افتتاحية الوول ستريت: مع أن أردوغان يتصرف كعدو لابد من إنقاذ الليرة

إبراهيم جابر

رؤية 
أنقرة – وصفت صحيفة وول ستريت غورنال في افتتاحيتها، تركيا في هذه الأيام بأنها تتصرف كعدو أكثر من كونها حليفاً للناتو – تقوم بمساعدة إيران على تجنب العقوبات، وتُعمق عملية التكامل العسكري مع روسيا.

ومع ذلك، قد يأتي التهديد الأكبر للمصالح الأميركية من الإدارة الاقتصادية غير المؤهلة للرئيس رجب طيب أردوغان.وتولى أردوغان السلطة في العام 2003 بعد أن تسببت أزمة مالية في اضطراب سياسة البلاد.

حيث اعتمد على برنامج صندوق نقد دولي لإنقاذ بلاده وعزز حرية الصحافة وقلل من دور الجيش في السياسة وتطلع إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وبفضل هذه الإصلاحات، إلى جانب الائتمان الرخيص والميسر، تضاعف الناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أضعاف خلال العقد الأول من توليه السلطة، وفقًا لبيانات البنك الدولي. إذ تمتع بسببها أردوغان بشعبيةٍ واسعة.

ولكن تركيا انحرفت منذ ذلك الحين عن الغرب، كما شدد زعيمها من قبضته على السلطة.

وقد ازداد قمعه للمعارضة السياسية والصحافة الحرة بعد محاولة انقلاب فاشلة في العام 2016.

لكن المستثمرين الأجانب واصلوا تمويل إنفاق أنقرة المفرط. وبما أنهم كانوا يبحثون عن العوائد، استهان المستثمرون بالمخاوف حيال سيادة القانون وضعف الليرة.

تراجع الليرة مقابل فوز أردوغانوبدأ ذلك يتكشف في العام 2018، وكانت ملحمة الأسواق الناشئة المعروفة آخذه في التطور.

وفي مواجهة إعادة الانتخاب في العام الماضي، وحتى يفوز أنفق أردوغان بسخاء على البنية التحتية وجعل البنك المركزي يُخفض أسعار الفائدة.

لقد فاز في الانتخابات، ولكن الليرة تراجعت بنسبة 30% تقريباً في العام 2018. كما انخفضت في هذا العام بنسبة 12% أخرى مقابل الدولار.

إن معظم الديون المُستحقة على تركيا بالعملة الصعبة، كما أنه من الصعب أن تقوم بالتمويل مع انخفاض الليرة. لقد كان معدل التضخم السنوي الرسمي 19.5% في شهر أبريل، على الرغم من أن الاقتصادي ستيف هانك يشير إلى أنه قريب من نسبة 35%.

ويُعد معدل السياسة النقدية للبنك المركزي في البلاد والبالغة 24% واحدًا من أعلى المعدلات في العالم.

ويُضاف السلوك الغريب الجيوسياسي للرجل القوي إلى المشاكل المالية. حيث يمكن أن تؤدي عملية شرائه لمنظومة صواريخ أس-400 الروسية إلى عقوبات من قِبل الكونغرس الأميركي.

كما يمكن أن يحصل بنك “خلق” التركي، ثاني أكبر مُقرض مملوك للدولة، على غرامة بمليارات الدولارات من وزارة الخزانة الأميركية بسبب التملص من عقوبات إيران.

ولم يعد هناك خيارات مطروحة أمام أردوغان، الذي تعرض لخسائر محرجة في الانتخابات المحلية في هذا العام. ففي يوم الاثنين، فرضت أنقرة تأجيلاً للتسوية المفروضة على المشتريات بالعملة الأجنبية، وهي ربما تكون خطوةٌ باتجاه ضوابط على رؤوس الأموال.

وللتغطية على الضعف، يقوم البنك المركزي باقتراض الدولارات ومن ثم يحتسبها في الميزانية العمومية كاحتياطيات إجمالية من العملات الأجنبية.

ويكمن الخطر في أن الدعم المُخصص الذي تقدمه أنقرة سيفشل في نهاية المطاف وسيؤدي إلى انهيار الاقتصاد.

وبقدر ما أن أردوغان مثيرٌ للمشاكل، فإنه ليس لدى الولايات المتحدة مصلحة في أزمةٍ ماليةٍ تمتد إلى ما وراء تركيا.

وأفضل حلٍ هو تنفيذ نظام مجلس العملة الذي يعمل على تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار أو اليورو.

وبعد تجميد القاعدة النقدية، سيتم تعويم الليرة لفترة قبل تحديد سعرٍ ثابت. قد يكون من الصعب على قائدٍ غير مستقر مثل أردوغان أن يتنازل عن السيطرة على السياسة النقدية لصالح واشنطن أو فرانكفورت، ولكن هذا من شأنه أن يُنهي مشاكل العملة في تركيا.

ويقول أردوغان إنه لا يريد العمل مع صندوق النقد الدولي، وهذه طريقة لتجنب ذلك.
وقد يجبر مجلس العملة أيضًا أنقرة على معالجة مشاكلها المالية، بما أنها غير قادرةٍ على متابعة مخططات مالية لتمويل الإنفاق المُهدر.

وبتحقيق الإصلاح القضائي وإصلاح سوق العمل معًا، فإن ذلك من شأنه أن يضع تركيا على الطريق لأن تصبح دولة غنية.

ومع ذلك، لا يُظهر السيد أردوغان أي علامةٍ على فهم دوره الشخصي في فوضى الليرة، لذلك يجب على المستثمرين والوزارات المالية في جميع أنحاء العالم الاستعداد في حال تعطلت الليرة

ربما يعجبك أيضا