الاتحاد الأوروبي.. الآفاق المستقبلية للتعاون الأمني

جاسم محمد

/* Style Definitions */ table.MsoNormalTable{mso-style-name:”Table Normal”;mso-tstyle-rowband-size:0;mso-tstyle-colband-size:0;mso-style-noshow:yes;mso-style-priority:99;mso-style-qformat:yes;mso-style-parent:””;mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;mso-para-margin-top:0in;mso-para-margin-right:0in;mso-para-margin-bottom:10.0pt;mso-para-margin-left:0in;line-height:115%;mso-pagination:widow-orphan;font-size:11.0pt;font-family:”Calibri”,”sans-serif”;mso-ascii-font-family:Calibri;mso-ascii-theme-font:minor-latin;mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;mso-fareast-theme-font:minor-fareast;mso-hansi-font-family:Calibri;mso-hansi-theme-font:minor-latin;mso-bidi-font-family:Arial;mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

رؤية ـ جاسم محمد

منذ انطلاق موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا عام 2015، وحتى الآن ودول أوروبا تشهد حالة من التأهب الأمني والإنذار ونشر القوات على الأرض، إلى جانب إعلان أجهزة استخباراتية أوروبية تحذيرات بين حين وآخر، لتتحول إلى إجراء روتيني أكثر من أي شيء آخر.

وتخشى  دول أوروبا من ارتداد الإرهاب إليها وعودة آلاف الإرهابيين الذين شجعتهم على الذهاب إلى سوريا حيث يطلق العديد من المسؤولين الأوروبيين منذ فترة تحذيرات لتدارك مخاطر عودة هؤلاء لنشر الفكر المتطرف بين الشباب وتنفيذ اعتداءات إرهابية وجرائم في المدن الأوروبية.

أظهر استطلاع للرأي أجرته المفوضية الأوروبية في يونيو 2018، أن (29%) من الأوروبيين يمثل الإرهاب مبعث قلق لهم، ومرة أخرى كانت أعلى معدلات القلق منه في دول لم تشهد أي هجمات إرهابية في الأعوام الماضية وهي ليتوانيا وقبرص وأيرلندا والتشيك وبلغاريا وبولندا ولاتفيا، كما أظهر الاستطلاع زيادة بمقدار نقطة مئوية في معدل الثقة بالاتحاد الأوروبي.

مجمع الاستخبارات الأوروبية في مواجهة الإرهاب والتطرف

يضمُّ مجمع الاستخبارات الأوروبية جميعَ الأطراف التي تلعب دورا في المهام الاستخباراتية، وتنفيذ قوانين مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، وتشمل أطرافًا وطنية، وأوروبية؛ مثل وكالات الاستخبارات الوطنية، وأجهزة الأمن ووكالات الشرطة الوطنية.

وتشمل أجهزة أمن أوروبا: مركز الاستخبارات والعمليات التابع للاتحاد الأوروبي INTDIV، وهيئة الأركان العسكرية للاتحاد الأوروبي EUMS، ومركز عمليات الاتحاد الأوروبي SitCen، واليوروبول Europol، ومركز الاتحاد الأوروبي للأقمار الصناعية EUSC، والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وفرق العمل الثنائية والمتعددة الأطراف المختلفة؛ المعنية بمكافحة الإرهاب، ووحدة التعاون القضائي الأوروبي، والإنتربول، والمعهد الأوروبي للشرطة، ورؤساء فرقة العمل المكونة من الشرطة ووكالة فرونتكس.

وعند مناقشة الآفاق المستقبلية للأمن في أوروبا، وعندما يطرح التساؤل حول كيف سيتطور ردّ الاتحاد الأوروبي في المستقبل تجاه أي تطورات ما، تُظهر بياناتُ اليوروباروميتر، سلسلة استطلاعاتِ الرأي الخاصة بالاتحاد الأوروبي أنَّ المخاوفَ الاجتماعية – الاقتصادية تحل محل التهديد الأمني لدى الرأي العام، في الوقتِ ذاته، تراجعت في سلم الأولويات الاهتمامات السياسية.

الأمر المثير للاهتمام، أن هناك تنبؤات مختلفة للمستقبل اعتمادًا على قطاعِ السياسات، ورغم أن  بعض الباحثين يرون خطوات إيجابية، في مجال مكافحة التطرف، تجاه تبني نهجٍ أكثر اتساقًا وشمولية في الاتحاد، فإن آخرين يرون أنَّ “التعقيد المؤسسي ومشكلات التنسيق بين السياسات (بين البعد الخارجي لمجلس العدل والشؤون الداخلية JHA، والسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي CFSP، والعلاقات الاقتصادية الخارجية) لا تزال تشكِّل عراقيل قوية أمام القيام بدورها الخارجي في مكافحة الإرهاب”.

وبالمثلِ، فإنهم يرون أيضا أنَّ العقبات العملية والسياسية أمام متطلبات التنسيق تستلزم نهجا شاملًا لتمويل عملياتِ مكافحة الإرهاب، على مستوى الاتحاد الأوروبي. ويظلُّ من غير المعروفِ ما إذا كانت دعواتُ البرلمان الأوروبي، لتبني نهجٍ شاملٍ يجمع استراتيجياتِ الأمن الخارجي والداخلي، ويعزِز آلياتِ التنسيقِ بين هياكل مجلس العدل والشؤون الداخلية، والوكالات الأوروبية، والدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، ستحدثُ فارقًا في ضوء حجم التحديات القائمة.

استراتيجيةُ الأتحاد الأوروبي الحالية لمكافحة الإرهاب

استراتيجية الاتحاد الأوروبي الحالية لمكافحة الإرهاب، هي رد فعل لعودة “الجهاديين” إلى أراضي الاتحاد، وتبنى مجلس الاتحاد الأوروبي لهذه الاستراتيجيةَ يقوم على أربعةِ محاور؛ هي: الوقاية، والحماية، والملاحقة، والاستجابة، وينفذ الاتحادُ الأوروبي سياساتٍ خاصة لكل محورٍ منها.

عقب تنفيذ الاستراتيجية، تم اعتماد المادة الخاصة بالتضامن في ديسمبر 2017، بهدفِ إلزامِ الدول الأعضاء في الاتحاد بالتعاون، بل والالتزام بتقديم موارد عسكرية، في حالة وقوع هجومٍ إرهابي، وردًا على الهجوم الإرهابي الذي وقع في فرنسا، في شهر نوفمبر 2015.
وشكل المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب فرقة عمل الأخوة (Taskforce Fraternit�)، حيث تم تكليف 60 ضابطًا بإعدادِ تحليلٍ زمني كامل للهجوم. ضمّ تحليلًا تحقيقيًا لتفاصيل الهجوم، وتجميعًا للمعلومات الاستخبارية المالية الكاملة، وتحليلًا للاتصالات ذاتِ الصلة التي تمت عبر الإنترنت، وتحديدًا للثغرات الاستخباراتية، وتحليلها والانعكاسات المترتبة على سياسة مكافحة الإرهاب.

وفي وقتٍ سابق من العام، كان اليوروبول قد أنشأ “وحدة لإحالة محتويات الإنترنت”، تابعة للاتحادِ الأوروبي (EU IRU)، في يوليو 2015. الغرض من هذه الوحدة هو مكافحةُ الإرهاب، والدعاية الإرهابية عبر الإنترنت.

الخلاصة

لقد نجحت دول أوروبا بالفعل في مراجعة سياستها وقوانينها في مجال مكافحة الإرهاب، الأهم أنها تجاوزت عقدة “آلية التعاون” بعيدا عن الروتين، وتركز في إيجاد منصات إلكترونية يمكن للأعضاء المشاركة في قاعدة البيانات والمعلومات الأساسية، أي الإضافة أو الحصول على البيانات.

وبدون شك، تجاوزت أيضا دول أوروبا عقدة فضاء الشنغن، بإمكانية تبادل المعلومات وسرعة التعامل معها بسرعة، وبرصد ومتابعة تنقلات العناصر الخطرة، وتنفيذ عمليات وقائية بتفكيك خلايا الجماعات المتطرفة وإفشال مخططاتها.

يبقى التطرف العنيف داخل أوروبا، هو التحدي الأصعب إلى دول أوروبا من الداخل، والذي يحتاج إلى خبرات في مجالات علوم الاجتماع والنفس ومحاربة التطرف ونزع الأيديولوجية المتطرفة، وهذا ربما ما زالت تفتقده أوروبا.

ما تحتاجه دول أوروبا في هذه المرحلة إيجاد سياسات وقوانين ذات معايير أوروبية متقاربة بالتعامل مع المقاتلين الأجانب وعودتهم، وكذلك بتطبيق برامج أكثر فاعلية في مجال الوقاية من التطرف محليا. دول أوروبا أيضًا معنية، بمحاربة الإرهاب والتطرف دوليا، وألا ينحصر دورها بالمقاتلين الأجانب.

ربما يعجبك أيضا