الأزهر الشريف 2018.. نُصرة لـ “أقصانا” الجريح وحائط الصد الأول في مواجهة الإرهاب

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

بعطائه المتواصل، ورسالته المستمرة منذ أكثر من ألف عام، وانطلاقًا من مسؤوليته الدينية والعلمية والاجتماعية، وتفعيل دوره التاريخي في مواجهة التطرف ونشر ثقافة السلام، استطاع الأزهر الشريف -بقيادة إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب- تحقيق العديد من الإنجازات على المستويات الداخلية والخارجية في عام 2018، من خلال مواصلة جهوده على مختلف الجبهات.

إنجازات الأزهر -التي دونت عبر التاريخ، من خلال منهجه التعددي، وعلمائه الذين نشأوا على قبول الاختلاف- جاءت بمثابة حائط الصد الأول في مواجهة الأفكار المتطرفة، إضافة لنصرة وإعلاء كلمة الحق، والتي ظهرت بشكل جلي وواضح، في تلك الانتفاضة التي لمت شمل الأمة من أجل نصرة أقصانا الجريح.

نصرة القدس.. انتفاضة جديدة من أجلك يا “مدينة الصلاة”

“لو فُتح باب نقل السفارات الأجنبية إلى القدس؛ ستُفتح  أبواب جهنم على الغرب قبل الشرق”، تلك الجملة التي لم يقلها شيخ الأزهر هباءً -بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الاعتراف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل- بل كانت ولا تزال تحذيرًا شديد اللهجة للتصدي لتلك الانتهاكات التي يتعرض لها أقصانا الجريح.

فبعد تلك التصريحات الشنعاء -التي وقعت في السادس من ديسمبر في العام الماضي- دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى أن يكون مطلع يناير 2018 هو نقطة الانطلاق نحو الانتفاضة الكبرى، كما دعا الجميع إلى الالتزام بالوضع الراهن، محذرًا من اتجاه بعض الدول إلى نقل سفاراتهم إلى مدينة القدس، مؤكدًا على أن الإقدام على هذه الخطوة سيؤجج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، ويُهدد السلام العالمي، ويُعزز التوتر والانقسام والكراهية عبر العالم.

آنذاك استعرضت شبكة رؤية الإخبارية، محاور المؤتمر الرئيسية -التي ارتكزت على استعادة الوعي بقضية القدس، والتأكيد على هويتها العربية الإسلامية، واستعراض المسئولية الدولية تجاه المدينة المقدسة باعتبارها خاضعة للاحتلال، والتأكيد على أن القانون الدولي يلزم القوة المحتلة بالحفاظ على الأوضاع القائمة على الأرض- من خلال هذا التقرير اضغط هنا.

الأزهر يصفع “تهويد” القدس بلم الشمل

“القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة”، بتلك العبارة الناعمة على قلوب كل من يدعمون القضية الفلسطينية، والحادة على كل من يتقاعس عن نصرتها، اختتم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب -شيخ الأزهر الشريف- في يناير الماضي فعاليات الجلسة الختامية لمؤتمر “نصرة القدس”، والتي أكد من خلالها على هوية القدس، ومعلنًا أن الجميع مع فلسطين حتى يتحرر القدس الشريف.

كما أشار الإمام الأكبر إلى أن المؤتمر يدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني في مواجهة القرارات المتغطرسة بشأن المقدسات الدينية، مؤكدًا على رفضه القاطع لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة والتي لا تعدو أن تكون حبرًا على ورق.

وأعلن الإمام الأكبر -آنذاك- أن المؤتمر يدعم مبادرة الأزهر لتخصيص مقرر دراسي عن القضية الفلسطينية يدرس في المعاهد وجامعة الأزهر.

وبعد كلمة الإمام الأكبر -التي اختتم بها المؤتمر، والتي ظل صداها عالق في نفوس الحضور، قامت شبكة “رؤية” الإخبارية حينها- برصد ردود الأفعال التي ثبتت أن الجميع يمضون في طريقهم على قلب رجل واحد، من أجل نصرة القدس العربية، وجاءت التفاصيل من خلال هذا التقرير اضغط هنا.

وفي جميع الأحداث والمحطات التي شهدتها القضية الفلسطينية خلال عام 2018، كان الأزهر الشريف حاضرًا، حيث توالت بيانات الدعم والمؤازرة لأبناء الشعب الفلسطيني البواسل، من خلال رفضه القاطع لما يسمى: “قانون الدولة القومية اليهودية”، مؤكدًا على أنه يمثل “خطوة عنصرية بغيضة”.

كما واكب الأزهر، عبر عدة بيانات، مسيرات العودة التي نظّمها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لتأكيد تمسكهم بالعودة إلى أرضهم المحتلة التي هُجِّروا منها، مدينًا بأقصى العبارات، الجرائم الوحشيةَ ضد هذه المسيرات.

ولم يتوقف جهد الأزهر عند إصدار البيانات فقط، بل بادرت إدارة القوافل الطبية والإنسانية بالأزهر الشريف، بتسيير قافلتين من المواد الطبية والإغاثية؛ لدعم أبناء غزة البواسل، في ظل ما يعانيه القطاع من نقص في الإمدادات الطبية والإنسانية.

جولات الأزهر الخارجية.. رسائل سلام وتعايش مشترك

وعلى المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، كان لشيخ الأزهر خلال هذا العام نشاط مكثف، حيث ارتكزت كل زياراته على أهداف رئيسية تمثلت في نشر السلام، ومواجهة التطرف، ونصرة القضايا الإنسانية.

– بدأ الإمام الأكبر أولى جولاته الخارجية هذا العام في 14 مارس، من العاصمة البرتغالية لشبونة، بدعوة من الرئيس البرتغالي، مارسيلو ريبيلو دي سوزا.

– العاصمة الموريتانية نواكشوط، كانت ثاني محطة في جولات الطيب هذا العام، واستهلها بالتوجه إلى المجلس الأعلى للإفتاء، وأعقبها بزيارة لمقر الإذاعة الموريتانية، ثم اختتمها بالتوجه إلى مقر الرئاسة، حيث كان في استقباله الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز.

–  بعد أقل من شهر، توجه الإمام الأكبر إلى “إندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي”، في ثالث جولاته الخارجية، والتي قد بدأها في الثامن 28 أبريل من العاصمة الإندونيسية جاكرتا، حيث التقى في بدايتها الرئيس الإندونيسي “جوكو ويدودو”.

–  ومن إندونيسيا إلى سنغافورة، وفيها حظي الطيب، حيث التقى رئيسةَ جمهورية سنغافورة “حليمة يعقوب” التي أكدت أن أبناء بلادها ينظرون باحترامٍ وتقديرٍ بالغين للأزهر الشريف، وفي المحطة الأخيرة لهذه الجولة توجه الإمام الأكبر إلى سلطنة بروناي دار السلام، حيث التقى “حاج/ حسن البلقية”، سلطان بروناي، الذي أعرب عن شكره للأزهر الشريف، داعيًا الله أن يحفظ الأزهر وإمامه، وأن تظل أبوابه مفتوحة لأبناء بروناي.

–  وفي 12 يوليو، توجه الإمام الأكبر، إلى بريطانيا، مستهلًا زيارته بلقاء الملكة إليزابيث الثانية، ملكة المملكة المتحدة، في قلعة وندسور التاريخية، حيث أكد على أن الأزهر يفتح نوافذ الحوار مع الجميع لترسيخ قيَم السلام والتعايش، فيما أوضحت ملكة بريطانيا أن العالم يُعول بشدّة على القيادات الدينية من أجل تعزيز السلام العالمي.

– في أكتوبر 2018 توجه الإمام الأكبر إلى وسط قارة آسيا، وذلك في جولة استهلها من كازاخستان، أكبر جمهوريات وسط آسيا؛ تلبيةً لدعوة رسمية من الرئيس “نور سلطان نزار باييف” للمشاركة في افتتاح الدورة السادسة لمؤتمر زعماء الأديان، وخلال هذه الزيارة منحت جامعة “أوراسيا الوطنية”، الإمام الأكبر، درجة الدكتوراه الفخرية، في حفل كبير شارك فيه عُمداء وأساتذة وطلاب الجامعة.

– بعد ذلك توجه الطيب إلى أوروبا، وتحديدًا إلى مدينة بولونيا الإيطالية؛ لحضور مؤتمر “الأديان.. والثقافة والحوار”.

– وبعدها توجه الإمام الأكبر إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث التقى الرئيس الإيطالي “سيرجيو ماتاريلا”، الذي أكد أن الإمام الطيب يمثل رمزًا كبيرًا للحوار والسلام في العالم، وأن صورته مع بابا الفاتيكان أسقطت الكثير من الحواجز والجدران، فيما اختتم الإمام الأكبر زيارته لإيطاليا بلقاء قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان.

– واختتم الإمام الأكبر جولاته الخارجيةَ في عام 2018 بزيارة العاصمة الإماراتية، أبوظبي، للمشاركة في “ملتقى تحالف الأديان.. كرامة الطفل في العالم الرقمي”، حيث ألقى الكلمة الرئيسة في المؤتمر، وذلك بحضور زعماء للعديد من الأديان والطوائف من مُختلف أنحاء العالم، وقد أكد خلالها أن الإسلام له السبق في سن تشريعات هي الأشمل والأوفى بمصلحة الطفل وحقوقه ولا يوجد نظير لها في أي نظامٍ آخر.

ربما يعجبك أيضا