الأزهر 2017.. عطاء مستمر ومداواة لجراح الأمة

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

في رسالته المستمرة منذ أكثر من ألف عام، وانطلاقًا من مسؤوليته الدينية والعلمية والاجتماعية، وتفعيل دوره التاريخي في مواجهة التطرف ونشر ثقافة السلام، استطاع الأزهر الشريف -بقيادة إمامه الأكبر الدكتور أحمد الطيب- تحقيق العديد من الإنجازات على المستويات الداخلية والخارجية في عام 2017، من خلال مواصلة جهوده على مختلف الجبهات، وبالعديد من الملفات الدعوية والتعليمية. 

تجديد الخطاب الديني
سعت مؤسسة الأزهر خلال 2017 -في ظل ما يشهده العالم من إرهاب وتطرف- إلى شرح الخطاب الديني عبر العديد من الجولات في الداخل والخارج، بالإضافة إلى المؤتمرات والندوات التي استهدفت من خلالها التأكيد على وسطية الإسلام واعتداله ورفض كل أشكال العنف والتطرف.

“الحرية والمواطنة” ويعد هذا المؤتمر الذي عقده الأزهر في فبراير الماضي -تحت رعاية الرئيس السيسي- من أبرز الفعاليات التي شددت على حتمية العيش المشترك في ظل المواطنة والحرية والمشاركة والتنوع.

“مؤتمر الأزهر العالمي للسلام” في إبريل الماضي، وبحضور البابا فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان، نظم الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، ذلك المؤتمر الذي تم التأكيد من خلاله على رسالة الإسلام التي تحمل إلى العالم قيم السلام والتعايش والحوار.

“التطرف وأثره السلبي على مستقبل التراث” بالتعاون مع جامعة الدول العربية، تم تنظيم هذا المؤتمر -فضلًا عن توقيع بروتوكول تعاون مع المركز الثقافي البريطاني- وذلك لتوصيل رسالة الإسلام الصحيحة إلى مختلف أنحاء العالم.

“تجديد الخطاب الديني بين دقة الفهم وتصحيح المفاهيم” ومن خلال هذا المؤتمر -الذي نظمته كلية الدراسات الإسلامية والعربية- واصل الأزهر جلسات الحوار المجتمعي مع الشباب، بهدف إرساء قيم الحوار، من أجل بناء المجتمع دينيًا وأخلاقيًا وثقافيًا واجتماعيًا.

الجولات الخارجية.. تعايش مشترك واحترام للتعددية الفكرية
على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، كان لشيخ الأزهر خلال هذا العام نشاط مكثف، حيث ارتكزت كل زياراته على أهداف رئيسية تمثلت في نشر السلام، ومواجهة التطرف، ونصرة القضايا الإنسانية.

ومن هذه الزيارات لقائه مع البابا فرانسيس -بابا الفاتيكان- مرتين في القاهرة وروما، للتأكيد على العمل المشترك بين أكبر مؤسستين دينيتين في العالم، من أجل السلام الشامل بين جميع البشر.

كما توجه إلى ألمانيا مرتين، التقى خلال إحداهما بالمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، وفي زيارة أخرى لبريطانيا التقى برئيس الوزراء الأسبق توني بلير، لتأكيد رفضه على القرار الأمريكي بشأن القدس.

وعلى الساحة العربية قصدت مشيخة الأزهر العديد من وفود الدول العربية لبحث قضايا الأمة، فيما زار “الطيب” المملكة العربية السعودية مرتين، ودولة الإمارات العربية مرة لترأس الجولة الرابعة للحوار بين الشرق والغرب.

وفي القارة السمراء، حرص الأزهر على تقديم الدعم العلمي، والدعوي لدول القارة، ومساعدتها على مواجهة الإرهاب، كما استقبل الإمام الأكبر العديد من الوفود الأفريقية -وكذلك الآسيوية- لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات الدعوية والتعليمية.

“قلبًا وقالبًا” معكِ يا فلسطين
“كيف لي أن أجلس مع من يزيفون التاريخ، ومن منحوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون” بهذه الكلمات استطاع شيخ الأزهر، أن يوجه صفعة ثقيلة للجانب الأمريكي -بعد رفض طلبًا رسميًّا من نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس لمقابلته-  للتأكيد على رفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، محذرًا من التداعيات الخطيرة المترتبة عليه، ومشدّدا على أن القدس وهويتها العربية، يجب أن تكون قضية كل المنصفين والعقلاء في العالم.

كذلك استطاع الأزهر أن يضرب بقرار “ترامب” عرض الحائط، بإعادة نشر الوثيقة التي أصدرها في عام 2011، مؤكدًا فيها على عروبة القدس، وأن احتكارها وتهويدها يمثل خرقًا للاتفاقات والقوانين والأعراف الدولية.

مداواة جراح الروهينجيا
سعى الأزهر الشريف وإمامه الأكبر -منذ تصاعد موجات العنف بحق المسلمين الروهينجيا في ميانمار- إلى إنهاء هذه المأساة من خلال الحوار، فعقد في يناير الماضي مؤتمرًا للسلام بين أبناء ميانمار، بهدف الوصول إلى تفاهم مشترك.

وبعد استمرار السلطات في ميانمار في ارتكاب المجازر بحق المسلمين، خرج “الطيب” في بيان متلفز -تناقلته وسائل الإعلام العالمية- دعا فيه المجتمع الدولي إلى التصدي لسلطات ميانمار التي ترتكب أبشع أشكال الإبادة الجماعية والتهجير القسري بحق المسلمين في بورما.

وقاد فضيلته تحركات عالمية لإنهاء هذه المأساة، حيث تواصل مع الدول المعنية بهذه القضية، مثل إندونيسيا وماليزيا وبنجلاديش، كما دعا المنظمات الإغاثية إلى تبني قضية اللاجئين الروهينجيا الذين يعيشون أوضاعًا مأساوية وسط تجاهل وصمت دولي كبير.

كذلك أطلقت قافلة إغاثية كبيرة برعاية الأزهر، ومجلس حكماء المسلمين، إلى مخيمات اللاجئين الروهينجيا في بنجلاديش، وكان من المقرر أن يقوم الإمام الأكبر بزيارة مخيمات اللاجئين في نهاية نوفمبر، لكنه قرر تأجيل الزيارة قبل ساعات من موعدها عقب الهجوم الإرهابي على مسجد قرية الروضة في سيناء.

مواجهة الإرهاب
وفي ضوء ما واجهته مصر خلال 2017 من أحداث إرهابية أليمة، كان موقف الأزهر وإمامه الأكبر واضحًا في إدانة تلك العمليات ووصف منفذيها بـ”الخوارج”، الذين يجب على مؤسسات الدولة محاربتهم، مؤكدًا على ضرورة اصطفاف الشعب المصري خلف مؤسساته من أجل القضاء على تلك الجماعات.

ومن قلب قرية الروضة، حارب الإمام الأكبر شبح التطرف، متحديًا كل المحاذير الأمنية، حيث أصر على المرور على بيوت القرية لتعزية أهلها ومواساتهم بنفسه، واتخذ عدة قرارات مهمة لصالح القرية، من بينها صرف معاش شهري لذوي الشهداء والتكفل برحلات حج مجانية لهم وبناء مجمع أزهري متكامل لخدمة أبناء القرية.

الأكثر تأثيرًا في العالم
بعد أن بات العالم يدرك الدور المحوري للأزهر الشريف في مواجهة الإرهاب، وترسيخ السلام العالمي، لقد تجلى هذا التأثير في اختيار شيخ الأزهر الشخصية الإسلامية الأكثر تأثيرًا في العالم للعام الثاني على التوالي، تأكيدًا لدور الأزهر الهام على مختلف المستويات.                                   

ربما يعجبك أيضا