الاقتصاد يزداد سوءًا.. ما أسباب نهاية عصر الازدهار الصيني؟

محمد النحاس

يعتقد البعض أن النموذج الصيني لم يعد فغالًًا.. ما سبب ذلك؟


لعقود من الزمان، عزّزت الصين اقتصادها من خلال الاستثمار في قطاع العقارات والإنشاءات والطرق وناطحات السحاب، وعبر تشييد المصانع.

وبدأت الصين تزرع ما حصدت وتجني ربحًا وفيرًا مكّنها من انتشال الملايين من براثن الفقر، وتحوّلت الصين إلى قوة عالمية وعملاق اقتصادي لا يمكن الاستهانة به، وقوة تصديرية هائلة، لكن النموذج الذي كان مزدهرًا لـ40 عامًا انتهى.

فعالية النموذج الصيني

مكّن النموذج الصيني بكين من تأدية دور بارز على المسرح العالمي، لكن يبدو أن هذا الوضع يتغير الآن، فقد باتت الصين مثقلة بديون هائلة، في ما تنتشر على طول البلاد بنية تحتية عقارية وصناعية غير مستغلة، وقد انخفضت عوائد الاستثمارات في هذه القطاعات إلى حدٍ كبير، حسب ما ذكر تقرير مطوّل نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.

وفق التقرير المنشور، الأحد 20 أغسطس 2023، يرى كثير من الاقتصاديين أن الصين سوف تواجه تباطؤًا كبيرًا في معدلات النمو، وسوف يزداد سوءًا بفعل العوامل الديموجرافية الداخلية، والهوة المتسعة بين بكين وواشنطن، والتنافس المحتدم بينهما على عدد من الأصعدة الحيوية.

حقبة من التخبط

من شأن العوامل سالفة الذكر أن تعرض الاستثمار الأجنبي والتجارة والتصدير لمخاطر جمة، وبدلًا من كبوة اقتصادية عابرة، قد تقود هذه العوامل مجتمعةً إلى حقبة طويلة من التخبط، في وقت “يشهد فيه العالم التحول الأكثر دراماتيكية على مدار التاريخ الاقتصادي”، وفق ما يرى أستاذ التاريخ، بجامعة كولومبيا المتخصص في الأزمات الاقتصادية، آدم توز.

ويقدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة أقل من 4٪ خلال السنوات المقبلة، أي أقل من نصف حصيلة العقود الأربعة الماضية، في ما تشير تقديرات كابيتال إيكونوميكس، وهي شركة أبحاث مقرها لندن، إلى تباطؤ النمو في الصين إلى أقل من 3% بدلًا 5% في عام 2019.

وسوف ينخفض النمو ​​إلى نحو 2% في عام 2030، غير أن العديد من التوقعات التي تتوقع حدوث انهيار قريب في الاقتصاد الصيني، لم تكن صائبة، حسب التقرير المطوّل للصحيفة الأمريكية.

الصورة ليست قاتمة تمامًا

مع هذه المعدلات المتواضعة، قد تفشل الصين في تحقيق الهدف الذي حدده الرئيس، شي جين بينج، في عام 2020 لمضاعفة حجم الاقتصاد بحلول عام 2035، ومن شأن هذا أن يصعب على الصين الخروج من تصنيف كواحدة من “الأسواق الناشئة” ذات الدخل المتوسط، وقد يعني أيضًا أن الصين لن تنال حلمها طويل الأمد، بالتفوق على الولايات المتحدة.

وقد يساعد تفوق الصين في بعض القطاعات في الهيمنة على الأسواق، ويمكن للتوترات مع الولايات المتحدة أن تحفز الصين على تسريع الابتكارات في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وفتح آفاق جديدة للنمو، ومهما يكن من أمر، لا يزال لدى بكين أدوات لا يمكن الاستهانة لدعم نموها، وتعزيز صعودها الطموح.

صراع عسكري محتمل

تواجه الصين أزمة “فقاعة العقارات”، وكانت الصين قادرة على احتواء هذه المشكلات، إذ تمكنت من تحقيق معدلات نمو عالية من خلال الاقتراض، وعن طريق السوق العقارية والإسكاني المزدهر، الذي شكّل في بعض السنوات أكثر من 25٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وفق التقرير.

وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، يمكن أن يؤدي ضعف الاقتصاد الصيني إلى تقويض الدعم الشعبي للزعيم الصيني الأقوى خلال العقود الماضية، شي جين بينج، ويرى بعض المحللين الأمريكيين أن بكين قد تستجيب لمشكلاتها الداخلية عن طريق أن تصبح أكثر عدوانية في سياستها الخارجية، ما يزيد من مخاطر اندلاع صراع محتمل.

تراشق أمريكي صيني

في 10 أغسطس الماضي، وفي أمسية لجمع التبرعات السياسية، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مشكلات الصين الاقتصادية بأنها “قنبلة موقوتة” يمكن أن تدفع قادتها إلى “فعل أشياء سيئة”.

وردّت بكين على هذا، عبر تعليق من وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”، وقالت إن بايدن يعد تشويه سمعة الصين جزءًا من “استراتيجيته الكبرى” للتصدي لمشكلات الولايات المتحدة الاقتصادية.

اقرأ أيضًا| انخفاض السكان.. أزمة صينية جديدة تهدد العالم

اقرأ أيضًا| واشنطن وبكين.. الخلافات في طريقها للخروج عن السيطرة

ربما يعجبك أيضا