهدفت منشأة أمنية تابعة للحرس الثوري الإيراني قرب مدينة مصياف.

تفاصيل الهجوم

أفادت صحيفة “هآرتس” العبرية بأن القوات الإسرائيلية صادرت وثائق وملفات من المنشأة، قبل تدميرها، بينما ذكرت “يديعوت أحرونوت” أن العملية تخللت اشتباكًا مع جنود سوريين وأسر شخصيتين إيرانيتين.

الجولة الأولى من الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت أربعة مواقع عسكرية سورية حول منطقة مصياف، بما في ذلك موقع للدفاع الجوي، الجولة الثانية استهدفت مبنى يتصل بأنفاق تحت الأرض في المجمع العسكري. في المرحلة الثالثة من العملية، عبرت عدة مروحيات إسرائيلية الأجواء السورية وأسقطت عشرات من الجنود الإسرائيليين على مشارف المجمع.

أثناء تقدم القوات الإسرائيلية نحو الأنفاق، قامت الطائرات بدون طيار الإسرائيلية بمهاجمة القوات السورية التي كانت تتجه إلى موقع الاشتباك، ووفقًا لمسؤولين مطلعين، كان الهدف الرئيسي للعملية هو تدمير المنشأة، بينما كان الهدف الثانوي جمع معلومات استخباراتية حول تطوير الأسلحة من حزب الله.

طهران تنفي

على الجانب الآخر، نفى الحرس الثوري الإيراني تلك الادعاءات، مؤكدًا عدم وجود أي مستشارين إيرانيين في المنشأة، واصفًا الأخبار المتداولة بالإعلام العبري بأنها “كاذبة”.

ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية نفيًا رسميًا لتواجد أي قوات إيرانية في الموقع المستهدف، مشددة على أن المنشأة تابعة للجيش السوري فقط.

ما أهمية الهجوم؟

المحللة السياسية إيفا جي كولوريوتيس، أكدت عبر منصة “إكس” أن العملية الإسرائيلية استهدفت منشأة عسكرية للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، وتقديم الدعم اللوجستي لحزب الله، وبالتالي، حال صحة ما جاء في التقارير الأمريكية والإسرائيلية، يمثل تدمير المصنع ضربة كبيرة لجهود إيران وحزب الله لإنتاج الصواريخ المدى على الأراضي السورية.

كما أن الجانب الاستخباراتي من العملية لا يقل أهمية عن الجانب العسكري. فمن الواضح أن إسرائيل تسعى إلى الحصول على معلومات دقيقة حول مشاريع تطوير أسلحة “المحور الإيراني”.

دلالات الهجوم 

الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا تعد تصعيدًا  لافتًا، من حيث الأهداف والنطاق، فلم تقتصر على استهداف مواقع الميليشيات التابعة لإيران فقط، بل امتدت لتشمل مراكز أبحاث علمية، ومرافق مدنية، ومنازل ومباني سكنية، ما تسبب في أضرار كبيرة للبنية التحتية؛ اختيار مصياف كموقع للضربة ليس اعتباطيًا؛ فالمنشأة العسكرية هناك تمثل حجر الزاوية في برنامج تطوير الأسلحة المتقدم في سوريا، والذي يشمل صواريخ باليستية، صواريخ كروز، والذخائر الحرارية، هذه الأسلحة تُعتبر جزءًا من استراتيجية سوريا وحلفائها في حزب الله وإيران لخلق قوة ردع ضد إسرائيل.

كما أن إقدام الجيش الإسرائيلي على عملية إنزال بمنطقة مصياف، التي تتميز بتضاريس جبلية شاهقة يتراوح ارتفاعها بين 800 و1100 متر فوق سطح البحر، يثير تساؤلات حول مدى فعالية القدرات الدفاعية الإيرانية في حماية مواقعها الحساسة، خاصةً مع وجود تضاريس وعرة، التي عادةً ما تُعتبر “سدودًا طبيعية”.

ويمكن القول إن العملية تُظهر هشاشة تلك المنشآت، رغم محاولات إيران لإخفائها في مناطق جبلية وتحصينها بالتضاريس الطبيعية، هذا قد يدفع إيران إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الدفاعية، كما يثير تساؤلات حول قدرات إيران على حماية أسلحتها الاستراتيجية.

هجوم استباقي؟

الهجمات جاءت في توقيت حساس، متزامنة مع مرور أربعين يومًا على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، ويبدو أن إسرائيل أرادت توجيه رسائل واضحة لإيران، أبرزها أنها ستواصل استهداف البنية العسكرية الإيرانية في سوريا دون اعتبار لرد فعل إيران المتأخر والغامض على اغتيال هنية.

كما أن توقيت العملية يعكس القلق الإسرائيلي من تصاعد التهديدات على الجبهة الشمالية، رغم أن سوريا لم تكن جزءًا مباشرًا من العمليات العسكرية الأخيرة ضد إسرائيل، فإن استمرار نقل الأسلحة من إيران إلى حزب الله عبر سوريا يُعتبر مؤشرًا على تصعيد محتمل في المستقبل القريب، التحرك الإسرائيلي السريع لتدمير هذه المنشآت يعكس رغبة في استباق أي محاولة لزعزعة ميزان القوى، أو استخدام هذه الأسلحة في صراع مستقبلي.

ربما يعجبك أيضا