الاقتصاد التركي بعد الانتخابات.. تحديات صعبة وآفاق ضبابية

ولاء عدلان
شوارع تركيا أثناء الانتخابات الرئاسية 2023

عدلت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية في إبريل الماضي نظرتها المستقبلية لتركيا من مستقرة إلى سلبية مع تثبيت التصنيف الائتماني للبلاد عند الدرجة B.


توجه الأتراك، صباح اليوم الأحد 28 مايو 2023، إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.

وفي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة بين الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، وزعيم المعارضة ومرشح كليتشدار أوغلو، تظهر استطلاعات الرأي وتوقعات المؤسسات المالية العالمية أن الاقتصاد التركي ينتظره عام صعب بصرف النظر عن اسم الفائز في الانتخابات.

فوضى ما بعد الانتخابات

يرى كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس، ليام بيتش، أن فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية سيدفع الاقتصاد التركي نحو المزيد من الأزمات التي سيكون عنوانها الرئيس تدهور العملة وزيادة الضغط على القطاع المصرفي، أما فوز مرشح المعارضة فقد يحقق طريقًا صعبًا لخفض التضخم بشكل مستدام في المستقبل، وفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس.

ومنذ وصوله إلى سدة الحكم في 2014 ركز أردوغان على تحفيز النمو والصادرات وتبنى سياسة مفرطة في التيسير النقدي، ضغطت على الليرة وكرست للتضخم المرتفع، فخلال نوفمبر الماضي قفز معدل التضخم السنوي إلى 85.5% مسجلًا أعلى مستوياته في 24 عامًا وأعلى معدل سنوي خلال عقدين من حكم أردوغان، وحاليًّا لا يزال التضخم أعلى من 50%.

وتوقع العضو البارز في حزب IYI التركي، بيلج يلماز، أن تشهد أسواق الدين والعملات فوضى بعد انتهاء الانتخابات حتى حال فوز مرشح المعارضة، لكنه استدرك قائلًا بمجرد أن تبلور الحكومة الجديدة والقيادة الجديدة للبلاد سياسة نقدية ذات مصداقية، ستبدأ الأوضاع في التحسن، وفق وكالة أنباء رويترز.

اقرأ أيضًا|  بفعل سياسات «المركزي التركي».. سقوط حر لـ«الليرة» وتضخم مروع

مسار التضخم في تركيا منذ 2021

مسار التضخم السنوي في تركيا منذ 2021

الليرة التركية وسيناريو السقوط الحر

منذ بداية العام الحالي تراجعت الليرة التركية 5%، وخلال الـ5 سنوات الماضي خسرت 80% من قيمتها، ويتوقع بنك “إتش إس بي سي” أن تواصل الليرة انهيارها خلال 2023، لتصل إلى مستويات 24 ليرة مقابل الدولار الواحد، مدفوعة بإقبال المستثمرين على العملة الأجنبية لحماية أموالهم من التضخم، بصرف النظر عن شخصية الفائز بالانتخابات.

وتوقع بنك جي بي مورجان في مذكرة أن تنخفض الليرة مقابل الدولار إلى مستوى 30 ليرة للدولار الواحد في غياب تحول واضح نحو سياسات تقليدية في مواجهة التضخم المرتفع، في إشارة إلى ضرورة رفع أسعار الفائدة التي خفضها البنك المركزي التركي بمقدار 500 نقطة أساس في 2022 وحاليا وصلت إلى 8.5%، وفق صحيفة الإندبندنت البريطانية.

ورجح جي بي مورجان في حال التحول نحو السياسات التقليدية أن تتراجع الليرة مقابل الدولار إلى مستوى 24 ليرة عقب الانتخابات لتصل إلى 26 ليرة للدولار بنهاية العام، ويتوقع بنك سيتي الأمريكي حال تحول تركيا بعد الانتخابات نحو سياسات التشديد النقدي والتوقف عن التدخل في سوق الصرف أن تتمكن من جذب استثمارات أجنبية تتراوح بين 45 و50 مليار دولار خلال 12 شهرًا.

انهيار الليرة التركية 2018-2022 - بيانات صندوق النقد

انهيار الليرة التركية 2018-2022 – بيانات صندوق النقد

آفاق ضبابية  

توقع استطلاع حديث لوكالة أنباء رويترز أن ينمو الاقتصاد التركي هذا العام 2.8% فقط انخفاضًا من مستوى 5.6% المسجل العام الماضي، ويتوقع البنك الدولي نموًّا في حدود 3.2% لكنه قال في إبريل الماضي إن النظرة المستقبلية تواجه قدرًا كبيرًا من الغموض.

وفي إبريل الماضي عدلت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لتركيا إلى سلبية من مستقرة مع تثبيت التصنيف الائتماني للبلاد عند الدرجة B، وأرجعت قرارها إلى انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع عجز الحساب الجاري التركي ومحدودية الاحتياطيات الدولية وارتفاع التضخم.

استنزفت الحكومة التركية احتياطيات البنك المركزي خلال الفترة الماضية للحفاظ على استقرار الليرة ولمنع زيادة أسعار الصرف الأجنبي، وخلال الأسبوع المنتهي في 19 مايو الحالي انخفض صافي الاحتياطيات الدولية للمركزي التركي إلى سالب 151.3 مليون دولار للمرة الأولى منذ 21 عامًا، وتراجع إجمالي الاحتياطيات بمقدار 3.5 مليار دولار إلى 101.6 مليار دولار.

اقرأ أيضًا|  زلزال القرن.. كم تصل خسائر سوريا وتركيا؟

زلزال تركيا يعقد المشهد الاقتصادي

يقدر البنك الدولي أن الزلزال المدمر الذي شهدته تركيا في فبراير الماضي تسبب في أضرار مباشرة بـ34.2 مليار دولار، ويتوقع أن تكاليف إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي قد تتجاوز ضعف هذا الرقم، في المقابل قال أردوغان في مارس الماضي إن خسائر الزلزال وصلت إلى 104 مليارات دولار.

ويتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن يتسبب الزلزال في التأثير سلبًا على نمو إجمالي الناتج المحلي للبلاد بـ1%، وفي مؤشر أولي على هذا التأثير وبحسب بيانات وزارة المالية التركية سجلت موازنة الحكومة عجزا خلال الربع الأول من 2023 بـ13.03 مليار دولار.

وتوقعت رويترز في استطلاع حديث أن يرفع التمويل الحكومي لإعادة البناء وجهود الإغاثة نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي لأكثر من 5% هذا العام ارتفاعا من مستوى 1% المسجل العام الماضي.

ربما يعجبك أيضا