إعادة رسم خطوط اللعبة.. هل تنفك عقدة أنقرة وموسكو في إدلب؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

تعيش سوريا في مرحلة حرجة من مسلسل نزيف الأبرياء على إثر خلاف جلي طفح على السطح بين من يرسمون خطوط اللعبة هناك، ولأن الحرب السورية شهدت إعادة توازن في ميزان القوى بعام 2015 لصالح النظام السوري بدخول الدب الروسي إلى معادلة القوى المتدخلة، إذ أعاد نظام بشار بذلك التغير السيطرة مرة أخرى على البلاد بالدعم القوي من الجيش الروسي، وتزامن معه تضائل للأدوار الدولية الأخرى بما فيها الدور الأمريكي القوي الداعم للفصائل المعارضة قبل أن تتحول لمرتزقة بيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستخدامها كورقة ضغط أمام تمركز الأكراد بالشمال السوري.

بدخول روسيا في خضم الصراع السوري، عقدت مع الدول الأخرى المتدخلة (إيران، وتركيا) تفاهمات ارتسمت بصددها سير الأحداث، ولكن روسيا أرتأت لنفسها الدور الأقوى ومن يملك النفوذ الأكبر. وعليه، دخلت الأطراف الأخرى في عقد اتفاقيات مع موسكو للحفاظ على مصالحها أو للإبقاء على نفوذها كما هو، ومن فقد ذلك التفاهم الروسي انحسر دوره شيئًا فشيئًا، كذلك من تضاربت مصالحه معها، وصل في النهاية للقبول بمطالبها.

ماذا عن التفاهم الروسي التركي؟

يعيش التفاهم الروسي التركي في سوريا مرحلة خطرة من جديد عقب إسقاط الطائرة الحربية الروسية في 2015، بعدما احتدم النزاع التركي السوري – المدعوم من موسكو – في محافظة إدلب في الأيام الماضية، تقدمت من خلاله القوات السورية في المناطق المسيطرة عليها من قبل تنظيم هيئة تحرير الشام، وفصائل مسلحة – محسوبة على المعارضة السورية – سقط على إثره خمسة جنود أتراك وإصابة آخرين.

هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضرب قوات النظام السوري “في كل مكان” في حال تعرض جنوده لأذى، متهمًا في الوقت نفسه روسيا حليفة دمشق بالمشاركة في ارتكاب “مجازر” في إدلب بشمال غرب سوريا.

وقال أردوغان في كلمة أمام كتلة حزبه الحاكم “العدالة والتنمية” في البرلمان في أنقرة “أعلن أننا سنضرب قوات النظام في كل مكان اعتبارًا من الآن بغض النظر عن اتفاقية سوتشي، في حال إلحاق أدنى أذى بجنودنا ونقاط المراقبة التابعة لنا أو في أي مكان آخر”. وأضاف أن تركيا ستفعل “كل ما هو ضروري” لرد قوات النظام السوري إلى خلف نقاط المراقبة الاثنتي عشرة التي أقامتها في إدلب بموجب اتفاق سوتشي سعياً لمنع النظام من شن هجومه على المحافظة المتاخمة لها.

تبادل الاتهامات بين تركيا وروسيا

تأتي تهديدات أردوغان بعد وقوع مواجهات مباشرة بين القوات السورية والتركية خلال الأيام العشرة الأخيرة، خلال الأيام العشرة الأخيرة، تسببت بزيادة التوتر كذلك في العلاقة بين تركيا وروسيا الداعم الأبرز للرئيس السوري بشار الأسد.

وفي موقف قل مثيله، انتقد أردوغان روسيا بشكل مباشر وقال أمام كتلة حزبه الحاكم الأربعاء إن قوات “النظام والقوات الروسية التي تدعمه تهاجم المدنيين باستمرار وترتكب مجازر”.

وكان الكرملين قد أعلن في وقت سابق اليوم أن الرئيس بوتين بحث هاتفيا مع نظيره التركي سبل خفض حدة التوترات في محافظة إدلب.

وقال الكرملين، في بيان، إن الجانبين أكدا على ضرورة الالتزام بالاتفاقيات القائمة بين الجانبين، خاصة المذكرة التي تم توقيعها في سبتمبر من عام 2018 في سوتشي.

وفي غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء أن وفدا تركيا سيقوم بزيارة إلى روسيا خلال الأيام القادمة لبحث الوضع في إدلب.

ومن جانبه اتهم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنقرة بأنها لا تلتزم بالاتفاقات التي أبرمتها مع روسيا “لتحييد” المتشددين في محافظة إدلب السورية، وأن الهجمات على القوات السورية والروسية مستمرة في المنطقة وأكد بيسكوف الأربعاء أن موسكو لا تزال ملتزمة بالاتفاقات مع أنقرة، لكنها تعتبر أن الهجمات في إدلب غير مقبولة وتتنافى مع الاتفاق مع أنقرة، موضحًا أن تركيا “ملزمة بتحييد المجموعات الإرهابية” لكن “كل تلك المجموعات تهاجم القوات السورية وتقوم بأعمال عدوانية ضد المنشآت العسكرية الروسية”، حسب قوله.
   

ربما يعجبك أيضا