اختطاف الأمريكيين بالخارج.. كيف أصبح أداة للضغط على واشنطن؟

خصوم واشنطن يستخدمون المواطنين الأمريكيين للحصول على تنازلات

آية سيد
اختطاف الأمريكيين بالخارج.. كيف أصبح أداة للضغط على واشنطن؟

يصارع مسؤولو البيت الأبيض مع مشكلة تعثر المسافرين العاديين في نزاعات أمريكا الجيوسياسية.


كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، عن تحدٍ خطير يواجه إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن.

ويتمثل هذا التحدي في احتجاز بعض الحكومات الأجنبية لمواطنين أمريكيين بتهم زائفة، ما دفع وزارة الخارجية الأمريكية إلى تحذير المواطنين من السفر إلى عدد من الدول.

تكتيك جديد

في التقرير، المنشور اليوم الأربعاء 27 ديسمبر 2023، أوضحت الصحيفة أن الخارجية الأمريكية وضعت تحذير السفر إلى 9 دول عند المستوى D، الذي يشير إلى خطر الاحتجاز غير القانوني.

وهذا التصنيف يشير إلى واقع أمريكا الجديد، وهو نظام عالمي قائم على القرصنة، إذ يصبح احتجاز المواطنين الأجانب وتبادلهم تكتيكًا توظفه الدول النووية، مثل روسيا والصين، حسب وول ستريت جورنال.

وفي حين أن إدارة بايدن استطاعت إعادة 45 أمريكيًا على الأقل إلى الوطن، معظمهم عبر تبادل السجناء، لا يزال يوجد 30 مواطنًا تقريبًا محتجزين بالخارج، وهذا الرقم لا يشمل 8 مواطنين يُفترض أنهم محتجزون في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

احتجاز صحفي في روسيا

إيفان جيرشكوفيتش، مراسل صحيفة وول ستريت جورنال

إيفان جيرشكوفيتش، مراسل صحيفة وول ستريت جورنال

ذكرت وول ستريت جورنال أن هذا العدد يشمل الأمريكيين المحتجزين في دول من سوريا وأفغانستان إلى الصين، ويشمل كذلك مراسل الصحيفة، إيفان جيرشكوفيتش، الذي اعتقلته روسيا في مارس الماضي بتهمة التجسس، التي ينفيها بقوة.

وقبل وقت قصير من اعتقاله في موسكو، اقترح جيرشكوفيتش إعداد تقرير عن السهولة التي يمكن بها للدولة البوليسية الروسية اعتقال الأمريكيين ومقايضتهم كرهائن.

تقويض الانتشار الأمريكي

حسب الصحيفة الأمريكية، وجد خصوم واشنطن طريقة فاعلة للحد من الانتشار الدولي لأمريكا. فالشركات الأمريكية التي كانت تتخيل مستقبلها في الصين توقفت عن إرسال مديريها إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وكذلك تراجع الرياضيون وأبطال الشطرنج عن التنافس في موسكو، بعد اعتقال لاعبة كرة السلة، بريتني جرينر، بتهمة حيازة المخدرات. وبعد اعتقال جيرشكوفيتش، انسحبت وكالات الأنباء الغربية، التي كانت تحتفظ بمراسلين أجانب في موسكو.

وفي تقييد هائل لحرية السفر الأمريكية، تحظر الولايات المتحدة حاليًا من يحملون جواز سفرها عن دخول كوريا الشمالية، لتجنب تسليم زعيمها، كيم جونج أون، رهينة جديدة.

دول خاطفة

يصنّف المسؤولون الأمريكيون سرًا هذه الدول على أنها “دول خاطفة”، ويخشون أن الأعداد ستزيد حتى تستطيع واشنطن إيجاد طريقة لردع هذه الحيلة التي يبدو أنها تنجح.

وذكرت وول ستريت جورنال بعض الأمريكيين المحتجزين بالخارج، ومنهم الصحفي الحر، أوستن تايس، الذي تحتجزه الحكومة السورية منذ 2012، ورجل الأعمال، كاي لي، الذي تحتجزه الصين منذ 2016، وضابط المارينز السابق، بول ويلان، الذي اعتقلته وكالات التجسس التابعة للكرملين، مثل جيرشكوفيتش، في 2018.

ولسنوات، يصارع مسؤولو البيت الأبيض مع مشكلة تعثر المسافرين العاديين في نزاعات أمريكا الجيوسياسية.

تنازلات وتهديدات

لفتت وول ستريت جورنال إلى أن إدارة بايدن، التي أمضت أشهر في مناقشة كيفية إعادة الأمريكيين للوطن وردع اختطاف الآخرين، تحاول الجمع بين التنازلات والتهديدات. وأقرت علنًا باستعدادها لتبادل السجناء، وهي الإشارة التي ترددت الإدارات السابقة في إرسالها، في حين تعهدت بعقوبات أكثر صرامة للجناة.

ورغم أن تبادل السجناء جمع شمل عشرات الأمريكيين مع عائلاتهم، أثارت تلك الصفقات مناقشات خطيرة داخل الحكومة الأمريكية وخارجها، بشأن ما إذا كان البيت الأبيض يجعل الأمريكيين بالخارج هدفًا سهلًا، مع كل تنازل يقدمه.

وضربت الصحيفة مثالًا بصفقة تبادل اللاعبة جرينر مع تاجر السلاح الروسي، فيكتور بوت، المعروف بـ”تاجر الموت”. وقال مسؤولو أمن قومي إنه في حين أنهم يفهمون السبب وراء ضرورة إطلاق سراح جرينر، فإن التبادل غير المتوازن ربما شجع روسيا على احتجاز المزيد من الأمريكيين، ومنهم جيرشكوفيتش.

اختطاف الأمريكيين بالخارج.. كيف أصبح أداة للضغط على واشنطن؟

فيكتور بوت (الثاني من جهة اليمين)

إنقاذ الأمريكيين

من جهتها، تقول الإدارة الأمريكية إن البديل غير المقبول سيكون ترك المواطنين الأبرياء في السجن، على أساس النظرية غير المثبتة بأن فعل هذا سيردع خصوم واشنطن.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قبل اتفاق تبادل السجناء مع إيران: “عندما يتعلق الأمر بإخراج الأمريكيين من السجن وإعادتهم إلى الوطن، أنا أتقبل أي انتقادات تُوجه لي بسبب ذلك. أنا أرى مهمتي الأولى فعل كل ما بوسعي لإعادة الأمريكيين إلى الوطن”.

ربما يعجبك أيضا