الإمارات والبرازيل.. مستقبل واعد لعلاقات يعود تاريخها إلى نصف قرن

مصطفى شلبي
علما دولتا الإمارات والبرازيل

وصل رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم السبت 15 إبريل 2023، إلى دولة الإمارات، في زيارة لمدة يوم واحد.

وتعد هذه الزيارة محطة بارزة في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، اللذين تربطهما شراكة استراتيجية راسخة، أسهمت في دفع مسيرة التنمية المستدامة، وتحقيق مزيد من الازدهار والتقدم لكلا البلدين.

اقرأ أيضًا: رئيس البرازيل يصل إلى الإمارات في زيارة رسمية

علاقات ديناميكية

تتميز العلاقات الثنائية بين الامارات والبرازيل بالديناميكية والمحافظة على التطور المستمر منذ نشأتها قبل 49 عاما مستفيدة من دعم القيادة الرشيدة في كلا البلدين وحرصهما على توثيق أواصر التعاون المشترك في المجالات كافة.

وتعكس الزيارات الرسمية المتبادلة والمستمرة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين عمق وصلابة العلاقات الثنائية بينهما والرغبة المشتركة في المضي بها نحو مزيد من التطور والتقدم بما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.

وتحظى البرازيل بأهمية كبيرة ضمن استراتيجية الإمارات الخاصة بتعزيز وتوسيع علاقاتها مع دول أميركا اللاتينية وتمتين جسور التعاون معها في المجالات المختلفة، وذلك انطلاقا مما تتمتع به البرازيل من حضور وأهمية سياسية واقتصادية سواء في محيطها الإقليمي أو على المستوى العالمي.

التبادل التجاري والمعرفي والثقافي

في المقابل، يمثل تعزيز العلاقات المشتركة مع الإمارات أولوية مهمة بالنسبة للبرازيل التي عبرت مرارًا على لسان كبار المسؤولين فيها عن حرصها على دفع علاقات التعاون بين البلدين قدمًا، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى تعود بالنفع على الطرفين، مع تهيئة المجال أمام المزيد من التبادل التجاري والمعرفي والثقافي، إلى جانب تعزيز مسارات التعاون الاقتصادي، بالتركيز على دور الإمارات كبوابة حيوية للتجارة العالمية، وذلك بحكم مرونة اقتصادها وتنوعه، ومتانة علاقاتها الإقليمية والدولية.

وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الدولة وجمهورية البرازيل بتاريخ 26 مايو عام 1974، وافتتحت سفارة البرازيل في أبوظبي عام 1978، في حين افتتحت الإمارات سفارتها في برازيليا عام 1991 لتكون أول سفارة للدولة في أمريكا الجنوبية، كما جرى افتتاح قنصلية الدولة العامة في ساو باولو في مارس 2017.

اللجنة المشتركة

وفرض مسار العلاقات الثنائية المتميزة بين الإمارات والبرازيل، وسعي الجانبين لتعزيز مجالات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، إنشاء لجنة مشاورات مشتركة انطلق أول اجتماعاتها في يوليو 2018.

وتضع اللجنة المشتركة على رأس أولوياتها تبادل وجهات النظر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة وبحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في إطار ما تشهده العلاقات بين الإمارات والبرازيل من تطور مستمر في ظل دعم من قيادتي البلدين والحرص على تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المتنوعة.

ويرتبط البلدان بمجموعة كبيرة من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم التي تشمل التعاون في مجال الدفاع والتجارة والمجالات الجمركية والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والحفاظ على التنوع البيولوجي وغيرها الكثير من المجالات.

العلاقات الاقتصادية 

تواصل العلاقات الاقتصادية الإماراتية البرازيلية نموها بوتيرة متسارعة وزيادة ملحوظة في حجم الاستثمارات المتبادلة التدفقات التجارية بين الجانبين، وصاحب التقدم في العلاقات السياسية الثنائية بين البلدين خلال الأعوام الأخيرة تعزيز العلاقات الاقتصادية بشكل كبير.
ورغم المسافة الجغرافية الكبيرة التي تفصل بين الإمارات والبرازيل، إلا أن جسور التعاون الثنائي بين البلدين تتميز بالنشاط والتواصل المستمر، بفضل رؤية قيادة البلدين الحريصة على توطيد العلاقات الثنائية في مختلف القطاعات، وبما انعكس بشكل إيجابي وملحوظ على مستويات التجارة الثنائية والاستثمارات المتبادلة، وتعد دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في منطقة الشرق الأوسط، وقد بلغ إجمالي قيمة التجارة البينية غير النفطية أكثر من 4 مليارات دولار في عام 2022 بنسبة نمو بلغت 32 بالمئة مقارنة بعام 2021.

الفرص الاستثمارية

وتمثل دولة الإمارات بوابة تجارية أساسية ونقطة انطلاق للبرازيل إلى الأسواق الواعدة في المنطقة لامتلاكها بنية تحتية متقدمة في قطاع النقل والإمداد، كما تتطلع دولة الإمارات إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية الواعدة في السوق البرازيلية، السوق الأكبر في أمريكا اللاتينية، والبناء على علاقاتها المتميزة مع الجانب البرازيلي لتعزيز حضورها الاقتصادي في القارة الأمريكية الجنوبية، وبما يتواءم مع سياسات التنويع الاقتصادي والأهداف الاستراتيجية للدبلوماسية الاقتصادية لدولة الإمارات.

وفي فبراير من العام 2019، افتتحت الغرفة التجارية العربية البرازيلية أول مكاتبها في منطقة الشرق الأوسط بإمارة دبي، وأسهم قرار الحكومة البرازيلية عام 2018 بإعفاء مواطني دولة الإمارات من حملت جوازات السفر العادية من الحصول على التأشيرة المسبقة في تعزيز التعاون السياحي بين البلدين وفرص الاستثمار والتجارة.

العلاقات الثقافية

يولي البلدان عناية خاصة بتنمية العلاقات الثقافية بينهما إيمانًا منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين، فضلًا عن التقارب الكبير بين ثقافتيهما والذي يمكن ملاحظته في أكثر من مجال، ويتمتع كلا البلدين بتعدد وتنوع ثقافي مميز، فضلًا عن أن الكثير من المفردات باللغة البرازيلية تعود أصولها إلى العربية.

ويتميز البلدان بأن كلاهما يمتلك مشروعًا وطنيًّا للتشجيع على القراءة، وتطبق البرازيل برنامجًا وطنيًّا للقراءة لتعزيز مشروع النهوض بالمعرفة لدى الأجيال الجديدة، وهو ذاته ما قادته دولة الإمارات بداية بعام القراءة عام 2016، ثم شهر القراءة الذي يصادف في مارس من كل عام.

التعاون الرياضي والثقافي

تحرص البرازيل على المشاركة في مختلف الأنشطة والمعارض الثقافية والفنية الدولية التي تقام على أرض دولة الإمارات. وفي هذا الإطار، جاءت مشاركتها المتميزة في فعاليات “إكسبو 2020 دبي” بجناح خاص ومميز بلغت تكلفة إنشائه 20 مليون دولار على امتداد 4000 قدم مربعة واستقطب أكثر من مليوني زائر، وفي المقابل تسجل الإمارات حضورًا فاعلًا في العديد من الأنشطة الثقافية والفنية التي تستضيفها البرازيل خاصة معارض الكتاب والنشر.

في المجال الرياضي، برز التعاون المثمر بين البلدين منذ وقعت الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة مذكرة تفاهم مع نظيرتها في البرازيل عام 2014 تهدف إلى إعطاء الأولوية للبرازيل في 13 محورًا أساسيًّا في المجال الرياضي، وتبادل الخبرات في المجال المؤسسي، ومجال العلوم والتطبيقات الرياضية، والطب الرياضي، ومكافحة المنشطات، ورعاية الرياضة، وتنظيم الفعاليات الرياضية، والجانب التدريبي للأخصائيين والإداريين، ورياضات المعاقين، ورعاية الناشئين، الرياضة النسائية، ورياضات كبار السن، والمشاركات الرياضية المجتمعية.

ربما يعجبك أيضا