الجلوة العشائرية في الأردن .. وزير الداخلية في مواجهة قوى “الشد العكسي” ‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق
 
عمّان – على الرغم من عديد الدعوات والصيحات طوال السنوات الماضية، لوضع حد لمعضلة “الجلوة العشائرية” في الأردن، إلا أن محاولات وزير الداخلية سلامة حمّاد، باءت بالفشل أمام قوى الشد العكسي المعارضة لوأدها.
 
ويكافح وزير الداخلية الأردني منذ توليه منصب وزارة الداخلية، في نطاق التوجه الحكومي لإقرار “ميثاق شرف وطني” يهدف لإعادة تنظيم وضبط السلوكيات السلبية في العادات العشائرية، والتي هاجمها أكثر من مرة.
 
وخلال اجتماع أمني برلماني، ترأسه حمّاد اليوم الأربعاء، كشف خلاله عن وضع الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية، مشروع قانون لتنظيم الجلوات العشارية في الاردن، لكنه لم يقر بعد.
 
وكان المشروع بحسبه، ينص على أن تكون الجلوة بحق الجاني ووالده ونجله فقط من دون أن تشمل أقرباء الجاني حتى درجته الرابعة أو الخامسة في كثير من الحالات.
 
وباتت “الجلوة العشائرة” مسألة شائكة ومؤرقة داخل المجتمع الأردني “العشائري بطبعه” وبالرغم من حالة الإجماع على نكرانها، ثمة قوى شد عكسي أفشلت إلى الآن كل محاولات تأطيرها أو قوننتها.
 
وزادت الدعوات في المملكة، على وجوب معالجة القضايا العشائرية  في صيغة معينة تتوافق عليها جميع الجهات ذات الاختصاص، وتحديدا في قضايا القتل والعرض وتقطيع الوجه والمعروفة بـ”القضاء العشائري”.
 
ولا يفتأ وزير الداخلية الذي ينحدر من إحدى أكبر العشائر الأردنية وهي قبيلة بني صخر، عن مهاجمة بعض العادات العشائرية في المملكة، والتي تشهد في كثير من الأحيان تجاوزا للأصالة ومبادئ الشرع الحنيف سيما ما يتعلق بقضية “الجلوة”.
 
ترحيل حتى الجد الخامس
 
تعرف الجلوة العشائرية، بأنها “القيام بترحيل أهل الجاني وخمسته (أي حتى الجد الخامس) من المنطقة التي يسكنها إلى منطقة بعيدة عن أهل المجني عليه وذلك للمحافظة على أرواح وممتلكات أهل الجاني وعدم وقوع المشاكل وخاصة في الساعات الأولى من وقوع الجريمة والتي تسمى عند القبائل والعشائر (فورة الدم) ويتم ذلك من خلال تهدئة النفوس عند أهل المجني عليه وتعتبر الجلوة عقوبة عشائرية ضد الجاني وخمسته وخاصة أيام القبائل والعشائر قديماً.
 
وتتم الجلوة بـ”تكليف إحدى العشائر بأخذ عطوة عشائرية حسب العوائد المتبعة عند القبائل والعشائر وتكون هذه العشيرة هي المسؤولة عن حماية أهل الجاني من الاعتداء عليهم من قبل أهل المجني عليه ولحين التوصل إلى حل يرضي الجميع ، وتسمى هذه العشيرة هي (بصاحبة الوجه) أي ان أهل الجاني بوجه هذه العشيرة وهم بحمايتها حتى إتمام الصلح العشائري”.
 
ولا يمر شهر تقريبًا من دون وقوع جلوة عشائرية، حينما تقع جريمة قتل سيما في أوساط ومناطق العشائر، وقد مضى على بعض العائلات عشرات السنين من مغادرتهم منازلهم وأملاكهم وعجزت كل حلول إعادتهم لها.
 
ويتفق المعارضون للجلوة العشائرية، على أن الأردن، البلد الوحيد في العالم الذي ما زالت تطبق فيه الجلوة كما هو حالها الآن”.
 
ويرى كثير من أهل القانون في الأردن، أن الجلوة العشائرية اصبحت تشكل عبئاً على المجتمع الأردني برمته، لكثرة مشاكلها  الاقتصادية والاجتماعية والنفسية كونها تطال جميع أقرباء الجاني.
 
ويذهب البعض إلى اعتبار أن “الجلوة تشكل عقاباً جماعياً للجاني وأقاربه قبل إصدار الحكم وهذا فيه مساس بحقوق الأفراد من حيث التنقل والاستقرار”.
 
على النقيض من ذلك، يرى معارضون لإلغاء الجلوة، أن إيجابيات كثيرة فيها أبرزها حقن الدماء رغم ما يشوبها من أفعال سيئة مثل إحراق المنازل والاعتداء على الأموال الخاصة بعائلة الجاني.
 
تيار وطني ضد “الشد العكسي”
 
يعكف وزير الداخلية الأردني في هذه الأيام، على الالتقاء بوجوه بارزة من أبناء العشائر، في محاولة منه لكسر “قوى الشد العكسي” والإطاحة بها.
 
واللافت بحسب مراقبين، أن هذه القوىتمكنت من إحباط مشروع حماد لتنظيم القضاء العشائري منذ عام 2016، وإلى الآن، حيث لم تجري أي تطورات في ملف تأطيره القانوني.
 
وشرع حمّاد مؤخرًا، بتشكيل تيار وطني تشارك فيه وجوه عشائرية وأحزاب وقيادات أمنية نافذة من أصول عشائرية، للاتفاق على مشروع قانون يأمل أصحابه موافقته من قبل مجلس النواب المتشكل في معظم أعضائه من خلفيات عشائرية.
 
ومع أن الأردن ألغى القضاء العشائري سنة 1976، يلاحظ أنه لا يزال حاضراً وبقوة على الصعيد الاجتماعي، سيما في جرائم القتل.
 
وقبل أيام، وقع صلح عشائري في مدينة الكرك جنوبي الأردن، بعد سنوات من بقائه عالقًا على خلفية جريمة قتل.
 
وتوصل الصلح إلى تنازل ذوي القتيل وإسقاطهم جميع حقوقهم العشائرية والقانونية، ليتمكن ذوو الجاني من العودة الى مناطقهم وفقا لأعراف الجلوة العشائرية وبعد زمن من منع اقترابهم منها.

ربما يعجبك أيضا