إلى أين يصل تصاعد التوتر في العلاقات بين فرنسا ومالي؟

نداء كسبر

جاء الانسحاب الفرنسي من مالي في إطار مراحل إنهاء قوة "برخان" في الساحل الذي أعلنته فرنسا في يونيو 2021، ويقضي بتنظيم قواتها العسكرية وتسليم ثلاث من قواعدها "تيساليت وكيدال وتمبكتو" في شمال مالي.


تسود حالة من التوتر بين فرنسا ومالي في الآونة الأخيرة، بالرغم من حالة التعاون التي كانت سائدة طوال 9 سنوات، فقد استطاعت فرنسا خلالها تعزيز وجودها في منطقة الساحل الإفريقي.

زادت حدة التوتر بين فرنسا ومالي، بعد انقلاب مايو 2020، ثم إعلان الجانب الفرنسي تخفيف وجوده العسكري، فضلًا عن الاحتجاجات المستمرة في باماكو ضد الوجود العسكري الفرنسي، وطرد مالي السفير الفرنسي في باماكو “جويل ميير“.

الانسحاب الفرنسي من مالي وإعادة انتشار قواتها

تقوم فرنسا منذ يونيو 2021 بعملية إعادة انتشار، ومغادرة 3 قواعد في شمال مالي بهدف تركيز وجودها في المناطق القريبة مِن حدود النيجر وبوركينا فاسو، تهدف إلى خفض قواتها من 5 آلاف عسكري إلى 2500-3000 بحلول عام 2023.

جاء الانسحاب الفرنسي من مالي في إطار مراحل إنهاء قوة “برخان” في الساحل الذي أعلنته فرنسا في يونيو 2021، الذي يقضي بتنظيم قواتها العسكرية وتسليم 3 من قواعدها “تيساليت وكيدال وتمبكتو” في شمال مالي، فكانت تتمحور “عملية برخان” حول نشر حوالي 5200 جندي فرنسي في منطقة الساحل الإفريقي.

وخلال تصريحات رسمية للجنرال الفرنسي “إتيان دو بيرو” قائد قوة برخان في مالي لوكالة الصحافة الفرنسية ذكر أن فرنسا ستكون حاضرة بشكل مختلف، وأن هدف مهمة برخان تتمثل في نهاية المطاف في تمكين مالي من أخذ مصيرها بيدها في إطار شراكة دائمة بين باريس وباماكو.

 الوجود الروسي في منطقة الساحل

نشرت روسيا من خلال مجموعة “فاجنر، التي تعد أشهر الشركات العسكرية الخاصة الروسية نحو 1000 عنصر من قواتها في مالي، بهدف حماية كبار الشخصيات السياسية، بالإضافة إلى تدريب قوات الأمن، وملء فراغ الانسحاب الفرنسي من منطقة الساحل، مقابل حصول مالي على 6 مليارات فرنك إفريقي أي ما يعادل 10.8 مليون دولار سنويًا.

بالتالي تجدر الإشارة هنا إلى حصول “فاجنر” على امتيازات في مناطق التعدين في مالي، على غرار تدخلاتها في موزمبيق وإفريقيا الوسطى، ما أدى بدوره إلى زيادة التوتر بين فرنسا ومالي، نظرًا لرفض باريس الوجود الروسي في باماكو.

تحاول روسيا البحث عن شركاء جدد في القارة الإفريقية من خلال اتباع استراتيجية استخدام شركاتها العسكرية الخاصة لسد حاجة الدول الإفريقية من احتياجاتهم الأمنية، فتوضح تلك الاستراتيجية أن روسيا لا يمكن عزلها دبلوماسيًا، كما يمكنها عقد صفقات اقتصادية فى مقابل توفير الأمن لشركائها الأفارقة.

دعم غربي لباريس

حظيت التحركات الفرنسية بدعم غربي واسع النطاق خلال الآونة الأخيرة، وجرت عدة محاولات تمثلت في زيارات مكثفة من قبل القوى الغربية من أجل إقناع الجانب المالي بعدم إتمام الاتفاق مع موسكو، كما عمدت تلك القوى الغربية إلى الضغط عليها من خلال فرض عقوبات من قبل مجموعة دول غرب إفريقيا “إكواس”.

انعكاسات التوتر

  • اتساع دائرة الصراع الدولي في منطقة الساحل الإفريقي ليشمل روسيا بالإضافة إلى النماذج الفرنسية والأوروبية والأمريكية.
  • تنامي عمليات التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل عمومًا وفي مالي على وجه الخصوص، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، فكان من أبرز مظاهرها ما شهدته من انقلابين عسكريين من أصل خمسة انقلابات في أقل من عام، كان آخرها في مايو 2021.

وأيضًا الانسحاب الجزئي للقوات الفرنسية، وعدم الانسجام لقوات “فاجنر” وقدرتها على ملء الفراغ الأمني، ما يعطي جرس إنذار باتجاه مالي نحو مزيد من الفوضى وتعاظم تهديدات التنظيمات الإرهابية وبالتالي إمكانية عودتها لنقطة الصفر في عام 2012.

ربما يعجبك أيضا