الاحتلال يفرض الضرائب على المؤسسات الدولية.. والكنائس تعلن رفضها

دعاء عبدالنبي

رؤية

القدس المحتلة – أكد المتحدث باسم بلدية الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، أن البلدية تنوي فرض ضرائب على الممتلكات العائدة الى الكنائس والفاتيكان والامم المتحدة والتي كانت معفية من الرسوم في المدينة المقدسة.

 وبعث المدير العام لبلدية الاحتلال في القدس أمنون ميرهاف، برسالة إلى مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيري الداخلية والمالية حول فرض ضرائب على ممتلكات تابعة للكنائس في المدينة.

وقال ميرهاف -في رسالته التي نشرتها وكالة “فرانس برس”- إن “الاتفاقات الدولية لا تعفي سوى أماكن العبادة، ومنذ سنوات أعفيت الكنائس من دفع رسوم ضخمة على ممتلكاتها التجارية”، مضيفا أنه “حتى هذا الوقت بلغت ديون الكنائس عن 887 عقارا نحو 190 مليون دولار (150 مليون يورو) بدون تحديد الفترة.”.

وتضمنت رسالة ميرهاف أن الإعفاء للكنائس ينطبق فقط في حال استخدام ممتلكاتها “للصلاة أو لتعليم الدين أو للاحتياجات المتعلقة بهما”، وذلك وفقا لرؤية بروفيسور إسرائيلي متخصص في القانون الدولي لم تأت الرسالة حتى على ذكر اسمه.

كما ذكرت الرسالة أن قيمة الإعفاء الضريبي الذي تتمتع به عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة لها مكاتب في القدس تقدر بـ93 مليون شيكل (27 مليون دولار).

وفي هذا السياق أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” القريبة من نتنياهو والتي توزع مجانا، بأن “الفاتورة الضريبية الأكبر هي من نصيب الكنيسة الكاثوليكية وتبلغ حوالي 12 مليون شيكل (3,5 ملايين دولار) تليها كنائس الإنجيليين والأرمن والروم الأرثوذكس”.

ومنذ عودة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والفاتيكان في 1993 والتي قطعتها الأخيرة في حزيران 1967 احتجاجا على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وأراض عربية أخرى، تجري دولة الفاتيكان مفاوضات مع إسرائيل حول وضع ممتلكاتها في مدينة القدس الشرقية. 

ويملك الفاتيكان فندق نوتردام بطرازه المعماري الفريد قبالة أسوار القدس القديمة.

من جهتها، تملك الكنيسة الأرثوذكسية عقارات سكنية وتجارية في كل من القدس الغربية والقدس الشرقية المحتلة التي ضمتها إسرائيل.

وتواجه الكنيسة اتهامات بأنها وافقت على عمليات مثيرة للجدل تتعلق ببيع أوقاف تعود إليها وخصوصا في القدس الشرقية، لمجموعات تساعد الاستيطان الإسرائيلي.

وذكرت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية في اكتوبر الماضي أن الكنيسة الارثوذكسية قامت أيضا ببيع مساحات كبيرة من العقارات في القدس الغربية وأماكن اخرى.

وكتبت الصحيفة “في السنوات القليلة الماضية قامت البطريركية بصمت ببيع عقارات في مختلف أنحاء إسرائيل لشركات لجأت إلى ملاذات ضريبية، مقابل مبالغ منخفضة إلى درجة تثير التساؤلات حول ما إذا كانت الكنيسة تحاول التخلص من أوقافها بأي ثمن”.

وقال المطران عطا الله حنا -رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، اليوم السبت- “إننا نرفض وبشكل قاطع ما اعلنته ما يسمى ببلدية القدس التي تسعى لفرض ضرائب باهظة على المؤسسات الكنسية في القدس وعلى غيرها من المؤسسات الأممية”.

وأضاف المطران، أن هذا الإجراء الإسرائيلي الأخير إنما يعتبر إمعانا في التعدي واستهداف الكنائس والمؤسسات التابعة لها في المدينة المقدسة.

وقال: إنه في الوقت الذي فيه تستهدف أوقافنا وتسرق منا بطرق غير قانونية وغير شرعية، تخطط السلطات الاحتلالية في هذه الأيام لفرض ضرائب باهظة على الكنائس والأديرة ومؤسساتها في القدس في محاولة هادفة لافراغ البلدة القديمة من المؤسسات المسيحية، وتهميش وإضعاف الحضور المسيحي الوطني في البلدة القديمة من القدس بنوع خاص.

وتابع: “ان كنائسنا موجودة في القدس قبل قيام دولة اسرائيل وهنالك كنائس يعود تاريخها الى القرن الرابع والخامس للميلاد وقد جرت العادة ان تكون دور العبادة ومؤسساتها معفية من الضرائب فهذا ما كان سائدا في الحقبة الاردنية وفي فترة الانتداب البريطاني وفي الفترة العثمانية وما قبلها، واليوم تأتي السلطات الاحتلالية لكي تغير هذا الواقع في محاولة هادفة لبسط سيطرتها على مدينة القدس وتهميش واضعاف الحضور المسيحي بشكل خاص والحضور العربي الفلسطيني بشكل عام”.

وأكد المطران حنا بالقول: “لن نستسلم لهذه القرارات الجائرة المشبوهة والتي هدفها هو إضعاف وجودنا وتهميش حضور كنائسنا في مدينة القدس والنيل أيضا من الدور التربوي والإنساني والاجتماعي الذي تقوم به المؤسسات المسيحية في المدينة المقدسة”.

ووصف المطران حنا ما يحدث بمؤامرة كبيرة تستهدف مدينة القدس، “وقد قلنا في الماضي بأن القدس في خطر شديد ونكرر هذا القول الآن فما يحدث في مدينتنا هو أمر خطير جدا في ظل وضع فلسطيني داخلي تسوده الانقسامات وفي ظل وضع عربي مأساوي وفي ظل انحياز أمريكي وغربي لإسرائيل، وقد وصلت ذروة هذا الانحياز بإعلان الرئيس الأمريكي الأخير حول القدس وخطاب نائبه لدى زيارته إلى المدينة المقدسة هذا الخطاب الذي كان مليئا بالمغالطات كما أنه تميز بتجاهله للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني”.

وناشد الكنائس المسيحية في العالم أن يلتفتوا إلى مدينة القدس التي تتعرض لاستهداف غير مسبوق فأوقافنا الأرثوذكسية مستهدفة ويتم التآمر عليها كما أن هذه القوانين الإسرائيلية الجائرة إنما تزيد الوضع تفاقما وتعقيدا وخطورة، أنه استهداف مباشر للحضور المسيحي العريق في المدينة المقدسة هذا الحضور الذي لم ينقطع لأكثر من ألفي عام.

وقال: “نعلم جيدا خطورة المؤامرة التي تستهدفنا ونعلم جيدا أن هنالك ادوات مسخرة في خدمة الاحتلال فالعملاء والمرتزقة والسماسرة منتشرون هنا وهناك ونحن نعرفهم جيدا ونعرف دورهم ونعرف ما يقومون به في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة من تاريخ مدينتنا، لن نتعاطى مع القرار الإسرائيلي الأخير ونتمنى أن تقوم كافة الكنائس بالإعراب عن رفضها لهذا الإجراء وألا تتعاطى معه إطلاقا فلا يجوز للسلطات الإسرائيلية ان تتدخل في شؤون كنائسنا ولا يجوز لها ان تمارس ضغوطاتها على مؤسساتنا الكنسية”.

وأكد المطران حنا: “لن نرضخ للضغوطات والابتزازات الإسرائيلية ولن نترك مدينة القدس لقمة سائغة للمتآمرين عليها”.

وناشد أبناء القدس مسيحيين ومسلمين بأن يكونوا معا وسويا عائلة واحدة وفي خندق واحد في الدفاع عن القدس ومقدساتها وأوقافها ومؤسساتها.

وشدد قائلا: “لن نسمح بأن تمر هذه القوانين الجائرة، كما أننا لن نسمح بأن تمر الصفقات المشبوهة التي تستهدف أوقافنا، فالقدس لنا وستبقى لنا عاصمة روحية ووطنية لشعبنا، إنها مدينة السلام والتي غُيب عنها السلام بفعل ما يرتكب بحقها وبحق مقدساتها وأوقافها وأبنائها، إنها مدينة غُيب عنها العدل حيث إن شعبنا الفلسطيني مستهدف في كافة مفاصل حياته، بوحدتنا الوطنية وثباتنا وصمودنا في هذه المدينة المقدسة نحن قادرون على إفشال كافة المؤامرات التي تستهدفنا جميعا ولا تستثني أحدا على الإطلاق”.

وقد جاءت كلمات المطران عطا الله حنا هذه صباح اليوم لدى لقائه عددا من ممثلي وسائل الإعلام حول مسألة اعتزام بلدية القدس فرض ضرائب باهظة على عقارات الكنائس والمؤسسات الأممية في المدينة المقدسة.

ربما يعجبك أيضا