الأخطر منذ عقود.. ما تداعيات تسريب معلومات استخبارية أمريكية؟

محمد النحاس
وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون

قال الخبير المعلوماتي توماس ريد إن حجم التسريبات الأمريكية الأخيرة لا يمكن الاستهانة بها، وقد يفيد الروس.


تناولت مجلة الإيكونوميست البريطانية تفاصيل المعلومات التي كشفت عنها الوثائق الأمريكية السرية المسربة، التي إثارة الجدل بأنحاء العالم.

وحللت المجلة، في تقريرها، الوثائق، التي تجاوزت 50 تقريرًا، في محاولة لفهم تداعيات ما تقدمه معلومات عسكرية حساسة بشأن مناطق النزاع العديدة بأنحاء العالم، وكيف تستفيد منها الأطراف المناهضة لواشنطن؟

التلاعب بالمعلومات

تجادل المجلة البريطانية أنه مع تداول الوثائق المُسرّبة عبر تطبيق تليجرام اتضح أنه جرى التلاعب بها بنحو فج في بعض الأحيان، من أجل تضخيم أرقام الضحايا الأوكرانيين، في الحرب الروسية الأوكرانية، مع التقليل من أعداد الضحايا الروس، على حد وصفها.

مع ذلك فبعض الوثائق الأخرى بالفعل ربما كانت حقيقية، بحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون في وكالات استخبارات أمريكية وأوروبية، لم يسمهم التقرير، ويقود البنتاجون في الوقت الحالي جهود التحقيق لمعرفة كيفية حدوث التسريب، وتقييم الأضرار.

تداعيات سلبية على أوكرانيا

في ما يتعلق بأوكرانيا، التي كانت تستعد لشن هجوم مضاد، خلال أسابيع، على أمل استعادة بعض الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، قالت التقرير إن تبعات التسريب عليها سيئة للغاية، لأنه احتوى الكثير من التفاصيل المرتبطة بحالة القوات الأوكرانية، ووضعية العتاد ومستوى التسليح والجاهزية القتالية.

ووفق المجلة، تقدم المعلومات المسربة حسابًا مفصّلاً للغاية، للخطط الغربية لتسليح وتدريب الجيش الأوكراني، بما في ذلك وضع كل لواء أوكراني، وتفاصيل تسليحه، وعدد القذائف التي تطلقها يوميًّا، ما قد يسمح للاستخبارات الروسية، بتحديد المجموعات المُكلّفة باختراق الدفاعات الروسية في بداية الهجوم المضاد.

تفاصيل عسكرية دقيقة

توضح الوثائق كذلك، تدهور أوضاع الدفاعات الجوية الأوكرانية، وذكرت أن صواريخ بوك وهو نظام صاروخي ذاتي الدفع متوسط المدى أرض جو. قاربت على النفاد، تبعًا لكثافة النيران الحالية، وتوضح أنها ستنتهي بنهاية مارس الماضي، أي أنه إذا ما صحت التقديرات الاستخبارية الأمريكية فقدت نفدت بالفعل.

في حين أشارت الوثائق إل أن صواريخ S-300 ستنفد بحلول 2 مايو المقبل تقريبًا، ويشكل النوعان معًا قرابة 90% من الدفاعات الجوية متوسطة المدى في أوكرانيا، كما أنهما من الترسانة الصاروخية التي ورثتها أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي.

عجز أوكراني وتلاعب روسي

وفق التسريبات فإن البطاريات الدفاعية الأوكرانية المتبقية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي الغربية، غير قادرة على مواجهة كثافة النيران الروسية، وخلصت البيانات المُسربة إلى أن قدرة أوكرانيا على حماية خطوطها الأمامية ستنخفض تمامًا بحلول 23 مايو. مع ذلك فإن الوضع، ليس أفضل حالاً لروسيا، التي تشير التسريبات إلى أنها “دخلت حربًا استنزافية طويلة الأمد، تتجه نحو طريق مسدود”.

ونقل تقرير الإيكونوميست، عن الوثائق، وجود نحو 97 فردًا من القوات الخاصة من دول الناتو في أوكرانيا. وبحسب المجلة، عادةً ما يكون هؤلاء الأفراد مُدرِبين للقوات الأوكرانية، لكن من المرجح أن تستغل روسيا ذلك، لتزعم أنها “لا تقاتل كييف فقط، بل كذلك العواصم الغربية”.

التجسس على الأصدقاء؟

حسب المجلة البريطانية، فإن “هذا التسريب يمثل تذكيرًا بتجسس الولايات المتحدة على حلفائها، وهي حقيقة أثارت ضجة في عام 2013، عند الكشف عن أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست على المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل.

وتُظهر البيانات المسربة أن الأمر لا يقتصر على أوكرانيا، بل يتعداها للتجسس وجمع المعلومات الاستخبارية عن دول مثل إسرائيل والمجر وكوريا الجنوبية، وذلك رغم أن أكثر هذه الدول تعد “حليفًا مقرباً” للولايات المتحدة.

كيف تتجسس واشنطن؟

الأهم مما سبق، وفق التقرير، أن التسريبات لا تصف فقط من تتجسس عليه واشنطن، لكن كيف تفعل ذلك، وفي الوثائق المتعلقة بالهجوم على المسيرة الروسية في بيلاروسيا، في 26 فبراير 2023، لم يعنون بأنه سري للغاية، فحسب بل كذلك بالرمز «si-g»، الذي يشير لارتباط المعلومات بالإلكترونيات مثل اعتراضات موجات الاتصال، أو نقرات الهاتف.

علاوةً على ذلك، فإن العديد من الوثائق المسربة تكشف اختراق مكالمات عسكرية، ما قد يساعد كذلك في معرفة آلية حصول واشنطن على المعلومات، ونقلت المجلة عن الخبير المعلوماتي وأستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة جونز هوبكنز، توماس ريد، أنه من المحتمل أن يكون نشر هذه الوثائق أحد أهم 4 تسريبات استخباراتية في هذا القرن.

ورأى توماس ريد أن حجم التسريبات لا يمكن الاستهانة بها، وقد يفيد الروس في تغيير أساليب اتصالاتهم، وأنه قد يشي بـ”اختراق العملاء الروس لبعض وكالات الاستخبارات الأمريكية”.

اقرأ أيضًا| السر في لعبة فيديو.. كيف حدث أسوأ خرق للأمن القومي الأمريكي؟

اقرأ أيضًا| خرق استخباراتي كبير.. كيف يتعامل البنتاجون مع الوثائق المسرّبة؟

ربما يعجبك أيضا