الانتخابات وليست الحبوب.. ما حقيقة الخلاف بين بولندا وأوكرانيا؟

محمد النحاس

لطالما كانت بولندا في طليعة داعمي أوكرانيا.. هل تغيّر ذلك؟


منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، كانت بولندا واحدةً من أبرز المتحمسين لدعم أوكرانيا عسكريًّا. 

لكن بعد إعلان مسؤول من بولندا، أن وارسو لن ترسل مساعدات عسكرية إلى جارتها، على إثر الخلاف الذي بدأ بقضية صادرات الحبوب الأوكرانية، أثار التصريح تكهنات وحالة من الجدل، فهل شقّت بولندا وحدة الصف الأوروبي؟ 

وقف الإمدادات العسكرية لأوكرانيا

جاء تلويح بولندا على لسان رئيس وزرائها بوقف الإمدادات العسكرية لأوكرانيا، بعد أن انتقد الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، وارسو لإصرارها على حظر واردات الحبوب الأوكرانية، وهي خطوات تقول بولندا إنها اتخذتها لحماية زراعتها المحلية.

 وفي تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، السبت 23 سبتمبر 2023، فإن الإشارة البولندية لحظر الأسلحة يمثل دلالة جديدة على “السلوك الصدامي” الذي تبنته الحكومة البولندية في التعامل مع كييف، قبل انتخابات مرتقبة تلوح في الأفق. 

كيف بدأت الأزمة؟ 

في شهر مايو الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا مؤقتًا على واردات الحبوب الأوكرانية، الرخيصة والمُصدرة بكميات كبيرة، في خطوة كانت ترمي إلى حماية المزارعين في بولندا والمجر وسلوفاكيا، والأسبوع الماضي علّقت بروكسل الحظر ما أثار غضب هذه الدول، والتي تعهدت بإبقاء القيود قائمة.

سلوك الحكومة البولندية منطقي إلى حدٍ بعيد، إذ أن البلاد تستعد لاستقبال الانتخابات العامة في 15 من أكتوبر، والتي تشي التوقعات بأن حزب القانون والعدالة الحاكم سوف يخسرها، ويحتاج الحزب إلى الحفاظ على دعم الأصوات في الريف، حتى يبقى في سدة الحكم. 

وبحسب تقرير “سي إن إن”، فإن قضية الأمن الغذائي في أوروبا، قضية ذات أهمية كبيرة، وتنعكس على التشكيلات السياسية، ويصل الاهتمام بها أحيانًا إلى حدود “غير عقلانية” و”غير متناسبة”، كان من الطبيعي إذن أن تقوم الحكومة بخطوة قومية مثيرة للاهتمام، تستحوذ على العناوين الرئيسة، وتتصدر شاشات البرامج الإخبارية. 

تراجع بولندي؟

أما عن التراشق بين سياسيي البلدين، فقد نقلت وكالة الأنباء البولندية “بي إيه بي”، عن رئيس وزراء بولندا ماتيوش مورافيتسكي قوله “أريد أن أبلغ الرئيس الأوكراني أنه يتعين عليه ألا يهين البولنديين مرة أخرى كما فعل قبل بضعة أيام، في أثناء ظهوره في الأمم المتحدة”. 

وفي أعقاب انتقاد الرئيس الأوكراني علنًا لبلوندا في إشارة واضحة، دون أن يسميها، كتب رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي على وسائل التواصل الاجتماعي في اليوم التالي قائلًا: “لم نعد ننقل الأسلحة إلى أوكرانيا لأننا نقوم الآن بتسليح بولندا”. 

وتراجعت بولندا عن هذه التصريحات، وتعهدت بمواصلة إرسال الأسلحة، وفي محاولة تبريرية لاستدراك الموقف، قال الرئيس البولندي أندريه دودا إن كلمات رئيس وزرائه “فُسّرت بأسوأ طريقة ممكنة”.

الانتخابات وليست الحبوب أو الأسلحة  

يرى الخبير السياسي، بيوتر لوكاسيفيتش، من مجموعة بوليتيكا إنسايت للتحليل أن الأمر لا يرتبط بالحبوب ولا حتى بالأسلحة، لكنه يتعلق بشكل رئيس بالاتجاه العام والمشاعر السائدة لدى الناخبين المحافظين، وبطبيعة الحال، يعمل الحزب الحاكم على استغلال هذه الحالة.

وحسب ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن لوكاسيفيتش، فإن هذه الحالة تستند إلى الفكرة القائلة إن أوكرانيا لا تشكر بولندا على “دعمها السخي” بما يكفي.  

ماذا عن الدعم العسكري؟ 

أما في ما يتعلق بقضية الإمدادات العسكرية، فقد نقلت “سي إن إن”، عن مسؤول عسكري أوروبي، أن بولندا “ستواصل تقديم الأسلحة لأوكرانيا مهما كلف ذلك”، مردفًا كل هذا الحراك الانتخابي “بلا معنى” لأن المزارعين لطالما ذهبت أصواتهم لحزب القانون والعدالة (الحزب الحاكم).  

وحسب مسؤول في الناتو، تنقل عنه الشبكة الأمريكية: “ليس هناك من شك في أن بولندا ستواصل دعم أوكرانيا”، ووفق مسؤول آخر في الاتحاد الأوروبي “لبولندا مصلحة حيوية في انتصار أوكرانيا في هذه الحرب.. وإلا فإن عدوهم اللدود، الدب الروسي، سيكون أمامهم مباشرةً”، مستدركًا “لكن يتعين عليهم استعراض عضلاتهم قبل الانتخابات”.

وحسب مسؤول آخر في الاتحاد الأوروبي، فإن الحكومة البولندية تهاجم أيضًا الاتحاد إذا تماشى ذلك مع أجندتهم السياسية في “محاولة حثيثة لحشد الناخبين”، مضيفًا: “إذا لم يكن لديك شيء تقدمه تبدأ في إلقاء اللوم على عدو خارجي مُختلق بهدف التغطية على إخفاقاتك المحلية”. ولم تسمي الشبكة الأمريكية المسؤولين الذين نقلت عنهم. 

اقرأ أيضًا| تقرير: الأسابيع المقبلة تحدد أمن أوروبا ومستقبل أوكرانيا

اقرأ أيضًا|الرئيس الأوكراني يطالب بمحكمة خاصة للحرب.. هل من استجابة؟

ربما يعجبك أيضا