إطلاق سراح قيادي بالحشد.. تسوية كشفت عجز الكاظمي وهيمنة إيران

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

رغم الانتقادات الموجهة لحكومة الكاظمي لعجزه عن مواجهة الميليشيات الموالية لإيران، على خلفية جرائم الاغتيالات والتي كانت اخرها لمسؤول بالمخابرات العراقي، تم إطلاق سراح القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح المتهم بالإرهاب وسط تضارب الأنباء حول وجود تسوية بين الحكومة والحشد مقابل وقف التصعيد، فهل يستمر مسلسل الاغتيال دون رادع لمرتكبيه؟ في وقت تتوالى فيه الانتقادات للحكومة لصمتها الصارخ أمام تلك الانتهاكات.

تسوية لإطلاق قيادي بالحشد

بعد تضارب الأنباء، أطلق، اليوم الأربعاء، سراح القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح الذي اعتقلته القوات العراقية قبل أسبوعين بتهم تتعلق بقتل النشطاء.

وظهر مصلح على جسر الجادرية في العاصمة بغداد عندما استقبله أولاده وبعض أفراد حمايته والمقاتلين في “لواء الطفوف” الذي يقوده.

وكانت تضاربت الأنباء احول خبر إطلاق سراح القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح المتهم بالإرهاب، فيما أكدت مصادر رفيعة لصحيفة “الشرق الأوسط”، توصل الحكومة والفصائل المسلحة، لتسوية في القضية تقضي بإطلاق سراحه مقابل وقف التصعيد.

وقالت مصادر مقربة من هيئة “الحشد”، إن القضاء “أفرج عن مصلح لعدم كفاية الأدلة”، لكن مسؤولاً حكومياً أبلغ “الشرق الأوسط” أن “القرار لم يصدر بعد… ربما خلال أيام”، دون أن ينفي صحة إطلاق السراح.

وفيما عادت مصادر “الحشد” بالتأكيد على استعدادهم لاستقبال القيادي المفرج عنه، في مدينة كربلاء، تحدثت مصادر أخرى إلى وقوع شجار بين قيادات عليا في الحكومة وأطراف في “الحشد” أجّلت عملية إطلاق سراح القيادي لوقت لاحق.

وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس، لم تصدر الحكومة أو السلطة القضائية تعليقاً رسمياً بشأن مصلح، كما لم تبث منصات “الحشد”، كما اعتادت، صوراً لمصلح حراً طليقاً.

وبحسب مصادر سياسية، فإن عملية إطلاق سراح القيادي بالحشد جاءت نتيجة تسوية سياسية مع الحكومة العراقية بطلب عاجل من إيران بهدف التهدئة، والتي تفرض على الحشد التوقف تماماً عن اقتحام القصور والمنشآت الحكومية، فيما يتراجع الكاظمي عن استهداف القيادات الشيعية الكبيرة.

كانت القوات العراقية قد اعتقلت مصلح في 26 مايو بموجب مذكرة من القضاء العراقي في إطار قانون مكافحة الإرهاب، وهو ما أثار غضب فصائل في “الحشد”، التي حاصرت عدة مواقع بينها مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء في المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، وسط بغداد.

عجز حكومة الكاظمي

لم تتوقف موجة الاغتيالات في العراق في ظل عجز الحكومة العراقية عن مواجهة السلاح المنفلت وتحجيم دور الميليشيات الموالية لإيران، والتي باتت تهيمن على المشهد الأمني والسياسي وسط التحضيرات للانتخابات المقررة في أكتوبر المقبل.

ما يثير القلق أن عمليات الاغتيالات تتم على مرأى ومسمع من القوات العراقية، ومع ذلك فهى غير قادرة على صدها أو إيقافها ولا تمتلك سوى الصمت، لأنها تعلم أنها ستصطدم بقوة أكبر منها تتمثل في المليشيات التي لا يحكمها أي قانون سوى قانون السلاح والطائفية.

وبحسب المحللين فإن حكومة الكاظمي التي تعهدت بالكثير لحماية العراقيين، فشلت في إحداث أي تغيير عن عهد عادل عبد المهدي الذي اغتيل فيه أكثر من 700 متظاهر سلمي.

وما يؤكد هذا العجز الحكومي أن قوات الحشد الشعبي ذهبت بمركباتها ومدرعاتها وأسلحتها الفتاكة وحاصرت المنطقة الخضراء، مقر رئاسة الوزراء مؤخرا، وهددت رئيس الوزراء، لأن القوات الأمنية اعتقلت أحد قادتها المتهمين بقتل المتظاهرين السلميين.

ويبدو أن مسلسل اغتيال الناشطين السلميين لن يتوقف عند أفق معين أو تاريخ محدد، وهذا النزيف الدموي لا يتوقف إلا بانتهاء المليشيات الموالية لطهران والسيطرة على السلاح المنفلت.

وفي المقابل،  لم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراءات حقيقية أو فعلية من أجل محاسبة القتلة، ما جعل قادة الحركة الاحتجاجية يفقدون الثقة بحكومته وأدى إلى مقاطعة النظام السياسي برمته، ورفع سقف المطالب إلى تغيير البنية السياسية من جذورها كما جاء في شعارات الثوار “شلع قلع” باللهجة العراقية، أي اقتلاع النظام من جذوره وعدم التصالح معه في الوقت الذي كانوا يسعون إلى خوض الانتخابات وأصبحوا الآن يطالبون بسحب الثقة من حكومة الكاظمي.

مصير العراق

من المقرر أن تنتهي ولاية الكاظمي في أكتوبر المقبل، لكن مصير الحكم سيبقى في يد الأحزاب المهيمنة، وآنذاك ستنتهي حتى إدانة هذه الاغتيالات.

وبرغم من التاكيد على إجراء الانتخابات رغم الدعوة لمقاطعتها، إلا غنها لن تنتج سوى حكومة راضخة لمتطلبات الأحزاب الموالية لإيران، وهو ما يعني استمرار التوترات الأمنية في ظل حكومة عاجزة عن توفير مواطنيها من قبل الميليشيات المسلحة الرافضة لأي حراك أو مطالب تطالب بالحد من النفوذ الإيراني داخل العراق.

ويبدو جليًا أن الأزمة ستطول ولن يعود العراق لدوره في تحقيق العدالة وملاحقة القتلة، ليستمر الحراك المناهض للهيمنة الإيرانية رغم نزيف الدم المستمر منذ ثورة تشرين 2019، والمتوقع أن يعود مع استمرار جرائم الاغتيالات وإجراء الانتخابات التي لا يأمل منها العراقيون الكثير، فسوف تنتهي حكومة الكاظمي وتأتي غيرها بنفس الوعود ولكن دون أمل في إنهاء الأزمة التي لن تنتهي إلا بإنهاء عصر الهيمنة الإيرانية والقضاء على السلاح المنفلت.

ربما يعجبك أيضا