الاقتصاد العالمي في 2019.. توسع متراجِع وآفاق “محبطة”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تسود الأسواق العالمية حالة من القلق، وسط تراجع معنويات المستثمرين وروح المخاطرة لصالح البحث عن الملاذات الآمنة، بفعل تأجج مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والحرب التجارية بين بكين وواشنطن وضبابية المشهد الأوروبي في ظل المخاض العسير لـ”الانفصال” البريطاني، إلى جانب عوامل آخرى تتعلق بزيادة مخاطر الديون والاحتباس الحراري.

وبفعل الآفاق القاتمة للنمو الاقتصادي قطعت” وول ستريت” أمس، موجة صعود استمرت لأربع جلسات متتالية، كما أغلقت بورصات أوروبا باللون الأحمر، وتراجع النفط بنحو 2% وسط مخاوف بأن يضغط تراجع النمو على مستويات الطلب العالمي على الوقود.

آفاق قاتمة

وتضررت شهية المخاطرة بالأسواق العالمية مع إعلان الصين – ثاني أكبر اقتصاد بالعالم- عن تسجيل أبطأ وتيرة نمو منذ 28 عاما في 2018 عند مستوى 6.6% ، تلاها إعلان صندوق النقد الدولي عن خفض لتوقعاته للنمو الاقتصادي العالمي – للمرة الثانية في 3 أشهر- وذلك للعام الجاري والعام المقبل، من 0.2% و01% إلى 3.5% و3.6%، على الترتيب.
 
كما أثار تقرير للأمم المتحدة الإثنين، مخاوف بشأن استمرار مواجهة النمو الاقتصادي العالمي للتحديات المالية والاجتماعية والبيئية المتزايدة، متوقعا أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة حوالي 3 % في عامي 2019 و2020، وأن تظل الدخول المستمدة من رأس المال في حالة ركود، أو لن تشهد سوى نمو هامشي هذا العام في أجزاء من أفريقيا وغرب آسيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

ورغم استبعادها حدوث ركود اقتصادي عالمي على المدى القريب، أكدت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد أمس، أن نمو الاقتصاد العالمي يتباطأ بأكثر من التوقعات كما أن المخاطر تتزايد، محذرة من أن زيادة التعريفات الجمركية وزيادة تقلبات السوق سيكون لها تبعيات على السياسة التجارية المستقبلية، وما ينتج عن ذلك من أسعار أصول منخفضة وتشديد للسياسة النقدية حتى داخل الاقتصاديات الكبرى.

ونصحت لاجارد صناع السياسة النقدية بأن يكونوا على استعداد للتدخل حال تجسد إشارات خطيرة بشأن تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي العالمي.

مخاطر سياسية

بالطبع بعض المخاطر التي يواجهها الاقتصاد العالمي تتعلق بالسياسة وتراجع التعددية، وليس أدل على ذلك من مشهد انعقاد منتدى دافوس العالمي هذا العالم وسط غياب قادة بارزين، نتيجة حاجتهم إلى المزيد من الوقت للتعامل مع أمور أكثر إلحاحا في دولهم، على رأسهم نجم نسخة العام الماضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ ينشغل في حرب داخلية يقودها من أجل تمويل جداره الحدودي مع المكسيك.
 كما اعتذرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، لانشغالها بالدفاع عن “البريكست”، بعد أن منيت بهزيمة قاسيمة داخل البرلمان، وانسحب أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسبب محاولته لامتصاص غضب “السترات الصفراء”، وكذلك لن يحضر الرئيس الصيني ولا رئيس الوزراء الهندي الذي يقاتل للفوز بفترة ولاية ثانية، ما قلل الآمال في نتائج نسخة هذا العام، لاسيما فيما يتعلق بتوسيع التجارة العالمية.
 
أبرز المخاطر:
–  الحروب التجارية بين الصين وأمريكا.

–  انخفاض معدلات التجارة الدولية، إذ تراجع نموها خلال 2018 إلى 3.9% من 4.4%.

–  فوضى البريكست.

–  تضخم حجم الدين العالمي إلى أكثر من 250 تريليون دولار.

–  زيادة معدلات البطالة في الصين.

–  تباطؤ النمو العالمي خلال 2019 و2020، وتباطؤ النمو في أمريكا -أكبر اقتصاد بالعالم- إلى 2.5 خلال العام المقبل، فيما يرجح أن تسجل الصين -ثاني أكبر اقتصاد بالعالم- 6.2% هبوطا من 6.6%، على أن تسجل أدنى مستوى للنمو في 30 عامًا عام 2020 عند 6%، فيما يتوقع أن يتراجع نمو منطقة اليورو إلى 1.9% هبوطًا من 2.1% في 2018.

يتوقع كبير الاستراتيجيين لدى بنك “جي بي مورغان”، ماركو كولانوفيتش، أن تتمتع الأسواق العالمية خلال النصف الأول من 2019 بالاستقرار النسبي، لكنه رجّح مع دخول النصف الثاني حدوث تقلبات حادة، تحديدًا بالأسواق المالية قد تصل إلى تراجعات بنسبة 40% أو أكثر، مشيرًا إلى أن المركزي الأمريكي سوف يحتاج لاتخاذ تدابير عاجلة لمنع حدوث دوامة تؤدي إلى كساد ضخم مع حلول نهاية العام.

وبحسب أحدث تقارير صندوق النقد، تتمثل أهم مصادر الخطر على آفاق الاقتصاد في نتائج المفاوضات التجارية، والاتجاه الذي ستتخذه الأوضاع المالية في الشهور القادمة، ففي حال تمكنت البلدان تحديدا “الصين وأمريكا” من تسوية خلافاتها دون رفع الحواجز التجارية التشويهية وحدث تحسن في مزاج السوق، فمن الممكن أن نشهد دعماً متبادلاً بين مستوى الثقة الأفضل والأوضاع المالية الأيسر بما يرفع النمو إلى مستوى أعلى من تنبؤات السيناريو الأساسي.

لكن الصندوق رجح أن يبقى ميزان المخاطر خلال 2019 مائلاً في اتجاه التطورات السلبية، بخلاف النزاعات التجارية، ستبقى بعض العوامل  – مثل تباطؤ الاقتصادة الصيني وضبابية مستقبل بريطانيا- تضغط باتجاه تراجُع مزاج المستثمرين بالنسبة لتحمل المخاطر، مما سيعود على النمو بانعكاسات سلبية، وخاصة بالنظر إلى ارتفاع مستويات الدين العام والخاص.
 

 

ربما يعجبك أيضا