الاستنجاد بالناتو.. أردوغان يبحث عن منقذ

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

يبدو أن أنقرة أخطأت في تقديراتها الاستراتيجية بشأن تدخلها في سوريا اعتمادًا على تفاهمات مع الجانب الروسي، كما رأت أن مثل صفقة منظومة الدفاع “S 400” من شأنها شراء نفوذًا داخل دمشق، ولم تعي للدرس الإيراني من قبلها في الجنوب السوري، وها هي اليوم، تعيش أزمة قد تنخرط بها في حرب لا تقوى عليها مع الدب الروسي، أو تنسحب مضطرة بعدما خسرت كافة جيرانها الإقليميين بشأن سياستها المتناقضة، بما انعكس في اللحظة الراهنة بوجودها بدون أي حليف.

لا توددها إلى حليف غريب عنها -أي روسيا- خاضت معه حروب طاحنة على مدار ثلاث قرون يجدي نفعًا لها، ولا تحديها لحلفائها التقليديين -أي الناتو والولايات المتحدة- يغيب عن أذهانهم اليوم عندما هرولت إليهم لإنقاذها من أزمتها، ولا ورقتها الضاغطة المعتادة -أي اللاجئين- بات يشكل عاملًا لديهم من أجل الانخراط في حرب لن يريدونها.

اليوم، خرجت تركيا تستنجد بحلف شمال الأطلسي بعدما أقدم الجيش السوري أمس بعمليات أودت بحياة 33 جنديًا تركيًا وإصابة آخرين، وهرولت لعقد جلسة طارئة أملًا في دعم الناتو لها ضد روسيا، كما مارست أوراقها المعهودة بفتح حدودها أمام اللاجئين السوريين نحو الحدود الأوروبية من ناحية بلغاريا واليونان.

ماذا حدث أمس؟

شنّ الجيش السوري أمس الخميس ضربات جوية على تمركزات للجيش التركي، ما أودى بحياة 33 من جنودها وإصابة حوالي 30 جنديًّا، الأمر الذي يعتبر تصعيدا خطيرًا بين أنقرة ودمشق ما يسحب الصراع لاحتمالية المواجهة المباشرة.

جاءت تلك الخطوة بعدما أعلنت الفصائل السورية المسلحة -المدعومة من تركيا- استعادة مدينة “سراقب” في إدلب، التي تعد أهم المناطق بالمدينة، وقطعت الطريق الدولي الهام “إم 5”.

فشل متكرر

فشلت تركيا في التوصل لاتفاق مع الجانب الروسي بشأن وقف تقدم الحكومة السورية تجاه السيطرة على مزيد من الأراضي في إدلب، وكما اتصل الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين عدة مرات خلال شهر فبراير لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق حول سبل وقف التصعيد في إدلب.

وجرت جولات عديدة من المفاوضات بين موسكو وأنقرة بهدف تهدئة الأوضاع ووقف تدفق النازحين نحو الحدود لكنها فشلت في التوصل إلى تفاهم مشترك لشروط وقف التصعيد العسكري.

هل ينجر الناتو لطموح أردوغان؟

أمام تعنت الروس في سيطرة الجيش السوري على إدلب، ذهب أردوغان لحلف الناتو، ليخرج بدعم يمكنه من كبح تقدم سوريا بغطاء جوي روسي، لكن الحلف خذل تركيا في الانجرار وراء طموحات أردوغان باستعادة إرث الدول العثمانية.

خيب حلف شمال الأطلسي “ناتو” آمال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعدما اكتفى سفراؤه الجمعة بدعم معنوي لأنقرة بعد مقتل 33 جنديا تركيا في سوريا، من دون تقديم تعهدات بأي إجراءات، في خطوة يراها مراقبون أنها تزيد من عزلة أردوغان في الداخل والخارج.

وسعى أردوغان إلى زج الناتو في صراعه الحالي فضلا عن استخدام ورقة اللاجئين باتجاه أوروبا، مطالبا إقامة منطقة حظر جوي في شمال غرب سوريا لمنع طائرات النظام السوري وحليفته روسيا من شن ضربات.

وتجاهل الحلف خطوة اللاجئين التي أقدمت عليها أنقرة ساعات قبل اجتماعه بالسماح للاجئين بالعبور نحو أوروبا، واكتفى بإعلان تضامنه دون إعلان إجراءات ترضى أردوغان.

من جانبها، تشترط الولايات المتحدة على تركيا التخلص من نظام S400 قبل الحصول على نظام باتريوت الأمريكي، وهو يرفضه المسؤولون الأتراك، كما طلبت تركيا من الولايات المتحدة صواريخ باتريوت للمساعدة في الدفاع عن قواتها، ودعت الناتو إلى فرض منطقة حظر طيران لحماية ما يقرب من ثلاثة ملايين مدني في محافظة إدلب لكن ذلك لا يبدو متاحا في الوقت الراهن.

هل يقدم أردوغان على الحرب بمفرده؟

لا تزال تركيا وأردوغان يتذكران جيدا العواقب الوخيمة التي واجهتها تركيا عندما أسقطت مقاتلة تركية طائرة قاذفة روسية قرب الحدود التركية السورية عام 2015، مما اضطرها خلال أشهر قليلة إلى تقديم اعتذار لروسيا بل وإبرام اتفاقية لشراء نظام الدفاع الصاروخي إس- 400 منها.

ربما يعجبك أيضا