استقالة جونسون.. هل تشكل مفاجأة سارة للاقتصاد البريطاني؟

ولاء عدلان
استقالة جونسون

استقالة جونسون تأتي في توقيت حاسم بالنسبة للاقتصاد البريطاني، في ظل تضخم يواصل ارتفاعه مستهدفًا مستويات تاريخية.. فماذا كانت تأثيرات تلك الخطوة في الأسواق؟


أعلن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، اليوم الخميس 7 يوليو 2022، استقالته من منصب زعيم حزب المحافظين، تمهيدًا لمغادرته “داونينج ستريت” بحلول الخريف المقبل.

وتأتي استقالة جونسون في توقيت حاسم بالنسبة للاقتصاد البريطاني، في ظل تضخم يواصل ارتفاعه مستهدفًا مستويات تاريخية، وتحرك الجنيه الإسترليني بالقرب من أدنى مستوياته منذ أكثر من عامين، فضلًا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المحتدمة.

استقالة جونسون “متأخرة”

حكومة جونسون من هذه اللحظة أصبحت حكومة تصريف أعمال، وسط جدل بشأن إمكانية استمرارها حتى أكتوبر المقبل، وبحسب تقرير لـ”فايننشال تايمز” كان من الأفضل أن ينتهي عهد جونسون قبل أشهر، فحكومته غارقة منذ بداية 2022 في فضائح سياسية وأخلاقية، “ولم تحقق سوى الفوضى” على حد وصف الصحيفة البريطانية.

وأضافت أنه بعد عامين من وباء فيروس كورونا المستجد تراجعت قدرة حكومة جونسون على التعامل بفاعلية مع أسوأ ضغوط تضخمية تواجهها البلاد منذ عقود، والآن بريطانيا في حاجة إلى قيادة جديرة بالثقة أكثر من أي وقت مضى، وسط توقعات بارتفاع التضخم بأكثر من 11%، وتراجع الإسترليني إلى مستويات 1.18 دولار، وزيادة الاضطرابات العمالية.

استقالة جونسون

الإعلان عن استقالة جونسون من حزب المحافظين

شبح الركود يهدد بريطانيا

الأزمة السياسية تزيد من ضبابية المشهد الاقتصادي في بريطانيا، في وقت يحذر محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، من تباطؤ الاقتصاد بقسوة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، وقال في مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، “لا نتوقع أن نرى نموًا اقتصاديًّا خلال العام المقبل”، وفق “رويترز”.

وأعرب بيلي عن استعداد بنك إنجلترا لتسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكبح التضخم الذي وصل في مايو إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا عند 9.1%، وتتوقع الأسواق رفعًا للفائدة الشهر المقبل بـ0.5% لأول مرة منذ 1997، في خطوة من شأنها تهديد خامس أكبر اقتصاد في العالم بفقدان زخم النمو الذي سجله خلال الربع الأول، عندما نما 0.8% على أساس فصلي.

الأسواق ترحب باستقالة جونسون

عقب إعلان استقالة جونسون في الساعة 08:50 تقريبًا بتوقيت جرينتش، ارتفع مؤشر “فوتسي 100” 1.2% إلى مستوى 7آلاف و196.11 نقطة، في حين ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترليني 0.5% إلى 1.1980 دولار أمريكي، و0.4% مقابل اليورو إلى مستوى 1.1753.

وقال كبير محللي الأسواق في شركة “أفاتريد” الإيرلندية، نعيم إسلام، لمنصة “بروأكتيف أنفيستورز” البريطانية، إن المتداولين يشعرون في الأسواق الآن ببعض الراحة مع استقالة جونسون الذي قال عنه “إنه لا يزال يتسبب في تعقيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي حتى بعد البريكست”، مشددًا على أن هذه المعنويات المرتفعة ترجمها أداء “فوتسي” والإسترليني اليوم.

Unti

الإسترليني يرتفع مع الإعلان عن استقالة جونسون

الاقتصاد البريطاني في وضع أفضل

يمنح الهدوء السياسي بخروج جونسون من المشهد بعض الراحة للأسواق، في وقت تبدو بريطانيا في وضع أفضل مقارنة بدول أوروبية كبرى، فعلى سبيل المثال خلال الربع الأول ارتفع الاقتصاد البريطاني 0.8% على أساس فصلي، وفي المقابل ارتفع الاقصاد الألماني أكبر اقتصادات أوروبا 0.2% فقط، وفق “آي نيوز بيبر” البريطانية.

ورغم تخبط حكومة جونسون في معالجة أزمة كوفيد-19، فإنها تمكنت من الحفاظ على الشركات والموظفين صامدين، فمعدل البطالة حاليًّا عند مستوى 3.8% فقط، مع وظائف شاغرة تقدر بـ1.7 مليون وظيفة، وهو أمر جيد لاقتصاد يكافح ليواصل التعافي.

تحديات هائلة

يرى كبير محللي الأسواق في شركة “أفاتريد” أن تغيير قيادة البلاد لا يكفي لمنح الاقتصاد البريطاني الدفعة التي يحتاجها لمواصلة التعافي، فرئيس الوزراء الجديد يواجه تحديات هائلة لمعالجة التضخم المتصاعد، والحدّ من تداعيات التشديد النقدي على مستويات النمو، دون الحاجة إلى زيادة سقف الدين العام.

وفي إبريل الماضي، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني هذا العام بمقدار 1% إلى 3.7%، وحذّر من أن مخاطر التضخم في بريطانيا ستكون أكثر شدة من باقي أوروبا، ما يصعب مهمة صانعي السياسات النقدية، وقد ينزلق الاقتصاد نحو التباطؤ في النهاية.

ربما يعجبك أيضا