الحرب أمامهم وقوارب الموت خلفهم .. من يُنقذ المهاجرين في ليبيا؟

دعاء عبدالنبي

إعداد: دعاء عبدالنبي

جريمة أقل ما يوصف عنها “جريمة حرب” بحسب المسؤولين، أكثر من 44 قتيلًا و130 جريحًا خلفته غارة جوية على مركز احتجاز المهاجرين الأفارقة قرب العاصمة الليبية طرابلس، معظمهم من الأفارقة الذين كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر المعابر البحرية من ليبيا، لكن حظهم العاثر جعلهم هدفًا أمام غارات طائرات حربية مجهولة، فباتوا مُحاصرين داخل مراكز إيواء تحتدم بالمعارك ومستقبل مجهول في قوارب الموت أملًا في الوصول إلى أوروبا.

جريمة حرب

لقي أكثر من 44 شخصًا في ليبيا مصرعهم وأُصيب 130 آخرين في غارة جوية على مركز يحتجز فيه مهاجرون معظمهم أفارقة قرب العاصمة طرابلس.

كانت طائرات حربية مجهولة قد شنت غارة جوية على المركز، الذي يوجد في ضاحية تاجوراء، بحسب تصريحات مسؤولون بالحكومة.

ويعتقد أن معظم القتلى من الأفارقة الذين كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا من خلال معابر ليبيا، حيث يحتجز الآلاف منهم في مراكز احتجاز تديرها الحكومة.

المتحدث باسم الإسعاف في طرابلس، قال إن “120 مهاجرًا كانوا محتجزين في الملجأ الذي أصابته الضربة إصابة مباشرة”، لافتًا إلى أن التقديرات المتاحة عن الضحايا “أولية وربما ترتفع الحصيلة”.

بدوره، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا إن الهجوم قد يُصل إلى أنه “جريمة حرب”، ودعا وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى وقف إعادة المهاجرين إلى ليبيا.

من جهتها، عبرت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن “قلقها البالغ من روايات عن وفاة لاجئين ومهاجرين”.

ووصفت منظمة أطباء بلا حدود في بيان ما حدث بأنه “مأساة مروعة كان يمكن تجنبها بسهولة.”

وتظهر صور نشرها مسؤولون ليبيون مهاجرين أفارقة وهم يتلقون العلاج في مستشفى بعد الضربة.

من المسؤول عن الغارة؟

عقب الحادث الأليم، تبادلت كل من حكومة الوفاق المُعترف بها دوليًا بقيادة فايز السراج، والقوات الموالية للجنرال خليفة حفتر، الاتهامات بتنفيذ الهجوم.

ولم تتضح حتى الآن الجهة التي تنتمي إليها الطائرات التي شنت الغارة.

من جانبها، اتهمت حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة ، قوات حفتر بشن غارات من الجو على المركز.

إلا أن قوات حفتر، التي تطلق على نفسها اسم الجيش الوطني الليبي، نفت أن تكون طائراتها هي التي نفذت الغارة.

ونقل عن متحدث باسمها قوله إن الميلشيات الموالية للحكومة هي التي قصفت الموقع.

وتعد تاجوراء، معقل للعديد من معسكرات الجيش الموالي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا، ويقاتل هذا الجيش القوات الموالية للجنرال حفتر التي تسعى منذ شهور للسيطرة على طرابلس.

ومع تبادل الاتهامات، قالت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة  إنه لا يمكنها تأكيد من الذي نفذ الضربة على مركز المهاجرين في طرابلس والذي كان يؤوي نحو 600 شخص، ودعت لإجراء تحقيق مستقل في الحادث.

إدانات دولية

عقب الغارة، دعت المسؤولة عن شؤون الاتحاد الأوروبي في منظمة هيومان رايتس ووتش لوتي ليخت إلى ضرورة وقف إرسال المهاجرين واللاجئين إلى ليبيا، وإجلاء الموجودين منهم في مراكز الاحتجاز بشكل طارئ.

من جهته، أدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد من جهته “بشدة” الغارة الجوية على المركز، وطالب بمحاسبة المسؤولين عن “هذه الجريمة الرهيبة”.

كما أعربت إيطاليا عن “استيائها” و”إدانتها الواضحة للقصف العشوائي على مواقع فيها مدنيين”، وطالبت بتوفير إجراءات جادة للحماية وخصوصًا نقل المهاجرين المتواجدين في مراكز ايواء إلى مناطق بعيدة عن المعارك.

الأمر نفسه، طالب به السفير البريطاني في ليبيا، مارتن رينولدز الذي دعا إلى ضرورة إغلاق مراكز إيواء المهاجرين القريبة من جبهات القتال فوراً ، داعياً إلى ضرورة إخراج جميع المدنيين منها بمن فيهم المهاجرون.

كما أدان أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، القصف الذي تعرض له مركز إيواء المهاجرين في بلدة تاجوراء الليبية، وعبر عن بالغ الأسى لسقوط عشرات القتلى والجرحى.

فيما أدانت وزارة الخارجية الفرنسية الغارة الجوية وقالت في بيان: “إثر هذه المأساة، تدعو فرنسا مجددًا الأطراف الى وقف التصعيد فورا ووقف المعارك”.

مصير مجهول للمهاجرين في ليبيا

لا شك أن الفوضى السياسية التي تعيشها ليبيا، ساهمت إلى حد كبير في تهريب الأشخاص من خلال عصابات مُحترفة استغلت وضع المهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا، ويدفعون من أجل ذلك آلاف الدولارات.

وبحسب ما أشارت إليه منظمات وجماعات حقوقية، فهناك أوضاع مزرية يتعرض لها المهاجرون في مراكز الاحتجاز، حيث ينتهي الأمر بكثير منهم، إلى اعتراض خفر السواحل الأوروبيون والليبيون لقواربهم.

وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مراراً عن قلقها على مصير نحو 3500 من المهاجرين واللاجئين “المعرّضين للخطر” لوجودهم في مراكز ايواء قرب مناطق المعارك المستمرة جنوب طرابلس.

جدير بالذكر أنه منذ اندلاع المعارك في ليبيا  سقط ما يقرب من 739 قتيلا وأُصيب أكثر من 4 آلاف بجروح، فيما وصل عدد النازحين إلى 94 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.

ورغم استمرار الفوضى، لا تزال ليبيا دولة عبور رئيسية للفارين من النزاعات وعدم الاستقرار من مناطق أخرى في إفريقيا والشرق الأوسط، ليبقى مصيرهم مجهولًا بين سندان الحرب المفتوحة في ليبيا وبين قوارب الموت التي لا يصل أغلبهم لأوروبا.

ربما يعجبك أيضا